حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15548محمد بن محمد بن عبيد الله ، ثنا
أحمد بن عيسى الوشاء ، ثنا
سعيد بن الحكم ، قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذا النون ، يقول : " بينا أنا أسير ، في بعض سياحتي ، فإذا أنا بصوت حزين كئيب موجع القلب - أسمع الصوت ولا أرى الشخص - وهو يقول :
سبحان مفني الدهور ، سبحان مخرب الدنيا ، سبحان مميت القلوب ، سبحان باعث من في القبور . فاتبعت الصوت فإذا أنا بنقب ، وإذا الصوت خارج من النقب وهو يقول : سبحان من لا يسع الخلق إلا سره ، سبحانك ما ألطفك بمن خالفك ، وأوفاك بعهدك ،
سبحانك ما أحلمك عمن عصاك وخالف أمرك . ثم قال : سيدي بحلمك نطقت ، وبفضلك تكلمت ، وما أنا والكلام بين يديه بما لا يستأهله قدري ، فيا إله من مضى قبلي ويا إله من يكون بعدي ، بالصالحين فألحقني ، ولأعمالهم فوفقني . ثم قال : أين الزهاد والعباد ؟ أين الذين شدوا مطاياهم إلى منازل معروفة ، وأعمال موصوفة ، نزل بهم الزمان فأبلاهم ، وحل بهم البلاء فأفناهم ، فهل أنتظر إلا مثل الذي حل بهم . ثم أقبل على ما كان فيه . فقلت : رجل عزفت نفسه عن كلام الناس ، فانصرفت وتركته باكيا " .
حدثنا أبي ، ثنا
أحمد بن محمد بن مصقلة ، ثنا
أبو عثمان ، قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذا النون ، يقول : "
أشد المريدين نفاقا من لحظ لحظة أو نطق بكلمة بلا حجة استبانها فيما بينه وبين ربه ، ثم سئل عن الحجة فعبر عن نفسه بحجة كان قبل
[ ص: 361 ] الفعل في الوقت غافلا " .
قال : وسمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذا النون ، وسأله رجل :
أي الأحوال أغلب على قلب العارف السرور والفرح أم الحزن والهموم ؟ فقال : " أوصلنا الله وإياكم إلى جميل ما نأمله منه ، والعلم في هذا عندي - والله أعلم - أنه ليس هناك حال يشار إليه دون حال ، ولا سبب دون سبب ، وأنا أضرب لك مثلا : اعلم رحمك الله أن مثل العارف في هذه الدار مثل رجل قد توج بتاج الكرامة وأجلس على سرير في بيت ، ثم علق من فوق رأسه سيف بشعره ، وأرسل على باب البيت أسدان ضاريان ، فالملك يشرف كل ساعة بعد ساعة على الهلاك والعطب فأنى له بالسرور والفرح على التمام ؟ وبالله التوفيق " .
حدثنا أبي ، ثنا
أحمد ، ثنا
سعيد ، قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذا النون ، يقول : - وسئل عن
الآفة التي يخدع بها المريد عن الله - ، فقال : " يريه الألطاف والكرامات والآيات . قيل له : يا
أبا الفيض : فبم يخدع قبل وصوله إلى هذه الدرجة ، قال : بوطء الأعقاب ، وتعظيم الناس له ، والتوسع في المجالس ، وكثرة الأتباع فنعوذ بالله من مكره وخدعه " .
قال : وسمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذا النون وسئل : ما
أساس قسوة القلب للمريد ؟ فقال : " ببحثه عن علوم رضى نفسه بتعليمها دون استعمالها والوصول إلى حقائقها " .
وقال : " لو أن الخلق عرفوا ذل أهل المعرفة في أنفسهم لحثوا التراب على رءوسهم وفي وجوههم . فقال رجل كان حاضرا في المجلس : رجل مؤيد . فذكرت
لطاهر المقدسي فقال : سقى الله
أبا الفيض ، حقا ما قال ، ولكني أقول : لو أبدى الله
نور المعرفة للزاهدين والعابدين والمحتجبين عنه بالأحوال لاحترقوا واضمحلوا وتلاشوا حتى كأن لم يكونوا . قال الرجل : فذكرت
لأحمد بن أبي الحواري فقال : أما
أبو الفيض عافاه الله فقال ذلك في وقت ذكره لنفسه ، وأما
طاهر فقال ذلك في وقت ذكره لربه ، وكل مصيب ، والله أعلم " .
