[ ص: 185 ] مسألة : ( السابع : عقد النكاح لا يصح منه ، ولا فدية فيه ) :
وجملة ذلك : أن المحرم إن كان رجلا لا يصح أن يتزوج بنفسه ولا وكيله ولا وليه ، بحيث لو وكل وهو حلال رجلا لم يجز أن يزوجه بعدما يحرم الموكل ، فأما إذا
وكل وهو حرام من زوجه بعد الحل فقال القاضي
وابن عقيل : يجوز ذلك .
فعلى هذا لو وكل وهو حلال ثم أحرم ثم حل جاز أن يزوج الوكيل بذلك التوكيل المتقدم وأولى ; لأن العبرة بحال العقد ، ولأن
التصرف بالوكالة الفاسدة جائز ; لكن هل يجوز الإقدام على التوكيل ؟
وإن كانت امرأة لم يجز أن تزوج وهي محرمة بإذن متقدم على الإحرام أو في حال الإحرام ; لكن إذا أذنت حال الإحرام ... وذلك لقوله تعالى : (
فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ) ... .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015461لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب " رواه الجماعة إلا
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، وفي رواية عن
نبيه بن [ ص: 186 ] وهب nindex.php?page=hadith&LINKID=16015462أن عمر بن عبيد الله أراد أن يزوج ابنه وهو محرم فنهاه أبان ، وزعم أن عثمان حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " المحرم لا ينكح ولا ينكح " وفي رواية : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015463أراد ابن معمر أن ينكح ابنه بنت شيبة بن جبير فبعثني إلى nindex.php?page=showalam&ids=11795أبان بن عثمان - وهو أمير الموسم فأتيته فقلت : إن أخاك أراد أن ينكح ابنه فأراد أن يشهدك ذاك ، فقال : ألا أراه عراقيا جافيا ; إن المحرم لا ينكح ولا ينكح ، ثم حدث عن عثمان بمثله يرفعه " رواهما
أحمد بإسناد صحيح .
[ ص: 187 ] وفي رواية عن
نافع عن
نبيه مثله ، قال
نافع : وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يقول هذا القول ، ولا يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، رواه
سعيد بن أبي عروبة في المناسك .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12348أيوب بن عتبة ثنا
عكرمة بن خالد ، قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015464سألت nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر عن امرأة أراد أن يتزوجها رجل - وهو خارج من مكة - فأراد أن يعتمر أو يحج ، فقال : لا يتزوجها وهو محرم ، نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه " رواه
أحمد وأبو بكر النيسابوري .
وروى
سعيد ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16700عمرو بن الحارث عن
nindex.php?page=showalam&ids=12349أيوب بن موسى عن
عكرمة بن خالد المخزومي أن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر نهاه أن ينكح وهو محرم .
[ ص: 188 ] وروى
النفيلي ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14429مسلم بن خالد الزنجي عن
إسماعيل عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015465المحرم لا ينكح ولا ينكح " قال
النفيلي : هذا حديث منكر ، وهذا رجل ضعيف ؛ الزنجي ، رواه
الخلال عن
الميموني عنه في العلل .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015466لا يتزوج المحرم ولا يزوج " رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني .
وأيضا فقد عمل بذلك الخلفاء الراشدون وغيرهم من أكابر الصحابة ، فعن
غطفان بن طريف المري أن أباه
طريفا تزوج وهو محرم ، فرد
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن [ ص: 189 ] الخطاب نكاحه .
وعن
نافع أن
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر كان يقول : " لا ينكح ولا يخطب على نفسه ولا على غيره " رواهما
مالك وغيره .
وعن
الحسن أن
عليا قال : " من تزوج وهو محرم نزعنا منه امرأته ولا نجيز نكاحه " رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12514ابن أبي عروبة وأبو بكر النيسابوري من حديث
قتادة عنه .
وعن
شوذب مولى زيد بن ثابت : " أنه تزوج وهو محرم ، ففرق بينهما
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت " رواه
عبد الله بن أحمد ، وقال : قرأت على أبي : يتزوج المحرم ؟
[ ص: 190 ] قال : لا يتزوج ، قال : يروى عن
عمر وعلي : يفرق بينهما ،
nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت قال : يفرق بينهما ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر قال : لا ينكح ولا ينكح .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015467لا ينكح المحرم ولا ينكح " .
وهؤلاء أكابر الصحابة لم يقدموا على إبطال
نكاح المحرم والتفريق بينهما إلا بأمر بين وعلم اطلعوه ربما يخفى على غيرهم ، بخلاف من نقل عنه إجازة نكاح المحرم ، فإنه يجوز أن يبني على استصحاب الحال .
فإن قيل : فقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015468تزوج nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة وهو محرم " رواه الجماعة ال ر ، وفي رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015469وبنى بها وهو حلال وماتت بسرف "
nindex.php?page=showalam&ids=12070وللبخاري تعليقا : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015470تزوج النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة القضاء nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة وهو حلال وماتت بسرف " .
