أما قوله تعالى : (
فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين ) .
ففيه مسألتان :
المسألة الأولى : يقال : بزغ القمر إذا ابتدأ في الطلوع ، وبزغت الشمس إذا بدأ منها طلوع ، ونجوم بوازغ . قال
الأزهري : كأنه مأخوذ في البزغ وهو الشق كأنه بنوره يشق الظلمة شقا ، ومعنى الآية أنه اعتبر في القمر مثل ما اعتبر في الكوكب .
المسألة الثانية : دل قوله : (
لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين ) على أن
الهداية ليست إلا من الله تعالى . ولا يمكن حمل لفظ الهداية على التمكن وإزاحة الأعذار ونصب الدلائل ؛ لأن كل ذلك كان حاصلا ، فالهداية التي كان يطلبها بعد حصول تلك الأشياء لا بد وأن تكون زائدة عليها .
واعلم أن كون
إبراهيم - عليه السلام - على مذهبنا أظهر من أن يشتبه على العاقل ؛ لأنه في هذه الآية أضاف الهداية إلى الله تعالى ، وكذا في قوله : (
الذي خلقني فهو يهدين ) [الشعراء : 78] وكذا في قوله : (
واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ) [إبراهيم : 35] .