حدثنا أبي ، ثنا
أحمد ، ثنا
سعيد ، قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذا النون ، يقول : " ثلاثة
علامات الخوف :
الورع عن الشبهات بملاحظة الوعيد ،
وحفظ اللسان مراقبة للتعظيم ، ودواء الكمد إشفاقا من غضب الحليم . وثلاثة من
أعمال الإخلاص : استواء المدح والذم من العامة ، ونسيان رؤيتهم في الأعمال نظرا إلى الله ، واقتضاء ثواب
[ ص: 362 ] العمل في الآخرة بحسن عفو الله في الدنيا بحسن المدحة ، وثلاثة من أعمال الكمال : ترك الجولان في البلدان ، وقلة الاغتباط لنعماه عند الامتحان ، وصفو النفس في السر والإعلان ، وثلاثة من أعمال اليقين : قلة المخالفة للناس في العشرة ، وترك المدح لهم في العطية ، والتنزه عن ذمهم في المنع والرزية . وثلاثة من
أعلام التوكل : نقض العلائق ، وترك التملق في السلائق ، واستعمال الصدق في الخلائق ، وثلاثة من
أعلام الصبر : التباعد عن الخلطاء في الشدة ، والسكون إليه مع تجرع غصص البلية ، وإظهار الغنى مع حلول الفقر بساحة المعيشة . وثلاثة من أعلام الحكمة : إنزال النفس من الناس كباطنهم ، ووعظهم على قدر عقولهم ليقوموا عنه بنفع حاضر . . . وثلاثة من
أعلام الزهد : قصر الأمل ، وحب الفقر ، واستغناء مع صبر . وثلاثة من أعلام العبادة :
حب الليل للسهر بالتهجد والخلوة ، وكراهة الصبح لرؤية الناس والغفلة ، والبدار بالصالحات مخافة الفتنة . وثلاثة من
أعلام التواضع : تصغير النفس معرفة بالعيب ، وتعظيم الناس حرمة للتوحيد ، وقبول الحق والنصيحة من كل أحد . وثلاثة من أعمال السخاء :
البذل للشيء مع الحاجة إليه ، وخوف المكافأة استقلالا للعطية ، والخوف على النفس استغناء لإدخال السرور على الناس . وثلاثة من أعلام
حسن الخلق : قلة الخلاف على المعاشرين ، وتحسين ما يرد عليه من أخلاقهم ، وإلزام النفس اللائمة فيما يختلفون فيه كفا عن معرفة عيوبهم . وثلاثة من
أعلام الرحمة للخلق : انزواء العقل للملهوفين ، وبكاء القلب لليتيم والمسكين ، وفقدان الشماتة بمصائب المسلمين ، وبذل النصيحة لهم متجرعا لمرارة ظنونهم ، وإرشادهم إلى مصالحهم وإن جهلوه وكرهوه . وثلاثة من
أعظم الاستغناء بالله :
التواضع للفقراء المتذللين ، والتعظم على الأغنياء المتكبرين ، وترك المعاشرة لأبناء الدنيا المستكبرين . وثلاثة من
أعلام الحياء : وجدان الأنس بفقدان الوحشة ، والامتلاء من الخلوة بإدمان التفكر ، واستشعار الهيبة بخالص المراقبة . وثلاثة من أعلام المعرفة : الإقبال على الله ، والانقطاع إلى الله ،
[ ص: 363 ] والافتخار بالله . وثلاثة من
أعلام التسليم : مقابلة القضاء بالرضا ، والصبر عند البلا ، والشكر عند الرخا " .
حدثنا
عثمان بن محمد ، ثنا
أبو بكر محمد بن أحمد البغدادي ، حدثني
عبد الله بن سهل ، قال : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذا النون فقلت : متى أعرف ربي ؟ قال : إذا كان لك جليسا ، ولم تر لنفسك سواه أنيسا ، قلت : فمتى أحب ربي ؟ قال : إذا كان ما أسخطه عندك أمر من الصبر ، قلت :
فمتى أشتاق إلى ربي ؟ قال : إذا جعلت الآخرة لك قرارا ، ولم تسم الدنيا لك مسكنا ودارا .
