أما قوله تعالى : (
لهم في الدنيا خزي ) فقد اختلفوا في الخزي ، فقال بعضهم :
ما يلحقهم من الذل بمنعهم من المساجد ، وقال آخرون : بالجزية في حق أهل الذمة ، وبالقتل في حق أهل الحرب ، واعلم أن كل ذلك محتمل ، فإن الخزي لا يكون إلا ما يجري مجرى العقوبة من الهوان والإذلال ، فكل ما هذه صفته يدخل تحته ، وذلك ردع من الله تعالى عن ثباتهم على الكفر ؛ لأن الخزي الحاضر يصرف عن التمسك بما يوجبه ويقتضيه ، وأما العذاب العظيم فقد وصفه الله تعالى بما جرى مجرى النهاية في المبالغة ؛ لأن الذين قدم ذكرهم وصفهم بأعظم الظلم ، فبين أنهم يستحقون العقاب العظيم ، وفي الآية مسألتان :
المسألة الأولى : في أحكام المساجد ، وفيه وجوه :
الأول : في بيان
فضل المساجد ، ويدل عليه القرآن والأخبار والمعقول ، أما القرآن فآيات :
أحدها : قوله تعالى : (
وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ) [ الجن : 18 ] . أضاف المساجد إلى ذاته بلام الاختصاص ، ثم أكد ذلك الاختصاص بقوله : (
فلا تدعوا مع الله أحدا ) .
وثانيها : قوله تعالى : (
إنما يعمر )
[ ص: 12 ] (
مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر ) [ التوبة : 18 ] فجعل
عمارة المسجد دليلا على الإيمان ، بل الآية تدل بظاهرها على حصر الإيمان فيهم ؛ لأن كلمة " إنما " للحصر .
وثالثها : قوله تعالى : (
في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال ) [ النور : 36 ] .
ورابعها : هذه الآية التي نحن في تفسيرها ، وهي قوله تعالى : (
ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه ) فإن ظاهرها يقتضي أن يكون
الساعي في تخريب المساجد أسوأ حالا من المشرك ؛ لأن قوله : (
ومن أظلم ) يتناول المشرك ؛ لأنه تعالى قال : (
إن الشرك لظلم عظيم ) فإذا كان الساعي في تخريبه في أعظم درجات الفسق وجب أن يكون الساعي في عمارته في أعظم درجات الإيمان . وأما الأخبار :
فأحدها : ما روى الشيخان في صحيحيهما أن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أراد بناء المسجد فكره الناس ذلك ، وأحبوا أن يدعه ، فقال
عثمان رضي الله عنه : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011571من بنى لله مسجدا بنى الله له كهيئته في الجنة " . وفي رواية أخرى : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011572بنى الله له بيتا في الجنة " .
وثانيها : ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة أنه عليه الصلاة والسلام قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011573أحب البلاد إلى الله تعالى مساجدها ، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها " ، واعلم أن هذا الخبر تنبيه على ما هو السر العقلي في تعظيم المساجد ، وبيانه : أن الأمكنة والأزمنة إنما تتشرف بذكر الله تعالى ، فإذا كان المسجد مكانا لذكر الله تعالى حتى إن الغافل عن ذكر الله إذا دخل المسجد اشتغل بذكر الله ، والسوق على الضد من ذلك ؛ لأنه موضع البيع والشراء والإقبال على الدنيا ، وذلك مما يورث الغفلة عن الله والإعراض عن التفكر في سبيل الله ، حتى إن ذاكر الله إذا دخل السوق فإنه يصير غافلا عن ذكر الله - لا جرم كانت المساجد أشرف المواضع ، والأسواق أخس المواضع .
الثاني : في
فضل المشي إلى المساجد :
( أ ) عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال عليه الصلاة والسلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011574من تطهر في بيته ، ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله ، كانت خطواته إحداها تحط خطيئته ، والأخرى ترفع درجته " ، رواه
مسلم .
( ب )
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة قال : قال عليه الصلاة والسلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011575من غدا أو راح إلى المسجد أعد الله له في الجنة منزلا كلما غدا أو راح " أخرجاه في الصحيح .
