المسألة الثانية : اعلم أن
الأمر بالمحافظة على الصلاة أمر بالمحافظة على جميع شرائطها، أعني طهارة البدن، والثوب، والمكان، والمحافظة على ستر العورة، واستقبال القبلة، والمحافظة على جميع أركان الصلاة، والمحافظة على الاحتراز عن جميع مبطلات الصلاة ، سواء كان ذلك من أعمال القلوب أو من أعمال اللسان، أو من أعمال الجوارح، وأهم الأمور في الصلاة رعاية النية ؛ فإنها هي المقصود الأصلي من الصلاة، قال تعالى : (
وأقم الصلاة لذكري ) [طه : 14] فمن أدى الصلاة على هذا الوجه كان محافظا على الصلاة وإلا فلا.
فإن قيل : المحافظة لا تكون إلا بين اثنين، كالمخاصمة، والمقاتلة، فكيف المعنى هاهنا؟
والجواب من وجهين :
أحدهما : أن هذه المحافظة تكون بين العبد والرب، كأنه قيل له : احفظ الصلاة ليحفظك الإله الذي أمرك بالصلاة ، وهذا كقوله : (
فاذكروني أذكركم ) [البقرة : 152] وفي الحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011946احفظ الله يحفظك " .
الثاني : أن تكون المحافظة بين المصلي والصلاة ، فكأنه قيل : احفظ الصلاة حتى تحفظك الصلاة، واعلم أن حفظ الصلاة للمصلي على ثلاثة أوجه :
الأول : أن
الصلاة تحفظه عن المعاصي، قال تعالى : (
إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) [العنكبوت : 45] فمن حفظ الصلاة حفظته الصلاة عن الفحشاء .
والثاني : أن
الصلاة تحفظه من البلايا والمحن، قال تعالى : (
واستعينوا بالصبر والصلاة ) [البقرة : 153] وقال تعالى : (
وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة ) [المائدة : 12] ومعناه : إني معكم بالنصرة والحفظ إن كنتم أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة .
والثالث : أن
الصلاة تحفظ صاحبها وتشفع لمصليها، قال تعالى : (
وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله ) [البقرة : 110] ولأن الصلاة فيها القراءة، والقرآن يشفع لقارئه، وهو شافع مشفع ، وفي الخبر : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011947إنه تجيء البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان فيشهدان ويشفعان " وأيضا في الخبر : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011948سورة الملك تصرف عن المتهجد بها عذاب القبر وتجادل عنه في الحشر وتقف في الصراط عند قدميه وتقول للنار : لا سبيل لك عليه " والله أعلم.