سمعت
أبا محمد بن حيان ، يقول : سمعت
عمر بن يحيى ، يقول : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذا النون ، يقول : " مكتوب في التوراة :
ملعون من ثقته إنسان مثله " .
سمعت
محمد بن إبراهيم ، يقول : سمعت
محمد بن ريان ، يقول : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذا النون ، يقول - وجاءه أصحاب الحديث ليسألوه عن الخطرات والوسواس - فقال : " أنا أتكلم في شيء من هذا ! فإن هذا يحدث
سلواني عن شيء من الصلاة والحديث " .
قال : ورأى
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذو النون علي خفا أحمر فقال : " انزع هذا يا بني فإنه شهوة ، ما لبسه النبي صلى الله عليه وسلم ، إنما
لبس النبي صلى الله عليه وسلم خفين أسودين ساذجين " .
سمعت
محمد بن إبراهيم ، يقول : سمعت
علي بن حاتم العثماني -
بمصر - ، يقول : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذا النون - وأومأ إلى موضع
بمصر - يقول : "
كأنك عن قليل ترى هذه المدينة عامرة ، وتخرج منها الخيل المحذفة وقوم عجم ، وعن قليل تراها خرابا ، قال
علي بن حاتم : ورأيناها عامرة ورأيناها خرابا " .
وسمعت ذا النون ، يقول : "
القرآن كلام الله " .
حدثنا
عبد الله بن محمد ، ثنا
عباس بن حمدان ، ثنا
أبو الحسن صاحب الشافعي ، قال : "
حضرت جنازة nindex.php?page=showalam&ids=15874ذي النون فرأيت الخفافيش تقع على نعشه وبدنه وتطير " .
حدثنا
محمد بن علي ، قال : سمعت
محمد بن زياد ، يقول : "
لما مات nindex.php?page=showalam&ids=15874ذو النون رأيت على جنازته طيورا خضراء فلا أدري أي شيء كان . ومات عندنا
[ ص: 364 ] بمصر فأمر أن يجعل قبره مع الأرض " .
حدثنا
أبو جعفر أحمد بن علي بن عبد الله بن حمدان -
بالكوفة - ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14526عبد الله بن محمد السمناني ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14608أبو يعقوب يوسف بن أحمد البغدادي المكفوف ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15874أبو الفيض بن إبراهيم المصري ذو النون - سنة خمس وأربعين ومائتين بسر من رأى - قال : " رأيت رجلا في برية يمشي حافيا وهو يقول : المحب مجروح الفؤاد لا راحة له ، قد زحزحت الجرحة الدواء وأزعج الدواء الداء ، فاجتمعا والقلب بينهما بحول يرتكض ، فسلمت عليه فقال لي : وعليك السلام يا
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذا النون . قلت : عرفتني قبل هذا ؟ قال : لا . قلت : فمن أين لك هذه الفراسة ؟ فقال : ممن يملكها ليست مني ، هو الذي
نور قلبي بالفراسة حتى عرفني إياك من غير معرفة سبقت لي ، يا
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذا النون ! قلبي عليل وجسمي مشغول وأنا سائح في البرية ، أسير فيها منذ عشرين سنة ما أعرف بيتا ولا يكنني سقف يسترني من الشمس إذا لظت ، ويحفظني من الرياح إذا هبت ، ويكلؤني من الحر والبرد جميعا ، فصف لي بعض ما أنا فيه إن كنت وصافا ، ثم جلس وجلست ، فقلت : القلب إذا كان عليلا جالت الأحزان والأسقام فيه ، ليس للقلب مع ما يجول من أصل الأسقام دواء ، وإن يستجلب الأحزان من استجلبها يطول سقمه ليشكوه ويشكو إليه ، فصرخ صرخة ، ثم قال : ما لي وللشكوى ؟ أما لو طالت البلوى حتى أصير رميما ما تحركت لي جارحة بالشكوى " .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذو النون : " فقلت : طرقت الفكرة في قلوب أهل الرضا فمالت بهم ميلة ، فزعزعت الجوى ، ودكدكت الضمير ، فاختلفا جميعا ، فالتويا فعرفتا طريق الرضا منهم بالألفة إليه ، فوهب لهم هبة ثم أتحفهم بتحفة الرضا ، فماجت في بحار قلوبهم موجة فهيجت منها اللذة ، لا بل هيجت منها هيجان اللذات ، فشخصت بالحلاوة التي أتحفت إلى من أتحفها ، فمرت تطير من جوف الجوى ، فأي طيران يكون أبهى من قلوب تطير إلى سيدها ؟ لقد هبت إليه بلا أجنحة تطير ، لقد مرت في الملكوت أسرع من هبوب الرياح ومن يردها وهو يدعوها إليه ، لقد فتح الباب حين هبت إليه طائرة فدخلت قبل أن تقرع الباب ، لقد مهد