( ج )
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011576كان رجل ما أعلم أحدا من أهل المدينة ممن يصلي إلى القبلة أبعد منزلا منه من المسجد ، وكان لا تخطئه الصلوات مع الرسول عليه السلام ، فقيل له : لو اشتريت حمارا لتركبه في الرمضاء والظلماء ، فقال : والله ما أحب أن منزلي بلزق المسجد ، فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك فسأله ، فقال : يا رسول الله ، كيما يكتب أثري وخطاي ورجوعي إلى أهلي وإقبالي وإدباري ، فقال عليه الصلاة والسلام : " لك ما احتسبت أجمع " ، أخرجه
مسلم .
( د )
جابر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011577خلت البقاع حول المسجد فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا إلى قرب المسجد ، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لهم : " إنه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا إلى قرب المسجد ، فقالوا : نعم ، قد أردنا ذلك ، قال : يا بني سلمة ، دياركم تكتب آثاركم " ، رواه
مسلم . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري : أن هذه الآية نزلت في حقهم : (
إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم ) [ يس : 12 ] .
( هـ ) عن
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011578إن أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم إلى المسجد مشيا ، والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام في جماعة أعظم أجرا ممن يصليها ثم ينام " أخرجاه في الصحيح .
( و )
nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر الجهني أنه عليه السلام قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011579إذا تطهر الرجل ثم مر إلى المسجد يرعى الصلاة ، كتب له كاتبه أو كاتباه بكل خطوة يخطوها إلى المسجد عشر حسنات ، والقاعد الذي يرعى الصلاة كالقانت ، ويكتب من المصلين من حين يخرج من بيته حتى يرجع " .
( ز ) عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب قال : حضر رجلا من
الأنصار الموت ، فقال لأهله : من في البيت ؟ فقالوا :
[ ص: 13 ] أهلك ، وأما إخوتك وجلساؤك ففي المسجد ، فقال : ارفعوني ، فأسنده رجل منهم إليه ، ففتح عينيه وسلم على القوم ، فردوا عليه ، وقالوا له : خيرا . فقال : إني مورثكم اليوم حديثا ما حدثت به أحدا منذ سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - احتسابا ، وما أحدثكموه اليوم إلا احتسابا ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011580من توضأ في بيته فأحسن الوضوء ، ثم خرج إلى المسجد يصلي في جماعة المسلمين ، لم يرفع رجله اليمنى إلا كتب الله له بها حسنة ، ولم يضع رجله اليسرى إلا حط الله عنه بها خطيئة حتى يأتي المسجد ، فإذا صلى بصلاة الإمام انصرف وقد غفر له ، فإن هو أدرك بعضها وفاته بعض ، كان كذلك " .
( ح ) عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنه عليه السلام قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011581من توضأ فأحسن وضوءه ، ثم راح فوجد الناس قد صلوا ، أعطاه الله مثل أجر من صلاها وحضرها ، ولم ينقص ذلك من أجرهم شيئا " .
( ط )
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة قال عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011582ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، فذلكم الرباط فذلكم الرباط " رواه
مسلم .
( ي )
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011583قال nindex.php?page=showalam&ids=12031أبو سلمة بن عبد الرحمن لداود بن صالح : هل تدري فيم نزلت : ( ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا ) [ آل عمران : 200 ] قال : قلت : لا يا ابن أخي ، قال : سمعت أبا هريرة يقول : لم يكن في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - غزو يرابط فيه ، ولكن انتظار الصلاة بعد الصلاة . ( يا )
بريدة ، قال عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011584بشر المشائين في الظلم إلى المسجد بالنور التام يوم القيامة " ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي : كانوا يرون المشي إلى المسجد في الليلة المظلمة موجبة .
