[ ص: 64 ] (
الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا ) .
ثم قال تعالى : (
الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا ) .
الذين : نصب على الذم ، بمعنى أريد الذين ، أو رفع بمعنى هم الذين ، واتفق المفسرون على أن المراد بالذين يتخذون المنافقون ، وبالكافرين
اليهود ،
وكان المنافقون يوالونهم ، ويقول بعضهم لبعض : إن أمر محمد لا يتم ، فيقول اليهود : بأن العزة والمنعة لهم .
ثم قال تعالى : (
أيبتغون عندهم العزة ) قال
الواحدي : أصل العزة في اللغة : الشدة ، ومنه قيل للأرض الصلبة الشديدة : عزاز ، ويقال : قد استعز المرض على المريض : إذا اشتد مرضه وكاد أن يهلك ، وعز الهم : اشتد ، ومنه عز علي أن يكون كذا : بمعنى اشتد ، وعز الشيء : إذا قل حتى لا يكاد يوجد ؛ لأنه اشتد مطلبه ، واعتز فلان بفلان : إذا اشتد ظهره به ، وشاة عزوز : التي يشتد حلبها ويصعب ، والعزة : القوة منقولة من الشدة ؛ لتقارب معنييهما ، والعزيز : القوي المنيع بخلاف الذليل .
إذا عرفت هذا فنقول : إن المنافقين كانوا يطلبون العزة والقوة بسبب اتصالهم
باليهود ، ثم إنه تعالى أبطل عليهم هذا الرأي بقوله : (
فإن العزة لله جميعا ) .
فإن قيل : هذا كالمناقض لقوله : (
ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ) [المنافقون : 8] .
قلنا : القدرة الكاملة لله ، وكل من سواه فبإقداره صار قادرا ، وبإعزازه صار عزيزا ، فالعزة الحاصلة للرسول عليه الصلاة والسلام وللمؤمنين لم تحصل إلا من الله تعالى ، فكان الأمر عند التحقيق أن
العزة جميعا لله .