[ ص: 302 ] باب المواقيت
الميقات : ما حدده ووقت للعبادة من زمان ومكان .
والتوقيت : التحديد ، فلذلك نذكر في هذا الباب ما حدده الشارع للإحرام من المكان ، والزمان .
مسألة :
وميقات أهل المدينة ذو الحليفة ،
والشام ومصر والمغرب الجحفة ،
واليمن يلملم ،
ولنجد قرن ، وللمشرق
ذات عرق .
هذه المواقيت الخمسة منصوصة عن النبي صلى الله عليه وسلم عند جمهور أصحابنا ، وهو المنصوص عن
أبي عبد الله ، قال في رواية
المروذي : فإن
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014974النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام ومصر الجحفة ، ولأهل الطائف ونجد قرنا ، ولأهل اليمن يلملم ، ولأهل العراق ذات عرق .
وقال في رواية
عبد الله عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014975مهل أهل المدينة من ذي الحليفة ، ومهل أهل العراق من ذات عرق ، ومهل أهل الشام من الجحفة ، ومهل أهل نجد من قرن ، ومهل أهل اليمن من يلملم " .
وقال في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014976وقت لأهل العراق من ذات عرق " وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ، والله أعلم ، وقت المواقيت ثلاث طبقات ، فوقت أولا
[ ص: 303 ] ثلاث مواقيت فلما فتحت
اليمن وقت لها ، ثم وقت
للعراق ، فالأول ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014977 " يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ، ويهل أهل الشام من الجحفة ، ويهل أهل نجد من قرن " قال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : وذكر لي ولم أسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ومهل أهل الشام مهيعة ، وهي الجحفة " رواه الجماعة إلا
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، وفي رواية
لأحمد قال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : وقاس الناس
ذات عرق بقرن .
والثاني : ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014978وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن المنازل ، ولأهل اليمن يلملم ، فهن لهن ، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن " .
وفي لفظ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014979من غيرهن لمن كان يريد الحج والعمرة ، فمن كان دونهن فمهله من أهله ، وكذلك حتى أهل مكة يهلون منها " وفي لفظ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014980من كان دونهن فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة " متفق عليه .
[ ص: 304 ] والثالث : ما روي عن
أبي الزبير أنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014981سمع nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله سئل عن المهل ، فقال : " سمعت أحسبه رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : مهل أهل المدينة من ذي الحليفة ، والطريق الآخر الجحفة ، ومهل أهل العراق ذات عرق ، ومهل أهل نجد من قرن ، ومهل أهل اليمن من يلملم " رواه
مسلم .
ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه بلا شك من رواية
إبراهيم بن يزيد الخوزي ، وقد احتج به
[ ص: 305 ] أحمد مرفوعا ، ورواه
أبو عبد الرحمن المقري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة عن
أبي الزبير مرفوعا بلا شك .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=13وعبد الله بن عمرو ، واللفظ له قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014982وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل اليمن وأهل تهامة يلملم ، ولأهل الطائف وهي نجد قرنا ، ولأهل العراق ذات عرق " .
رواه
أحمد ، وفي إسناده
الحجاج بن أرطأة .
[ ص: 306 ] وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15265المعافى بن عمران عن
أفلح بن حميد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014983وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل العراق ذات عرق " رواه
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني ، وغيرهم ، وهذا إسناد جيد ، وقد رواه
عبد الله بن أحمد ، وغيره مستوفى في المواقيت الخمسة قالت : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014984وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام ومصر الجحفة ، ولأهل اليمن يلملم ، ولأهل نجد قرنا ، ولأهل العراق ذات عرق " .
[ ص: 307 ] وقال
أبو عاصم : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16956محمد بن راشد عن
مكحول "
أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق " ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء قال : "
وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المشرق ذات عرق " رواه
سعيد ، فهذا قد روي مرسلا من جهة
أهل المدينة ،
ومكة ،
والشام ، ومثل هذا يكون حجة .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه قال : "
وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المشرق ذات عرق " رواه
أحمد عن
وكيع عنه .
[ ص: 308 ] وعن
الحارث بن عمرو السهمي ، قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014987أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو بمنى أو عرفات ، وقد أطاف به الناس قال : فيجيء الأعراب فإذا رأوا وجهه قالوا : هذا وجه مبارك قال : ووقت ذات عرق لأهل العراق " رواه
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني ، ولفظه "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014988وقت لأهل اليمن يلملم أن يهلوا منها ، وذات عرق لأهل العراق " .
