(
قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين )
قوله تعالى : (
قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين ) .
اعلم أن
النسوة لما قلن في امرأة العزيز قد شغفها حبا إنا لنراها في ضلال مبين ، عظم ذلك عليها فجمعتهن (
فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن ) فعند ذلك ذكرت أنهن باللوم أحق لأنهن بنظرة واحدة لحقهن أعظم مما نالها مع أنه طال مكثه عندها .
فإن قيل : فلم قالت : (
فذلكن ) مع أن
يوسف عليه السلام كان حاضرا ؟
والجواب عنه من وجوه :
الأول : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : أشارت بصيغة ذلكن إلى
يوسف بعد انصرافه من المجلس .
والثاني وهو الذي ذكره صاحب الكشاف وهو أحسن ما قيل : أن النسوة كن يقلن إنها عشقت عبدها الكنعاني ، فلما رأينه ووقعن في تلك الدهشة قالت : هذا الذي رأيتموه هو ذلك العبد الكنعاني الذي لمتنني فيه ، يعني : أنكن لم تتصورنه حق تصوره ولو حصلت في خيالكن صورته لتركتن هذه الملامة .
واعلم أنها لما أظهرت عذرها عند النسوة في شدة محبتها له كشفت عن حقيقة الحال فقالت : (
ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ) .
واعلم أن هذا تصريح بأنه عليه السلام كان بريئا عن تلك التهمة ، وعن
السدي أنه قال : (
فاستعصم ) بعد حل السراويل . وما الذي يحمله على إلحاق هذه الزيادة الفاسدة الباطلة بنص الكتاب ! .
ثم قال : (
ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين ) والمراد أن
يوسف عليه السلام إن لم يوافقها على مرادها يوقع في السجن وفي الصغار ، ومعلوم أن التوعد بالصغار له تأثير عظيم في حق من كان رفيع النفس عظيم الخطر مثل
يوسف عليه السلام ، وقوله : (
وليكونن ) كان
حمزة والكسائي يقفان على " وليكونا " بالألف ، وكذلك قوله : (
لنسفعن ) ، والله أعلم .