[ ص: 365 ] لها مهادا ، فتنزهت في روح رياض قدسه فهي له ومعه . فقال : يا
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذا النون زدت الجرح قرحا ، وقتلت فأوجعت ، يا هذا ما صحبت صاحبا منذ صحبته أصحبك اليوم . قلت : فقم بنا . فقمنا جميعا نسير بلا زاد ، فلما وغلنا في البرية وطوينا ثلاثا ، فقال لي : قد جعت ؟ قلت : نعم ، قال :
فأقسم عليه حتى يطعمك ؟ قلت : لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا تسأله شيئا ، إن شاء أطعمك وإن شاء ترك . قال : فتبسم ، وقال : امض الآن فلقد أفيض علينا من أطايب الأطعمة ولذيذ الأشربة حتى دخلنا
مكة سالمين ، ثم فارقني وفارقته . قال
يوسف : فلقد رأيت
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذا النون كلما ذكره بكى وتأسف على صحبته " .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15548محمد بن محمد بن عبيد الله ، ثنا
نصر بن شافع المقدسي الزاهد ، ثنا
موسى بن علي الإخميمي ، قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذو النون : " وصف لي رجل
باليمن قد برز على المخالفين ، وسما على المجتهدين . وذكر لي باللب والحكمة ، ووصف لي بالتواضع والرحمة . قال : فخرجت حاجا فلما قضيت نسكي مضيت إليه لأسمع من كلامه ، وأنتفع بموعظته أنا وناس كانوا معي يطلبون منه مثل ما أطلب . وكان معنا شاب عليه سيما الصالحين ومنظر الخائفين ، وكان مصفار الوجه من غير مرض ، أعمش العينين من غير عمش ، ناحل الجسم من غير سقم ، يحب الخلوة ويأنس بالوحدة ، تراه أبدا كأنه قريب عهد بالمصيبة أو قد فدحته نائبة . فخرج إلينا فجلسنا إليه فبدأ الشاب بالسلام عليه وصافحه فأبدى له الشيخ البشر والترحيب فسلمنا عليه جميعا ، ثم بدأ الشاب بالكلام ، فقال : إن الله تعالى بمنه وفضله قد جعلك طبيبا لسقام القلوب ، ومعالجا لأوجاع الذنوب ، وبي جرح قد فعل ، وداء قد استكمل ، فإن رأيت أن تتلطف لي ببعض مراحمك ، وتعالجني برفقك ، فقال له الشيخ : سل ما بدا لك يا فتى . فقال له الشاب : يرحمك الله !
ما علامة الخوف من الله ؟ فقال : أن يؤمنه خوفه من كل خوف غير خوفه . ثم قال : يرحمك الله متى يتبين للعبد خوفه من ربه ؟ قال : إذا أنزل نفسه من الله بمنزلة السقيم ، فهو يحتمي من كل الطعام مخافة السقام ، ويصبر على مضض كل دواء مخافة طول الضنا . فصاح الفتى صيحة ، وقال : عافيت فأبلغت ، وعالجت فشفيت ، ثم بقي
[ ص: 366 ] باهتا ساعة لا يحير جوابا حتى ظننت روحه قد خرجت من بدنه ، ثم قال : يرحمك الله ! ما علامة المحب لله ؟ قال له : حبيبي إن درجة الحب رفيعة ، قال : فأنا أحب أن تصفها لي . قال : إن
المحبين لله شق لهم من قلوبهم فأبصروا بنور القلوب إلى عز جلال الله ، فصارت أبدانهم دنياوية ، وأرواحهم حجبية ، وعقولهم سماوية ، تسرح بين صفوف الملائكة كالعيان وتشاهد ملك الأمور باليقين ، فعبدوه بمبلغ استطاعتهم بحبهم له لا طمعا في جنة ولا خوفا من نار . قال : فشهق الفتى شهقة وصاح صيحة كانت فيها نفسه . قال : فانكب الشيخ عليه يلثمه وهو يقول : هذا مصرع الخائفين ، هذه درجة المجتهدين ، هذا أمان المتقين " .