( يب ) قال
الأوزاعي : كان يقال : خمس كان عليها أصحاب
محمد عليه السلام والتابعون بإحسان : لزوم الجماعة واتباع السنة ، وعمارة المسجد ، وتلاوة القرآن ، والجهاد في سبيل الله . ( يج )
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة قال عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011585من بنى لله بيتا يعبد الله فيه من مال حلال - بنى الله له بيتا في الجنة من در وياقوت " . ( يد )
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبو ذر ، قال عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011586من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة - بنى الله له بيتا في الجنة " . ( يه )
أبو سعيد الخدري : قال عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011587إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان ، فإن الله تعالى قال : ( إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر ) " [ التوبة : 18 ] . ( يو ) عن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم قالوا : إن المساجد بيوت الله ، وإنه لحق على الله أن يكرم من زاره فيها . ( يز )
أنس ، قال عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011588إن عمار بيوت الله هم أهل بيوت الله " . ( يح )
أنس ،
قال عليه السلام : " يقول الله تعالى : كأني لأهم بأهل الأرض عذابا ، فإذا نظرت إلى عمار بيوتي والمتحابين في ، وإلى المستغفرين بالأسحار صرفت عنهم " . ( يط ) عن
أنس : قال عليه السلام : "
إذا أنزلت عاهة من السماء صرفت عن عمار المساجد " . ( ك ) كتب
سلمان إلى
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء : يا أخي ، ليكن بيتك المساجد ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011591المسجد بيت كل تقي ، وقد ضمن الله لمن كانت المساجد بيوتهم بالروح والرحمة ، والجواز على الصراط إلى رضوان الله تعالى " .
( كا ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : عن
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام : إن للمساجد أوتادا من الناس ، وإن لهم جلساء من الملائكة ، فإذا فقدوهم سألوا عنهم ، وإن كانوا مرضى عادوهم ، وإن كانوا في حاجة أعانوهم . ( كب )
الحسن ، قال عليه السلام : "
يأتي على الناس زمان يكون حديثهم في مساجدهم في أمر دنياهم فلا تجالسوهم ، فليس لله فيهم حاجة " . ( كج )
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : قال عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011593إن للمنافقين علامات يعرفون بها ، تحيتهم لعنة ، وطعامهم نهبة ، وغنيمتهم غلول ، لا يقربون المساجد إلا هجرا ، ولا الصلاة إلا دبرا ، لا يتألفون ولا يؤلفون ، خشب بالليل ، سحب بالنهار " . ( كد )
أبو سعيد الخدري nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة : قال عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011594سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل ، وشاب نشأ في عبادة الله ، ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه ، ورجلان تحابا [ ص: 14 ] في الله ، اجتمعا على ذلك وتفرقا ، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ، ورجل دعته امرأة ذات حسن وجمال فقال : إني أخاف الله ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه " . هذا حديث أخرجه الشيخان في الصحيحين .
( كه )
nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011595من خرج من بيته إلى المسجد كتب له كاتبه بكل خطوة يخطوها عشر حسنات ، والقاعد في المسجد ينتظر الصلاة كالقانت ، ويكتب من المصلين حتى يرجع إلى بيته " . ( كو ) روى
nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك عن
حكيم بن زريق بن الحكم ، قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، وسأله أبي : أحضور الجنازة أحب إليك أم القعود في المسجد ؟ قال : من صلى على جنازة فله قيراط ، ومن تبعها حتى تقبر فله قيراطان ، والجلوس في المسجد أحب إلي ، تسبح الله ، وتهلل وتستغفر ، والملائكة تقول : آمين ، اللهم اغفر له ، اللهم ارحمه ، فإذا فعلت ذلك فقل : اللهم اغفر
لسعيد بن المسيب .
الثالث : في
تزيين المساجد :
( أ )
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : قال عليه الصلاة والسلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011596ما أمرت بتشييد المساجد " والمراد من التشييد رفع البناء وتطويله ، ومنه قوله تعالى : (
في بروج مشيدة ) [ النساء : 78 ] وهي التي يطول بناؤها .
( ب ) أمر
عمر ببناء مسجد ، وقال للبناء : أكن الناس من المطر ، وإياك أن تحمر أو تصفر ، فتفتن الناس .
( ج ) روي أن
عثمان رأى أترجة من جص معلقة في المسجد ، فأمر بها فقطعت .
( د ) قال
أبو الدرداء : إذا حليتم مصاحفكم ، وزينتم مساجدكم فالدمار عليكم .
