ثم قال تعالى : (
فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : الفاء في قوله : (
فيقسمان بالله ) للجزاء ، يعني : تحبسونهما فيقدمان لأجل ذلك الحبس على القسم .
المسألة الثانية : قوله : (
إن ارتبتم ) اعتراض بين القسم والمقسم عليه . والمعنى : إن ارتبتم في شأنهما واتهمتموهما فحلفوهما ، وبهذا يحتج من يقول الآية نازلة في
إشهاد الكفار ؛ لأن تحليف الشاهد المسلم غير مشروع ، ومن قال : الآية نازلة في حق المسلم ، قال : إنها منسوخة ، وعن
علي عليه السلام أنه كان
يحلف الشاهد والراوي عند التهمة .
المسألة الثالثة : قوله : (
لا نشتري به ثمنا ) يعني يقسمان بالله أنا لا نبيع عهد الله بشيء من الدنيا قائلين : لا نشتري به ثمنا ، وهو كقوله : (
إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ) [آل عمران : 77] أي لا نأخذ ولا نستبدل ، ومن باع شيئا فقد اشترى ثمنه ، وقوله : (
ولو كان ذا قربى ) أي لا نبيع عهد الله بشيء من الدنيا ، ولو كان ذلك الشيء حبوة ذي قربى أو نفسه ، وخص ذا القربى بالذكر لأن الميل إليهم أتم والمداهنة بسببهم أعظم ، وهو كقوله : (
كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين ) [النساء : 135] .