حدثنا
أحمد بن المعلى الصفدي الوراق ، ثنا
أحمد بن محمد بن عيسى الرازي ، ثنا
يوسف بن الحسين ،
ومحمد بن أحمد ، قالا : سمعنا
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذا النون ، يقول : "
دارت رحى الإرادة على ثلاث : على الثقة بوعد الله ، والرضا ، ودوام قرع باب الله " .
حدثنا
أحمد ، ثنا
أحمد ، ثنا
يوسف ،
ومحمد ، قالا : سمعنا
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذا النون ، يقول : " طوبى لمن أنصف ربه عز وجل ، قيل : وكيف ينصف ربه ؟ قال : يقر له بالآفات في طاعاته ، وبالجهل في معصيته ، وإن آخذه بذنوبه رأى عدله ،
وإن غفر له رأى فضله ، وإن لم يتقبل منه حسناته لم يره ظالما لما معه من الآفات ، وإن قبلها رأى إحسانه لما جاد به من الكرامات " .
سمعت أبي يقول : سمعت
أبا الحسن الملطي ، يقول : سمعت أبا
عبد الله الجلاء يقول : " خرجت إلى شط نيل
مصر فرأيت امرأة تبكي وتصرخ فأدركها
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذو النون ، فقال لها : ما لك تبكين ؟ فقالت : كان ولدي وقرة عيني على صدري ، فخرج تمساح فاستلب مني ولدي . قال : فأقبل
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذو النون على صلاته
وصلى ركعتين ودعا بدعوات ، فإذا التمساح خرج من النيل والولد معه ودفعه إلى أمه ، قال
أبو عبد الله : فأخذته وأنا كنت أرى " .
حدثنا أبي ، ثنا
أبو الحسن بن أبان ، ثنا
أبو عثمان سعيد بن عثمان ، قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذا النون ، يقول : قال بعض الحكماء : "
ما خلص العبد لله إلا أحب أن يكون في حب لا يعرف " .
[ ص: 367 ] حدثنا
محمد بن إبراهيم ، قال : سمعت
عبد الحكم بن أحمد بن سلام ، يقول : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذا النون ، يقول : "
نعوذ بالله من النبطي إذا استعرب " .
سمعت
محمد بن إبراهيم ، يقول : سمعت
عبد الحكم بن أحمد بن سلام ، يقول : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذا النون ، يقول : " رأيت في برية موضعا له دندرة فإذا كتاب فيه مكتوب :
احذروا العبيد المعتقين والأحداث المتقربين ، والجند المتعبدين ، والنبط المستعربين " .
قال "
وكان nindex.php?page=showalam&ids=15874ذو النون رجلا نحيفا يعلوه حمرة ليس بأبيض اللحية " .
حدثنا
أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم ، ثنا
أحمد بن حمدان النيسابوري ، ثنا
عبد القدوس بن عبد الرحمن الشامي ، سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذا النون ، يقول : " إلهي إن أهل معرفتك لما أبصروا العافية ، ولمحوا بأبصارهم إلى منتهى العاقبة وأيقنوا بجودك وكرمك وابتدائك إياهم بنعمك ودللتهم على ما فيه نفعهم دونك ، إذ كنت متعاليا عن المضار والمنافع ،
استقلوا كثير ما قدموا من طاعتك واستصغروا عظيم ما اقترفوا من عبادتك ، واستلانوا ما استوعره غيرهم . بذلوا المجهود في طلب مرضاتك ، واستعظموا صغر التقصير في أداء شكرك ، وإن كان ليس شيء من التقصير في طاعتك ، بذل المجهود صغيرا كان عندهم ، فنحلت لذلك أبدانهم ، وتغيرت لذلك ألوانهم ، وخلت من غيرك قلوبهم ، واشتغلت بذكرك عقولهم وألسنتهم ، وانصرفت عن خلقك إليك همومهم ، وأنست وطابت بالخلوة فيك نفوسهم ، لا يمشون بين العباد إلا هونا ، وهم لا يسعون في طاعتك إلا ركضا .