( هـ ) قال
أبو قلابة : غدونا مع
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك إلى الزاوية فحضرت صلاة الصبح ، فمررنا بمسجد فقال
أنس : لو صلينا في هذا المسجد ؟ فقال بعض القوم : حتى نأتي المسجد الآخر ، فقال
أنس : أي مسجد ؟ قالوا : مسجد أحدث الآن ، فقال
أنس : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011597سيأتي على أمتي زمان يتباهون في المساجد ، ولا يعمرونها إلا قليلا " .
الرابع : في
تحية المسجد ، في الصحيحين عن
أبي قتادة السلمي أنه عليه الصلاة والسلام قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011598إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس " ، واعلم أن القول بذلك مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ومكحول وقول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأحمد وإسحاق ، وذهب قوم إلى أنه يجلس ولا يصلي ، وإليه ذهب
ابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي وقتادة ، وبه قال
مالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري وأصحاب الرأي .
الخامس :
فيما يقول إذا دخل المسجد ، روت
nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أبيها ، قالت : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011599كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم ، وقال : رب اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب رحمتك ، وإذا خرج صلى على محمد وسلم ، وقال : رب اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب فضلك " .
السادس : في
فضيلة القعود في المسجد لانتظار الصلاة .
( أ )
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : قال عليه الصلاة والسلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011600الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ، فتقول : اللهم اغفر له ، اللهم ارحمه ، ما لم يحدث " .
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011601وروي أن nindex.php?page=showalam&ids=5559عثمان بن مظعون أتى النبي عليه الصلاة والسلام فقال : ائذن لي في الاختصاء ، فقال عليه الصلاة والسلام : " ليس منا من خصى أو اختصى ، إن خصاء أمتي الصيام " ، فقال : يا رسول الله ، ائذن لي في السياحة ، فقال : " إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله " ، فقال : يا رسول الله ، ائذن لي في الترهب ، فقال : " إن ترهب أمتي الجلوس في المساجد انتظارا للصلاة " .
السابع : في كراهية
البيع والشراء في المسجد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده : أنه - عليه الصلاة والسلام -
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011602نهى عن تناشد الأشعار في المساجد ، وعن البيع والشراء فيه ، وعن أن يتحلق الناس في [ ص: 15 ] المساجد يوم الجمعة قبل الصلاة .
واعلم أنه كره قوم من أهل العلم البيع والشراء في المسجد ، وبه يقول
أحمد وإسحاق وعطاء بن يسار ، وكان إذا مر عليه بعض من يبيع في المسجد ، قال : عليك بسوق الدنيا ، فإنما هذا سوق الآخرة ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=15959لسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهم - رحبة إلى جنب المسجد سماها البطحاء ، وقال : من أراد أن يلغط أو ينشد شعرا أو يرفع صوتا ، فليخرج إلى هذه الرحبة ، واعلم أن الحديث الذي رويناه يدل على كراهية التحلق والاجتماع يوم الجمعة قبل الصلاة لمذاكرة العلم ، بل يشتغل بالذكر والصلاة والإنصات للخطبة ، ثم لا بأس بالاجتماع والتحلق بعد الصلاة ، وأما
طلب الضالة في المسجد ، ورفع الصوت بغير الذكر - فمكروه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فليقل : لا ردها الله عليك ، فإن المساجد لم تبن لهذا ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - أيضا أنه عليه الصلاة والسلام قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011603إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا : لا أربح الله تجارتك " ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14228أبو سليمان الخطابي رحمه الله : ويدخل في هذا كل أمر لم يبن له المسجد من أمور معاملات الناس ، واقتضاء حقوقهم ، وقد كره بعض السلف
المسألة في المسجد ، وكان بعضهم يرى أن لا يتصدق على السائل المتعرض في المسجد ، وورد النهي عن
إقامة الحدود في المساجد ، قال
عمر فيمن لزمه حد : أخرجاه من المسجد ، ويذكر
عن علي - رضي الله عنه - مثله ، وقال
معاذ بن جبل : إن المساجد طهرت من خمس : من أن يقام فيها الحدود ، أو يقبض فيها الخراج ، أو ينطق فيها بالأشعار ، أو ينشد فيها الضالة ، أو تتخذ سوقا ، ولم ير بعضهم بالقضاء في المسجد بأسا ؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام لاعن بين
العجلاني وامرأته في المسجد ، ولاعن
عمر عند منبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وقضى
شريح nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ويحيى بن يعمر في المسجد ، وكان
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=15917وزرارة بن أوفى يقضيان في الرحبة خارجا من المسجد .
