الكتاب الأول
في ) العلوم المستنبطة من قوله ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
اعلم أن العلوم المستنبطة من هذه الكلمة نوعان :
أحدهما : المباحث المتعلقة باللغة والإعراب .
والثاني : المباحث المتعلقة بعلم الأصول والفروع .
القسم الأول من هذا الكتاب في المباحث الأدبية المتعلقة بهذه الكلمة وفيه أبواب .
الباب الأول
في المباحث المتعلقة بالكلمة وما يجري مجراها وفيه مسائل
المسألة الأولى :
اعلم أن هو طريقة الاشتقاق ، ثم إن أكمل الطرق في تعريف مدلولات الألفاظ : الاشتقاق الأصغر والاشتقاق الأكبر ، أما الاشتقاق الأصغر : فمثل اشتقاق صيغة الماضي والمستقبل من المصدر ، ومثل اشتقاق اسم الفاعل واسم المفعول وغيرهما منه . الاشتقاق على نوعين
وأما الاشتقاق الأكبر فهو أن الكلمة إذا كانت مركبة من الحروف كانت قابلة للانقلابات لا محالة ، فنقول : أول مراتب هذا التركيب أن تكون الكلمة مركبة من حرفين ، ومثل هذه الكلمة لا تقبل إلا نوعين من التقليب كقولنا " من " وقلبه " نم " ، وبعد هذه المرتبة أن تكون الكلمة مركبة من ثلاثة أحرف كقولنا : " حمد " وهذه الكلمة تقبل ستة أنواع من التقليبات ، وذلك لأنه يمكن جعل كل واحد من تلك الحروف الثلاثة ابتداء لتلك الكلمة ، وعلى كل واحد من التقديرات الثلاث فإنه يمكن وقوع الحرفين الباقيين على وجهين ، لكن ضرب الثلاثة في اثنين بستة ، فهذه التقليبات الواقعة في الكلمات الثلاثيات يمكن وقوعها على ستة أوجه ، ثم بعد هذه المرتبة أن [ ص: 24 ] تكون الكلمة رباعية كقولنا عقرب وثعلب وهي تقبل أربعة وعشرين وجها من التقليبات ، وذلك لأنه يمكن جعل كل واحد من تلك الحروف الأربعة ابتداء لتلك الكلمة ، وعلى كل واحد من تلك التقديرات الأربعة فإنه يمكن وقوع الحروف الثلاثة الباقية على ستة أنواع من التقليبات ، وضرب أربعة في ستة يفيد أربعة وعشرين وجها ، ثم بعد هذه المرتبة أن تكون الكلمة خماسية كقولنا : " سفرجل " وهي تقبل مائة وعشرين نوعا من التقليبات ، وذلك لأنه يمكن جعل كل واحد من تلك الحروف الخمسة ابتداء لتلك الكلمة ، وعلى كل واحد من هذه التقديرات فإنه يمكن وقوع الحروف الأربعة الباقية على أربعة وعشرين وجها على ما سبق تقريره ، وضرب خمسة في أربعة وعشرين بمائة وعشرين ، والضابط في الباب أنك إذا عرفت التقاليب الممكنة في العدد الأقل ثم أردت أن تعرف عدد التقاليب الممكنة في العدد الذي فوقه فاضرب العدد الفوقاني في العدد الحاصل من التقاليب الممكنة في العدد الفوقاني ، والله أعلم .