(
ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون )
قوله تعالى : (
ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون )
اعلم أن الضمير عائد إلى
اليهود الذين تقدم ذكرهم ، فإنه تعالى لما بين فيهم الوعيد بقوله : (
ولبئس ما شروا به ) أتبعه بالوعد جامعا بين الترهيب والترغيب ؛ لأن الجمع بينهما أدعى إلى الطاعة والعدول عن المعصية .
أما قوله تعالى : (
آمنوا ) فاعلم أنه تعالى لما قال : (
نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم ) ثم وصفهم بأنهم اتبعوا ما تتلو الشياطين ، وأنهم تمسكوا بالسحر . قال من بعد : (
ولو أنهم آمنوا ) يعني : بما نبذوه من كتاب الله . فإن حملت ذلك على القرآن جاز ، وإن حملته على كتابهم المصدق للقرآن جاز ؛ وإن حملته على الأمرين جاز ،
والمراد من التقوى الاحتراز عن فعل المنهيات وترك المأمورات .
أما قوله تعالى : (
لمثوبة من عند الله خير ) ففيه وجوه :
أحدها : أن الجواب محذوف ، وتقديره : ولو أنهم آمنوا واتقوا لأثيبوا إلا أنه تركت الجملة الفعلية إلى هذه الاسمية لما في الجملة من الدلالة على ثبات المثوبة واستقرارها . فإن قيل : هلا قيل : لمثوبة الله خير ؟ قلنا : لأن المراد : لشيء من ثواب الله خير لهم .
وثانيها : يجوز أن يكون قوله : (
ولو أنهم آمنوا ) تمنيا لإيمانهم على سبيل المجاز عن إرادة الله إيمانهم ، كأنه قيل : وليتهم آمنوا ، ثم ابتدأ : لمثوبة من عند الله خير .