[ ص: 400 ] فصل
ينبغي للمغتسل الغسل الواجب والمستحب وغيرهما التستر ما أمكنه ؛ لأن الله حيي ستير يحب الحياء والستر ، ثم لا يخلو إما أن يكون بحضرته أحد من الآدميين أو لا ، فإن كان هناك أحد وجب عليه أن يستر عورته منه ؛ لقوله سبحانه : (
قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ) وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15579بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري ، عن أبيه ، عن جده قال : قلت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014722يا رسول الله ، عوراتنا ما نأتي منها وما نذر ؟ قال : " احفظ عورتك إلا من زوجتك وما ملكت يمينك " قلت : فإذا كان القوم بعضهم في بعض قال : " إن استطعت أن لا يراها أحد فلا يرينها " قلت : فإذا كان القوم أحدنا خاليا قال : " فالله تبارك وتعالى أحق أن يستحيا منه " رواه الخمسة إلا
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي .
وذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري تعليقا ، وهذا يعم حفظها من النظر والمس فقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014723لا تبرز فخذك ، ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت " وقال :
" لا تمشوا عراة " [ ص: 401 ] رواه
مسلم .
وقد تقدم حديث اللذين يضربان الغائط .
ونهى عن دخول الحمام إلا بالأزر ، وإن لم يكن بحضرته أحد فينبغي أن يستتر بسقف أو حائط أو دابة أو غير ذلك ، وأن يأتزر كما أن يستتر عند الخلاء والجماع ، وأن لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض وأوكد ؛ لأن الله أحق أن يستحي منه الناس ، فيأتي من الستر بقدر ما يمكنه ، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014724أنه كان يستتر عند الغسل " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى الأشعري : " إني لأغتسل في البيت المظلم فأحني ظهري حياء من ربي عز وجل " رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12352إبراهيم الحربي . فإن اغتسل في فضاء ولا إزار عليه كره له ذلك ، لما روى
nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن أمية أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014725رأى رجلا يغتسل بالبراز فقال : " إن الله حيي ستير يحب الحياء والستر ، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر " رواه
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014726إن الله ينهاكم عن التعري فاستحيوا من الملائكة الكرام الكاتبين الذين لا يفارقونكم إلا عند [ ص: 402 ] الغائط والجنابة والغسل ، فإذا اغتسل أحدكم بالعراء فليستتر بثوبه أو بجذم حائط " رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12352إبراهيم الحربي . ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12998ابن بطة من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وقد صح ذلك من مراسيل
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، وقيل : لا يكره كما لو استتر بحائط أو سقف ونحوه ، فإنه يجوز أن يتجرد ؛ لأن به حاجة إلى ذلك ، فأشبه حال الجماع والتخلي . وذكر القاضي في كراهة
كشف العورة للاغتسال في الخلوة روايتين ، وإنما لم يكره له التجرد مع الاستتار ؛ لأن في الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014727أن موسى عليه السلام اغتسل عريانا " وفي البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014728أن أيوب عليه السلام اغتسل عريانا " ولما تقدم من الأحاديث ؛
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014729ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - تجرد لأهله واغتسل ، وكان يستر بالثوب ويغتسل ، وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=15579بهز [ ص: 403 ] في قوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014730فالله أحق أن يستحي منه " ( فإذا ) لم يكن حاجة كالغسل والخلاء وغير ذلك ، فإنه ينهى عن كشف السوءة لغير حاجة ، وقيل : هو على طريق الاستحباب ، فإنه يستحب له الاتزار في حال الغسل وغيره ، وعلى هذا فلا يكره دخول الماء بغير ميزر لكن يحب الاتزار ، لما روى
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014731إن موسى - عليه السلام - كان إذا أراد أن يدخل الماء لم يلق ثوبه حتى يواري عورته في الماء " رواه
أحمد . ولأنه كشف للاغتسال حيث لا يراه آدمي ، فجاز كما لو لم يكن في الماء ، وعنه أنه يكره ، وعلى هذا أكثر نصوصه وكرهه كراهة شديدة ، وإنما رخص فيه لمن لا إزار معه ؛ لما روي عن
جابر قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014732نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يدخل الماء إلا بمئزر " رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14800أبو حفص العكبري ، وروى أيضا عن
أبي محمد الأنصاري قال : " خرجت إلى شاطئ
الفرات ، فرأيت بغالا ، فقلت لرجل : لمن هذه البغال ؟ فقال :
للحسن والحسين وعبد الله بن جعفر . قلت : وأين هم ؟ قال : في الفرات يتغاطون ، قال : فأتيتهم فرأيتهم في سراويلات ، فقلت
للحسن : يا ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تغاطون في الماء وعليكم سراويلات ؟ فقال : نعم ، أما علمت أن للماء سكانا ، وأن أحق من استتر من سكان الماء لنحن " .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه أن
الحسن والحسين قيل لهما وقد دخلا الماء وعليهما بردان فقالا : " إن للماء سكانا " واحتج به
إسحاق وأحمد بمعناه ؛ ولأنه كشف للعورة بحضرة من يراه من الخلق ، فأشبه ما لو كشفها بحضرة
[ ص: 404 ] آدمي ؛ ولذلك كرهنا له التكشف في الخلوة إلا بقدر الحاجة وهو مستغن عن كشفها في الماء ؛ لأن الماء يصل إلى الأرفاغ ونحوها من غير تكشف ، وحديث
موسى شرع من قبلنا ، وكان التستر في شرعهم أخف ، ولم يكن محرما عليهم النظر إلى العورة بدليل أنهم كانوا يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى عورة بعض ، وإنما كان
موسى يجتنب ذلك حياء ، والتكشف في الماء أهون منه بين الناس ، فما كان مكروها فيهم صار محرما فينا وما كان مباحا صار مكروها ، أو يحمل حديث
موسى على كشفها في الماء لحاجة ، والحديث الآخر إذا لم يحتج إلى كشفها كما في كشفها خارج الماء ، ويكون مقصود الحديث بيان أن الماء ليس بساتر ؛ لأن فيه سكانا .