(
فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ) .
قوله تعالى : (
فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ) .
فيه مسائل :
المسألة الأولى : الاستمتاع في اللغة الانتفاع ، وكل ما انتفع به فهو متاع ، يقال : استمتع الرجل بولده ، ويقال فيمن مات في زمان شبابه : لم يتمتع بشبابه ، قال تعالى : (
ربنا استمتع بعضنا ببعض ) [ الأنعام : 128 ] ، وقال : (
أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها ) [ الأحقاف : 20 ] يعني تعجلتم الانتفاع بها ، وقال : (
فاستمتعتم بخلاقكم ) [ التوبة : 69 ] يعني بحظكم ونصيبكم من الدنيا ، وفي قوله : (
فما استمتعتم به منهن ) وجهان :
الأول : فما استمتعتم به من المنكوحات من جماع أو عقد عليهن ، فآتوهن أجورهن عليه ، ثم أسقط الراجع إلى " ما " لعدم الالتباس كقوله : (
إن ذلك لمن عزم الأمور ) [ الشورى : 43 ] فأسقط منه .
والثاني : أن يكون " ما " في قوله : (
ما وراء ذلكم ) بمعنى النساء و " من " في قوله : (
منهن ) للتبعيض ، والضمير في قوله : ( به ) راجع إلى لفظ ( ما ) لأنه واحد في اللفظ ، وفي قوله : (
فآتوهن أجورهن ) إلى معنى " ما " لأنه جمع في المعنى ، وقوله : (
أجورهن ) أي : مهورهن ، قال تعالى : (
ومن لم يستطع منكم طولا ) [ النساء : 25 ] إلى قوله : (
فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن ) [ النساء : 25 ] وهي المهور ، وكذا قوله : (
فآتوهن أجورهن ) ههنا ، وقال تعالى في آية أخرى : (
ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ) [ الممتحنة : 10 ] وإنما
سمي المهر أجرا لأنه بدل المنافع ، وليس ببدل من الأعيان ، كما سمي بدل منافع الدار والدابة أجرا ، والله أعلم .