المسألة الثالثة والثلاثون :
اختلفوا في
العامل في نصب المفعول على أربعة أقوال :
الأول : وهو قول البصريين - أن الفعل وحده يقتضي رفع الفاعل ونصب المفعول .
والثاني : وهو قول الكوفيين - أن مجموع الفعل والفاعل يقتضي نصب المفعول .
والثالث : وهو قول
هشام بن معاوية من الكوفيين - أن العامل هو الفاعل فقط .
والرابع : وهو قول
خلف الأحمر من الكوفيين - أن العامل في الفاعل الفاعلية ، وفي المفعول معنى المفعولية .
حجة البصريين : أن العامل لا بد وأن يكون له تعلق بالمعمول ، وأحد الاسمين لا تعلق له بالآخر ، فلا يكون له فيه عمل ألبتة ، وإذا سقط لم يبق العمل إلا للفعل .
حجة المخالف : أن العامل الواحد لا يصدر عنه أثران لما ثبت أن الواحد لا يصدر عنه إلا أثر واحد . قلنا : ذاك في الموجبات ، أما في المعرفات فممنوع .
واحتج
خلف بأن الفاعلية صفة قائمة بالفاعل ، والمفعولية صفة قائمة بالمفعول ، ولفظ الفعل مباين لهما ، وتعليل الحكم بما يكون حاصلا في محل الحكم أولى من تعليله بما يكون مباينا له ، وأجيب عنه بأنه معارض بوجه آخر : وهو أن الفعل أمر ظاهر ، وصفة الفاعلية والمفعولية أمر خفي ، وتعليل الحكم الظاهر بالمعنى الظاهر أولى من تعليله بالصفة الخفية ، والله أعلم .