(
من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون ) .
قوله تعالى : (
من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون ) .
اعلم أنه تعالى لما عظم تهديد الكافرين ذكر في هذه الآية تفصيلا في بيان من
يكفر بلسانه لا بقلبه ، ومن
يكفر بلسانه وقلبه معا ، وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى : قوله : (
من كفر بالله من بعد إيمانه ) مبتدأ ، خبره غير مذكور ؛ فلهذا السبب اختلف المفسرون وذكروا فيه وجوها :
الأول : أن يكون قوله : (
من كفر ) بدلا من قوله : (
الذين لا يؤمنون بآيات الله )
[ ص: 97 ] والتقدير : إنما يفتري من كفر بالله من بعد إيمانه ، واستثنى منهم المكره ، فلم يدخل تحت حكم الافتراء ، وعلى هذا التقدير : فقوله : (
وأولئك هم الكاذبون ) اعتراض وقع بين البدل والمبدل منه .
الثاني : يجوز أيضا أن يكون بدلا من الخبر الذي هو الكاذبون ، والتقدير : وأولئك هم من كفر بالله من بعد إيمانه .
والثالث : يجوز أن ينتصب على الذم ، والتقدير : وأولئك هم الكاذبون ؛ أعني من كفر بالله من بعد إيمانه ، وهو أحسن الوجوه عندي وأبعدها عن التعسف .
والرابع : أن يكون قوله : (
من كفر بالله من بعد إيمانه ) شرطا مبتدأ ، ويحذف جوابه ؛ لأن جواب الشرط المذكور بعده يدل على جوابه ؛ كأنه قيل : من كفر بالله من بعد إيمانه فعليهم غضب من الله ، إلا من أكره (
ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ) .