(
وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود )
قوله تعالى : (
وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود )
اعلم أنه تعالى بين كيفية حال
إبراهيم عليه السلام حين كلفه بالإمامة ، وهذا شرح التكليف الثاني ، وهو
التكليف بتطهير البيت ، ثم نقول : أما البيت فإنه يريد
البيت الحرام ، واكتفى بذكر البيت مطلقا لدخول الألف واللام عليه ، إذا كانتا تدخلان لتعريف المعهود أو الجنس ، وقد علم المخاطبون أنه لم يرد به الجنس فانصرف إلى المعهود عندهم وهو
الكعبة ، ثم نقول : ليس المراد نفس
الكعبة ، لأنه تعالى وصفه بكونه "أمنا" وهذا صفة جميع الحرم لا صفة
الكعبة فقط والدليل على أنه يجوز إطلاق البيت والمراد منه كل الحرم قوله تعالى : (
هديا بالغ الكعبة ) [المائدة : 95] والمراد الحرم كله لا
الكعبة نفسها ، لأنه لا يذبح في
الكعبة ، ولا في
المسجد الحرام وكذلك قوله : (
فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ) [التوبة : 28] ، والمراد والله أعلم منعهم من الحج حضور مواضع النسك ، وقال في آية أخرى : (
أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ) [العنكبوت : 67] وقال الله تعالى في آية أخرى مخبرا عن
إبراهيم : (
رب اجعل هذا البلد آمنا ) [
إبراهيم : 35] فدل هذا على أنه وصف البيت بالأمن فاقتضى جميع الحرم ، والسبب في أنه تعالى أطلق لفظ البيت وعنى به الحرم كله أن حرمة الحرم لما كانت بالبيت جاز أن يعبر عنه باسم البيت .