(
ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا ) ثم قال تعالى : (
ولمن دخل بيتي مؤمنا ) قيل : مسجدي ، وقيل : سفينتي ، وقيل : لمن دخل في ديني ، فإن قيل : فعلى هذا التفسير يصير قوله ( مؤمنا ) مكررا ، قلنا : إن من دخل في دينه ظاهرا ، قد يكون مؤمنا بقلبه ، وقد لا يكون ، والمعنى ولمن دخل في ديني دخولا مع تصديق القلب .
ثم قال تعالى : (
وللمؤمنين والمؤمنات ) إنما
خص نفسه أولا بالدعاء ثم المتصلين به ؛ لأنهم أولى وأحق بدعائه, ثم عم المؤمنين والمؤمنات .
ثم ختم الكلام مرة أخرى
بالدعاء على الكافرين فقال : (
ولا تزد الظالمين إلا تبارا ) أي : هلاكا ودمارا, وكل شيء أهلك فقد تبر ، ومنه قوله : (
إن هؤلاء متبر ما هم فيه ) [الأعراف : 139] وقوله : (
وليتبروا ما علوا تتبيرا ) [الإسراء : 7] فاستجاب الله دعاءه فأهلكهم بالكلية ، فإن قيل :
ما جرم الصبيان حين أغرقوا ؟ والجواب من وجوه :
الأول : أن الله تعالى أيبس أصلاب آبائهم وأعقم أرحام نسائهم قبل الطوفان بأربعين سنة أو تسعين, فلم يكن معهم صبي حين أغرقوا ، ويدل عليه قوله : (
استغفروا ربكم ) إلى قوله : (
ويمددكم بأموال وبنين ) وهذا يدل بحسب المفهوم على أنهم إذا لم يستغفروا فإنه تعالى لا يمددهم بالبنين .
الثاني : قال
الحسن : علم الله براءة الصبيان فأهلكهم بغير عذاب .
الثالث : غرقوا معهم لا على وجه العقاب بل كما يموتون بالغرق والحرق, وكان ذلك زيادة في عذاب الآباء والأمهات إذا أبصروا أطفالهم يغرقون, والله سبحانه وتعالى أعلم . والحمد لله رب العالمين, وصلاته وسلامه على سيدنا
محمد النبي وآله وصحبه أجمعين .