الثامن : في
النوم في المسجد ؛ في الصحيحين : عن
عباد بن تميم ، عن عمه أنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011604رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستلقيا في المسجد واضعا إحدى رجليه على الأخرى ، وعن
ابن شهاب قال : كان ذلك من
عمر وعثمان ، وفيه دليل على جواز الاتكاء والاضطجاع وأنواع الاستراحة في المسجد ، مثل جوازها في البيت ، إلا الانبطاح ، فإنه عليه الصلاة والسلام نهى عنه ، وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011605إنها ضجعة يبغضها الله ، وعن
نافع أن
عبد الله كان شابا أعزب لا أهل له ، فكان ينام في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورخص قوم من أهل العلم في النوم في المسجد ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لا تتخذوه مبيتا أو مقيلا .
التاسع : في كراهية
البزاق في المسجد ؛ عن
أنس ، عن النبي عليه الصلاة والسلام قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011606البزاق في المسجد خطيئة ، وكفارتها دفنها " ، وفي الصحيح عن
أبي ذر قال عليه الصلاة والسلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011607عرضت علي أعمال أمتي حسنها وسيئها ، فوجدت من محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق ، ووجدت في مساوئ أعمالها النخامة تكون في المسجد لا تدفن " ، وفي الحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011608إن المسجد لينزوي من النخامة كما تنزوي الجلدة في النار " ، أي : ينضم وينقبض ، فقال بعضهم : المراد أن كونه مسجدا يقتضي التعظيم ، وإلقاء النخامة يقتضي التحقير ، وبينهما منافاة ، فعبر عليه الصلاة والسلام عن تلك المنافاة بقوله : لينزوي ، وقال آخرون : أراد أهل المسجد ، وهم الملائكة ، وفي الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=17257همام بن منبه ، قال : هذا ما حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة عن
محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011609إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق أمامه ، فإنه يناجي الله ما دام في مصلاه ، ولا عن يمينه [ ص: 16 ] فإن عن يمينه ملكا ، ولكن ليبصق عن شماله أو تحت رجليه فيدفنه " . وعن
أنس أنه عليه الصلاة والسلام رأى نخامة في القبلة ، فشق ذلك عليه حتى رئي في وجهه ، فقام فحكه بيده ، وقال : " إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه ؛ فلا يبزقن أحدكم في قبلته ، ولكن عن يساره ، أو تحت قدمه ، قال : ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه ، ثم رد بعضه على بعض ، وقال : يفعل هكذا " أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه .
العاشر : في الثوم والبصل .
في الصحيحين عن
أنس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر وجابر قال عليه الصلاة والسلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011611من أكل من هذه الشجرة المنتنة فلا يقربن مسجدنا ؛ فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنس " ، وعن
جابر أنه عليه الصلاة والسلام قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011612من أكل ثوما أو بصلا فليعتزل مسجدنا " ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011613وأن النبي عليه الصلاة والسلام أتي بقدر فيه خضر ، فوجد لها ريحا ، فسأل فأخبر بما فيه من البقول ، فقال : " قربوها إلى بعض من كان حاضرا ، وقال له : كل ، فإني أناجي من لا تناجي " أخرجاه في الصحيحين .
الحادي عشر : في
المساجد في الدور .
عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011614أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببناء المسجد في الدور ، وأن ينظف ويطيب .
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011615كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد ومعه أصحابه إذ جاء أعرابي فبال في المسجد ، فقال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : مه مه ، فقال عليه الصلاة والسلام : " لا تزرموه " ، ثم دعاه فقال : " إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من العذرة والبول والخلاء ، إنما هي لقراءة القرآن وذكر الله والصلاة " ، ثم دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدلو من ماء فصبوا عليه .