الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

والواجب في الغسل الإسباغ كالوضوء ، لكن يستحب أن لا ينقص في [ ص: 398 ] غسله من صاع ولا في وضوئه من مد ؛ لما روى سفينة قال : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغتسل بالصاع ويتطهر بالمد " رواه أحمد ، ومسلم ، وابن ماجه ، والترمذي وصححه . وعن أنس قال : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد ويتوضأ بالمد " متفق عليه .

وعن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يجزئ في الغسل الصاع ومن الوضوء المد " رواه أحمد والأثرم . ولو أسبغ بدون ذلك جاز من غير كراهة إذا أتى بالغسل ولم يقتصر على مجرد المسح كالدهن ؛ لظاهر القرآن ، وحديث أم سلمة ، وجبير بن مطعم ، وأسماء ، فإنه علق الإجزاء بالإفاضة من غير تقدير ، وعن عائشة " أنها كانت تغتسل هي والنبي - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد يسع ثلاثة أمداد أو قريبا من ذلك " رواه مسلم .

وعنها أيضا قالت : " لقد رأيتني أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذا ، فإذا بتور موضوع مثل الصاع أو دونه ، فنشرع فيه جميعا ، فأفيض بيدي على رأسي ثلاث مرات وما أنقض لي شعرا " رواه النسائي .

وقال عبد الرحمن بن عطاء : سمعت سعيد بن المسيب يقول : " إن لي [ ص: 399 ] ركوة - أو قال : قدحا - ما تسع إلا نصف المد أو نحوه ، ثم أبول ثم أتوضأ ، وأفضل منه فضلا " قال عبد الرحمن : فذكرت ذلك لسليمان بن يسار فقال : وأنا يكفيني مثل ذلك . قال عبد الرحمن : فذكرت ذلك لأبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر فقال أبو عبيدة : وهكذا سمعنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم " رواه الأثرم . وقال إبراهيم النخعي : " كانوا أشد استبقاء للماء منكم ، وكانوا يرون أن ربع المد يجزئ من الوضوء " رواه سعيد . وإن زاد على ذلك زيادة يسيرة جاز . فأما السرف فمكروه جدا كما تقدم في الوضوء ، والصاع هنا كصاع الطعام المذكور في الكفارات والصدقات ، وهي خمسة أرطال وثلث بالعراقي في المشهور عنه ، وقد روي عنه ما يدل على أن صاع الماء ثمانية أرطال والمد رطلان ، وهو اختيار القاضي في الخلاف وغيره ؛ لأن أنسا قال : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ بإناء يكون رطلين ويغتسل بالصاع " رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ولفظه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " يجزئ في الوضوء رطلان من ماء " وهذا يفسر روايته المتفق عليها : " كان يتوضأ بالمد " . وعن عائشة قالت : " كنت أغتسل أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد من قدح يقال له : الفرق " متفق عليه . والفرق ستة عشر رطلا بالعراقي .

التالي السابق


الخدمات العلمية