إلهي ! فكما أكرمتهم بشرف هذه المنازل ، وأبحتهم رفعة هذه الفضائل ، اعقد قلوبنا بحبل محبتك ، ثم حولنا في ملكوت سماواتك وأرضك ، واستدرجنا إلى أقصى مرادك درجة درجة ، واسلك بنا مسلك أصفيائك منزلة منزلة ، واكشف لنا عن مكنون علمك حجابا حجابا ، حتى تنتهي إلى رياض الأنس ، وتجتني من ثمار الشوق إليك ، وتشرب من حياض معرفتك ، وتتنزه في بساتين نشر آلائك وتستنقع في غدران ذكر نعمائك ، ثم ارددها إلينا بطرف الفوائد ، وامددها بتحف الزوائد ، واجعل العيون منا فوارة بالعبرات ، والصدور منا محشوة بالحرقات ، واجعل قلوبنا من القلوب
[ ص: 368 ] التي سافرت إليك بالجوع والعطش ، واجعل أنفسنا من الأنفس التي زالت عن اختيارها لهيبتك ،
أحينا ما أحييتنا على طاعتك ، وتوفنا إذا توفيتنا على ملتك راضين مرضيين ، هداة مهديين مهتدين غير مغضوب علينا ولا ضالين " .
سمعت
أبا الحسن أحمد بن محمد بن مقسم يقول : سمعت
الحسن بن علي بن خلف ، يقول : سمعت
إسرافيل ، يقول : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذا النون ، يقول :
أموت وما ماتت إليك صبابتي ولا رويت من صرف حبك أوطاري
سمعت
أحمد بن محمد ، يقول : سمعت
الحسن بن علي ، يقول : سمعت
إسرافيل ، يقول : سمعت رجلا يسأل
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذا النون :
متى تصح عزلة الخلق ؟ فقال : " إذا قويت على عزلة النفس " .
حدثنا
أحمد بن محمد ، حدثني
أحمد بن عثمان المكي الصوفي ، عن أبيه ، قال : قال لنا
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذو النون المصري : " رأيت في التيه أسود
كلما ذكر الله ابيض لونه ، فقلت له : يا هذا إنه ليبدو عليك حال يغيرك ، فقال : إليك عني يا
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذا النون ، فإنه لو بدا عليك ما يبدو علي لجلت كما أجول ، ثم أنشأ يقول :
ذكرنا وما كنا نسينا فنذكر ولكن نسيم القرب يبدو فيبهر
فأحبابه طورا وأغدى به له إذا الحق عنه مخبر ومغبر
حدثنا
أحمد بن محمد ، قال : سمعت
الحسن بن علي ، يقول : سمعت
إسرافيل ، يقول : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذا النون ، يقول : " نظرت إلى رجل في
بيت المقدس قد استفرغه الوله فقلت له : ما الذي أثار منك ما أرى ؟ " قال :
ذهب الزهاد والعباد بصفو الإخلاص وبقيت في كدر الانتقاص ، فهل من دليل مرشد أو حكيم موقظ ؟ قال : وسمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذا النون ، يقول : " وقد مر به قوم على الدواب وأنا جالس معه فقال : هل ترى كنيفا على كنيف " .
حدثنا
محمد بن أحمد بن إبراهيم بن يزيد ، قال : سمعت
أحمد بن محمد بن عمر ، يقول : سمعت
سعيد بن عثمان الخياط ، يقول : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذا النون ، يقول وسأله رجل : يا
أبا الفيض رحمك الله ، من أراد التواضع كيف السبيل إليه ؟ فقال له : " افهم ما ألقي إليك ، من أراد إلى سلطان الله ذهب سلطان نفسه لأن النفوس كلها
[ ص: 369 ] حقيرة عند هيبته ، ومن أشرف التواضع أن لا ينظر إلى نفسه دون الله ، ومعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16010890 " من تواضع لله رفعه الله " يقول : من تذلل بالمسكنة والفقر إلى الله رفعه الله بعز الانقطاع إليه " .