[ ص: 46 ]
الباب الخامس
في أحكام أسماء الأجناس والأسماء المشتقة وهي كثيرة
أما أحكام
أسماء الأجناس فهي أمور :
الحكم الأول :
الماهية قد تكون مركبة وقد تكون بسيطة وقد ثبت في العقليات أن المركب قبل البسيط في الجنس ، وأن البسيط قبل المركب في الفصل ، وثبت بحسب الاستقراء أن قوة الجنس سابقة على قوة الفصل في الشدة والقوة ، فوجب أن تكون أسماء الماهيات المركبة سابقة على أسماء الماهيات البسيطة .
الحكم الثاني :
أسماء الأجناس سابقة بالرتبة على الأسماء المشتقة ؛ لأن الاسم المشتق متفرع على الاسم المشتق منه ، فلو كان اسمه أيضا مشتقا لزم إما التسلسل أو الدور ، وهما محالان ، فيجب الانتهاء في الاشتقاقات إلى أسماء موضوعة جامدة ، فالموضوع غني عن المشتق ، والمشتق محتاج إلى الموضوع ، فوجب كون الموضوع سابقا بالرتبة على المشتق ، ويظهر بهذا أن هذا الذي يعتاده اللغويون والنحويون من السعي البليغ في أن يجعلوا كل لفظ مشتقا من شيء آخر سعي باطل وعمل ضائع .
الحكم الثالث :
الموجود إما واجب وإما ممكن والممكن إما متحيز أو حال في المتحيز : أو لا متحيز ولا حال في المتحيز ، أما هذا القسم الثالث فالشعور به قليل ، وإنما يحصل الشعور بالقسمين الأولين . ثم إنه ثبت بالدليل أن المتحيزات متساوية في تمام ذواتها ، وأن الاختلاف بينها إنما يقع بسبب الصفات القائمة بها ، فالأسماء الواقعة على كل واحد من أنواع الأجسام يكون المسمى بها مجموع الذات مع الصفات المخصوصة القائمة بها ، هذا هو الحكم في الأكثر الأغلب .
وأما أحكام
الأسماء المشتقة فهي أربعة :
الحكم الأول : ليس من شرط الاسم المشتق أن تكون الذات موصوفة بالمشتق منه ، بدليل أن المعلوم مشتق من العلم ، مع أن العلم غير قائم بالمعلوم . وكذا القول في المذكور والمرئي والمسموع ، وكذا القول في اللائق والرامي .
الحكم الثاني : شرط صدق المشتق حصول المشتق منه في الحال ، بدليل أن من كان كافرا ثم أسلم فإنه يصدق عليه أنه ليس بكافر . وذلك يدل على أن بقاء المشتق منه شرط في صدق الاسم المشتق .
الحكم الثالث : المشتق منه إن كان ماهية مركبة لا يمكن حصول أجزائها على الاجتماع ، مثل الكلام والقول والصلاة ، فإن الاسم المشتق إنما يصدق على سبيل الحقيقة عند حصول الجزء الأخير من تلك الأجزاء .
الحكم الرابع :
المفهوم من الضارب أنه شيء ما له ضرب ، فأما إن ذلك الشيء جسم أو غيره ، فذلك خارج عن المفهوم لا يعرف إلا بدلالة الالتزام .