أما قوله تعالى : (
ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : قوله : (
ذلك ) إشارة إلى ما تقدم ، وأقرب الأمور المذكورة ذكر ما يلزم المتمتع من الهدي وبدله ، وأبعد منهم ذكر تمتعهم . فلهذا السبب اختلفوا ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه : إنه راجع إلى الأقرب ، وهو لزوم الهدي وبدله على المتمتع ، أي إنما يكون إذا لم يكن
المتمتع من حاضري المسجد الحرام ، فأما إذا كان من أهل
الحرم فإنه لا يلزمه الهدي ولا بدله ، وذلك لأن عند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه هذا الهدي إنما لزم الآفاقي ؛ لأنه كان من الواجب عليه أن يحرم عن الحج من الميقات ، فلما أحرم من الميقات عن العمرة ، ثم أحرم عن الحج لا من الميقات ، فقد حصل هناك الخلل ، فجعل مجبورا بهذا الدم ، والمكي لا يجب عليه أن يحرم من الميقات ، فإقدامه على التمتع لا يوقع خللا في حجه ، فلا جرم لا يجب عليه الهدي ولا بدل ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رضي الله عنه : إن قوله : (
ذلك ) إشارة إلى الأبعد ، وهو ذكر التمتع ، وعنده لا متعة ولا قران لحاضري
المسجد الحرام ، ومن تمتع أو قرن كان عليه دم هو دم جناية لا يأكل منه ، حجة
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه من وجوه :
الحجة الأولى : قوله تعالى : (
فمن تمتع بالعمرة إلى الحج ) عام يدخل فيه الحرمي .
الحجة الثانية : قوله : (
ذلك ) كناية ، فوجب عودها إلى المذكور الأقرب ، وهو وجوب الهدي ، وإذا خص إيجاد الهدي بالمتمتع الذي يكون آفاقيا لزم القطع بأن غير الآفاقي قد يكون أيضا متمتعا .
الحجة الثالثة : أن الله تعالى
شرع القران والمتعة إبانة لنسخ ما كان عليه أهل الجاهلية في تحريمهم العمرة في أشهر الحج ، والنسخ يثبت في حق الناس كافة .
الحجة الرابعة : أن من كان من أهل الإفراد كان من أهل المتعة قياسا على المدني ، إلا أن المتمتع المكي لا دم عليه لما ذكرناه .
حجة
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله تعالى أن قوله : (
ذلك ) كناية ، فوجب عودها إلى كل ما تقدم ؛ لأنه ليس البعض أولى من البعض .
وجوابه : لم لا يجوز أن يقال عوده إلى الأقرب أولى ؟ لأن القرب سبب للرجحان ، أليس أن مذهبه أن الاستثناء المذكور عقيب الجمل مختص بالجملة الأخيرة ، وإنما تميزت تلك الجملة عن سائر الجمل بسبب القرب ، فكذا ههنا .