وبقي في الآية مسائل :
المسألة الأولى : من الأصحاب من تمسك بهذه الآية على أن
الإيمان مخلوق لله تعالى ، قال : لأن الهداية هي العلم والمعرفة ، وقوله : (
فهدى الله ) نص في أن الهداية حصلت بفعل الله تعالى ، فدل ذلك على أن الإيمان مخلوق لله تعالى .
واعلم أن هذا الوجه ضعيف لأنا بينا أن الهداية غير ، والاهتداء غير ، والذي يدل ههنا على أن الهداية لا يمكن أن تكون عبارة عن الإيمان وجهان :
الأول : أن الهداية إلى الإيمان غير الإيمان كما أن التوفيق للإيمان غير الإيمان .
والثاني : أنه تعالى قال في آخر الآية : (
بإذنه ) ولا يمكن صرف هذا الإذن إلى قوله : (
فهدى الله ) ; إذ لا جائز أن يأذن لنفسه ، فلا بد ههنا من إضمار ليصرف هذا الإذن إليه ، والتقدير : فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق فاهتدوا بإذنه ، وإذا كان كذلك كانت الهداية مغايرة للاهتداء .