(
فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون فلما أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملئه إنهم كانوا قوما فاسقين )
قوله تعالى : (
فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون فلما أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن ياموسى إني أنا الله رب العالمين وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب ياموسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملئه إنهم كانوا قوما فاسقين )
اعلم أنه
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "تزوج صغراهما ، وقضى أوفاهما " أي قضى أوفى الأجلين . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : قضى الأجل عشر سنين ، ومكث بعد ذلك عنده عشر سنين ، وقوله : (
فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله )
[ ص: 209 ] (
آنس ) يدل على أن ذلك الإيناس حصل عقيب مجموع الأمرين ، ولا يدل على أنه حصل عقيب أحدهما ، وهو قضاء الأجل ، فبطل ما قاله القاضي من أن ذلك يدل على أنه لم يزد عليه , وقوله : (
وسار بأهله ) ليس فيه دلالة على أنه خرج منفردا معها وقوله : (
امكثوا ) فيه دلالة على الجمع .
أما قوله : (
إني آنست نارا ) فقد مر تفسيره في سورة طه والنمل .
أما قوله : (
لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون ) ففيه أبحاث :
الأول : قال صاحب "الكشاف" : الجذوة
باللغات الثلاث ، وقد قرئ بهن جميعا ، وهو العود الغليظ كانت في رأسه نار أو لم تكن ، قال
الزجاج : الجذوة القطعة الغليظة من الحطب .
الثاني : قد حكينا في سورة طه : إنه أظلم عليه الليل في الصحراء ، وهبت ريح شديدة فرقت ماشيته وضل وأصابهم مطر ، فوجدوا بردا شديدا ، فعنده أبصر نارا بعيدة ، فسار إليها يطلب من يدله على الطريق ، وهو قوله : (
آتيكم منها بخبر ) أو آتيكم من هذه النار بجذوة من الحطب لعلكم تصطلون ، وفي قوله : (
لعلي آتيكم منها بخبر ) دلالة على أنه ضل وفي قوله : (
لعلكم تصطلون ) دلالة على البرد .
أما قوله : (
فلما أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن ياموسى إني أنا الله رب العالمين ) فاعلم أن شاطئ الوادي جانبه ، وجاء النداء عن يمين
موسى من شاطئ الوادي من قبل الشجرة ، وقوله : (
من الشجرة ) بدل من قوله : (
من شاطئ الوادي ) بدل الاشتمال ؛ لأن الشجرة كانت نابتة على الشاطئ ، كقوله : (
لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم ) ( الزخرف : 33 ) وإنما وصف البقعة بكونها مباركة ؛ لأنه حصل فيها ابتداء الرسالة وتكليم الله تعالى إياه .