المسألة الخامسة : اختلفوا في أن
المراد من قوله : ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ) كل الملائكة أو بعضهم ، فروى
الضحاك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه سبحانه وتعالى إنما قال هذا القول للملائكة الذين كانوا محاربين مع إبليس ، لأن الله تعالى لما أسكن الجن الأرض فأفسدوا فيها وسفكوا الدماء وقتل بعضهم بعضا ، بعث الله إبليس في جند من الملائكة فقتلهم إبليس بعسكره حتى أخرجوهم من الأرض ، وألحقوهم بجزائر البحر فقال تعالى لهم : (
إني جاعل في الأرض خليفة ) . وقال الأكثرون من الصحابة والتابعين : إنه تعالى قال ذلك لجماعة الملائكة من غير تخصيص ؛ لأن لفظ الملائكة يفيد العموم فيكون التخصيص خلاف الأصل .
المسألة السادسة : جاعل من جعل الذي له مفعولان دخل على المبتدأ والخبر وهما قوله : (
في الأرض خليفة ) فكانا مفعولين ، ومعناه مصير في الأرض خليفة .
المسألة السابعة : الظاهر أن الأرض التي في الآية جميع الأرض من المشرق إلى المغرب ، وروى
عبد الرحمن بن سابط عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
دحيت الأرض من مكة وكانت الملائكة تطوف بالبيت ، وهم أول من طاف به ، وهو في الأرض التي قال الله تعالى : ( إني جاعل في الأرض خليفة ) والأول أقرب إلى الظاهر .
المسألة الثامنة : الخليفة من يخلف غيره ويقوم مقامه ، قال الله تعالى : (
ثم جعلناكم خلائف في الأرض ) [يونس : 14] . (
واذكروا إذ جعلكم خلفاء ) [الأعراف : 69] فأما أن المراد بالخليفة من ؟ ففيه قولان :
أحدهما : أنه
آدم عليه السلام . وقوله : (
أتجعل فيها من يفسد فيها ) المراد ذريته لا هو .
والثاني : أنه ولد
آدم ، أما الذين قالوا : المراد
آدم عليه السلام فقد اختلفوا في أنه تعالى لم سماه خليفة ؟ وذكروا فيه وجهين : الأول : بأنه تعالى لما نفى الجن من الأرض وأسكن
آدم الأرض كان
آدم عليه السلام خليفة لأولئك الجن الذين تقدموه ، يروى ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
الثاني : إنما سماه الله خليفة ؛ لأنه يخلف الله في الحكم بين المكلفين من خلقه وهو المروي عن
ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
والسدي ، وهذا الرأي متأكد بقوله : (
إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ) [ص : 26] أما الذين قالوا : المراد ولد
آدم ، فقالوا : إنما سماهم خليفة ؛ لأنهم يخلف بعضهم بعضا ، وهو قول
الحسن ويؤكده قوله : (
وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ) [الأنعام : 165] ، والخليفة اسم يصلح للواحد والجمع كما يصلح للذكر والأنثى ، وقرئ خليقة بالقاف ، فإن قيل : ما الفائدة في أن قال الله تعالى للملائكة : (
إني جاعل في الأرض خليفة ) مع أنه منزه عن الحاجة إلى المشورة ؟ والجواب من وجهين : الأول : أنه تعالى علم أنهم إذا اطلعوا على ذلك السر أوردوا عليه ذلك السؤال ، فكانت المصلحة تقتضي إحاطتهم بذلك الجواب ، فعرفهم هذه الواقعة لكي يوردوا ذلك السؤال ويسمعوا ذلك الجواب .
الوجه الثاني : أنه تعالى علم عباده المشاورة .