(
فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد )
ثم قال تعالى : (
فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد ) وفيه مسألتان :
[ ص: 160 ]
المسألة الأولى : قراءة العامة " يعذب " و " يوثق " بكسر العين فيهما ، قال
مقاتل : معناه : فيومئذ
لا يعذب عذاب الله أحد من الخلق ولا يوثق وثاق الله أحد من الخلق ، والمعنى لا يبلغ أحد من الخلق كبلاغ الله في العذاب والوثاق ، قال
أبو عبيدة : هذا التفسير ضعيف لأنه ليس يوم القيامة معذب سوى الله فكيف يقال : لا يعذب أحد في مثل عذابه ، وأجيب عن هذا الاعتراض من وجوه :
الأول : أن التقدير لا يعذب أحد في الدنيا عذاب الله الكافر يومئذ ، ولا يوثق أحد في الدنيا وثاق الله الكافر يومئذ ، والمعنى : مثل عذابه ووثاقه في الشدة والمبالغة .
الثاني : أن المعنى لا يتولى يوم القيامة عذاب الله أحد ، أي : الأمر يومئذ أمره ولا أمر لغيره .
الثالث : وهو قول
أبي علي الفارسي : أن يكون التقدير لا يعذب أحد من الزبانية مثل ما يعذبونه ، فالضمير في عذابه عائد إلى الإنسان ، وقرأ
الكسائي : لا يعذب ولا يوثق بفتح العين فيها واختاره أبو عبيدة ، وعن
أبي عمرو أنه رجع إليها في آخر عمره ، لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأهما بالفتح ، والضمير للإنسان الموصوف ، وقيل : هو
أبي بن خلف ولهذه القراءة تفسيران :
أحدهما : لا يعذب أحد مثل عذابه ولا يوثق بالسلاسل والأغلال مثل وثاقه ، لتناهيه في كفره وفساده .
والثاني : أنه لا يعذب أحد من الناس عذاب الكافر ، كقوله : (
ولا تزر وازرة وزر أخرى ) [ الأنعام : 164 ] قال الواحدي وهذه أولى الأقوال .
المسألة الثانية : العذاب في القراءتين بمعنى التعذيب والوثاق بمعنى الإيثاق ، كالعطاء بمعنى الإعطاء في قوله :
أكفرا بعد رد الموت عن وبعد عطائك المائة الرتاعا