وذهب
أبو الفرج بن الجوزي وغيره من أصحابنا إلى أن
ذات عرق إنما ثبتت بتوقيت
عمر رضي الله عنه اجتهادا ، ثم انعقد الإجماع على ذلك ؛ لما
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014989روى nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : " لما فتح هذان المصران أتوا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب [ ص: 309 ] فقالوا : يا أمير المؤمنين إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حد لأهل نجد قرنا ، وإنه جور عن طريقنا ، وإنا إن أردنا أن نأتي قرنا شق علينا ، قال : فانظروا حذوها من طريقكم قال : فحد لهم ذات عرق " رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
فهذا يدل على أنها حدت بالاجتهاد الصحيح ؛ لأن من
لم يكن على طريقه ميقات فإنه يحرم إذا حاذى أقرب المواقيت إلى طريقه ، وهم يحاذون
قرنا إذا صاروا
بذات عرق ، ولو كانت منصوصة لم يحتج إلى هذا ، وأحاديث المواقيت لا تعارض هذا فعلى هذا هل يستحب
الإحرام من العقيق ؟ . . .
والأول هو الصواب لما ذكرناه من الأحاديث المرفوعة الجياد الحسان التي يجب العمل بمثلها مع تعددها ، ومجيئها مسندة ، ومرسلة من وجوه شتى .
وأما حديث
عمر فإن توقيت
ذات عرق كان متأخرا في حجة الوداع كما
[ ص: 310 ] ذكره
الحارث بن عمرو ، وقد كان قبل هذا سبق توقيت النبي صلى الله عليه وسلم لغيرها فخفي هذا على
عمر رضي الله عنه كما خفي عليه كثير من السنن ، وإن كان علمها عند عماله ، وسعاته ، ومن هو أصغر منه ، مثل دية الأصابع ، وتوريث المرأة من دية زوجها ، فاجتهد ، وكان محدثا موفقا للصواب فوافق رأيه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس ذلك ببدع منه رضي الله عنه فقد وافق ربه في مواضع معروفة ، مثل المقام ، والحجاب ، والأسرى ، وأدب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 311 ] فعلى هذا : لا يستحب الإحرام قبلها كما لا يستحب قبل غيرها من المواقيت المنصوصة ، قال
عبد الله : سمعت أبي يقول : أرى أن يحرم من
ذات عرق .
فإن قيل : فقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=17347يزيد بن أبي زياد عن
محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16014990وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المشرق العقيق " رواه
أحمد ،
nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، وقال : حديث حسن .
[ ص: 312 ] فإن لم يكن هذا مفيدا لوجوب الإحرام منها فلا بد أن يفيد الاستحباب .
قيل : هذا الحديث مداره على
nindex.php?page=showalam&ids=17347يزيد بن أبي زياد ، وقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة ، وقالوا :
يزيد يزيد .
ويدل على ضعفه أن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس المشهور الصحيح قد ذكر فيه المواقيت الأربعة ، ولم يذكر هذا مع أن هذا مما يقصد المحدث ذكره مع إخوته لعموم الحاجة إليه أكثر من غيره ، فإن حجاج المشرق أكثر من حجاج سائر المواقيت .
وإن الناس أجمعوا على جواز الإحرام دونه فلو كان ميقاتا لوجب الإحرام منه كما يجب الإحرام من سائر ما وقته النبي صلى الله عليه وسلم إذ ليس لنا ميقات يستحب الإحرام منه ، ولا يجب ، على أن قوله : " وقت " لا يقتضي إلا وجوب الإحرام منه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : أجمع أهل العلم على أن إحرام العراقي من
ذات عرق إحرام من الميقات ، وأن الأحاديث التي هي أصح منه وأكثر - تخالفه وتبين أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت
ذات عرق .
ويشبه - والله أعلم - أنه إن كان لهذا الحديث أصل أن يكون منسوخا ؛ لأن توقيت
ذات عرق كان في حجة الوداع حيث أكمل الله دينه ، وبعد أن أكمل
[ ص: 313 ] الله دينه لم يغيره .
ولأن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لم يذكره لما ذكر حديثه المشهور ، فيكون إن كان حدث به مرة قد تركه لما علم من نسخه ، ولهذا لم يروه عنه إلا ولده الذي قد يقصد بتحديثهم إخبارهم بما قد وقع ، لا لأن يبني الحكم عليه .
وما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أنه كان يحرم منه فكما كان
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين يحرم من
البصرة ، وكان بعضهم يحرم من
الربذة .