[ ص: 191 ] وفي رواية
nindex.php?page=showalam&ids=15397للنسائي : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015471جعلت أمرها إلى العباس فأنكحها إياه " وفي رواية عن
عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015472تزوج nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة بنت الحارث وهما محرمان " رواه
أحمد من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن
حميد عنه .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء وعكرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015468تزوج nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة وهو محرم " ولفظ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي :
احتجم وهو محرم وتزوج الهلالية وهو محرم " رواهن
سعيد .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة ... ، وعن
عكرمة nindex.php?page=hadith&LINKID=16015474عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : " أنه كان لا يرى به - يعني بنكاح المحرم - بأسا ، ويحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج [ ص: 192 ] nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة بنت الحارث وهو محرم بسرف ، وبنى بها لما رجع بذلك الماء " رواه
سعيد بن أبي عروبة عن
يعلى بن خليفة عنه .
ويؤيد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر عمرة القضية من
ذي الحليفة ، فإنه لم يجزها بغير إحرام قط ، وكانت
nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة بمكة ، وقد .... روي أنه
قال لأهل مكة : " دعوني أعرس بينكم لتأكلوا من وليمتها ، فقالوا : لا حاجة لنا في وليمتك ، فاخرج من عندنا ، فخرج حتى أتى سرفا وأعرس بها " .
قيل عنه أجوبة :
أحدها : أنه قد روى
nindex.php?page=showalam&ids=17354يزيد بن الأصم nindex.php?page=hadith&LINKID=16015476عن nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي حلال ، قال : وكانت خالتي وخالة
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس "
[ ص: 193 ] رواه
مسلم nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، وفي رواية
لأحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ،
والبرقاني عن
يزيد nindex.php?page=hadith&LINKID=16015477عن nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها حلالا وبنى بها حلالا ، وماتت بسرف فدفناها في الطلحة التي بنى بها فيها " وفي رواية
nindex.php?page=showalam&ids=11998لأبي داود : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015478تزوجني ونحن حلالان بسرف " .
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015479وعن nindex.php?page=showalam&ids=96أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله : " تزوج nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة حلالا وبنى بها حلالا وكنت الرسول بينهما " .
[ ص: 194 ] رواه
أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، وقال : حديث حسن ، ولا نعلم أحدا أسنده غير
nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد عن
مطر ، ورواه
مالك عن
ربيعة عن
سليمان أن النبي صلى الله عليه وسلم ، مرسلا ، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=16036سليمان بن بلال عن
ربيعة مرسلا ، وهذه الرواية مقدمة على رواية
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لوجوه :
أحدها : أنها هي المنكوحة وهي أعلم بالحال التي تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها هل كانت في حال إحرامه أو في غيرها من
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
الثاني : أن
أبا رافع كان الرسول بينهما وهو المباشر للعقد فهو أعلم بالحال التي وقع فيها من غيره .
الثالث : أن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس كان إذ ذاك صبيا له نحو من عشر سنين وقد يخفى على من هذه سنه تفاصيل الأمور التي جرت في زمنه ; أما أولا : فلعدم كمال الإدراك والتمييز ، وأما ثانيا : فلأنه لا يداخل في هذه الأمور ولا يباشرها ، وإنما يسمعها من غيره ، إما في ذلك الوقت أو بعده .
[ ص: 195 ] الرابع : أن السلف طعنوا في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس هذه ، فروى
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب قال : وهم
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015468تزوج nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة وهو محرم " .
وقال
أحمد في رواية
أبي الحارث وقد سئل عن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : هذا الحديث خطأ ، وقال في رواية
المروذي : أذهب إلى حديث
نبيه بن وهب ، فقال له
المروذي : إن
nindex.php?page=showalam&ids=11956أبا ثور قال لي : بأي شيء تدفع حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ؟ فقال
أبو عبد الله : الله المستعان ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : وهم
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=156وميمونة تقول : تزوج وهو حلال ، وقال : إن كان
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ابن أخت
nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة فيزيد بن الأصم ابن أخت
nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=96أبو رافع : كنت السفير بينهما .
nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر بن الخطاب يفرق بينهما ، هذا
بالمدينة لا ينكرونه .
[ ص: 196 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=16015480وقال nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران : أرسل إلي nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز أن سل nindex.php?page=showalam&ids=17354يزيد بن الأصم كيف تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة ، فسألته فقال : " تزوجها وهو حلال " رواه
سعيد ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار : أخبرت
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري به - يعني بحديثه - عن
nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، فقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015481أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=17354يزيد بن الأصم - وهي خالته - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال " رواه
مسلم .
فهذا
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ، وهو قول
أبي بكر بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار وعامة علماء
المدينة ، وهم أعلم الناس بسنة ماضية ، وأبحثهم عنها ، قد استبان لهم أن الصواب رواية من روى أنه تزوجها حلالا ، وكذلك
nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار يقول ذلك وهو مولاها .
الخامس : أن الرواية بأنه تزوجها حلالا كثيرون ; فهي منهم ،
nindex.php?page=showalam&ids=96وأبو رافع [ ص: 197 ] وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران عن
nindex.php?page=showalam&ids=10941صفية بنت شيبة ، وكانت عجوزا أن النبي صلى الله عليه وسلم "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015482ملك nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة وهو حلال وبنى بها وهو حلال وخطبها وهو حلال " ذكره القاضي
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015483عن nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران قال : أتيت nindex.php?page=showalam&ids=10941صفية ابنة شيبة امرأة كبيرة فقلت لها : أتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة وهو محرم ؟ قالت : لا والله ، ولقد تزوجها وهما حلالان " رواه
ابن أبي خيثمة ورواه من التابعين خلق كثير .
وأما الرواية الأخرى فلم ترد إلا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وعن أصحابه الذين أخذوها عنه ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : ما أعلم أحدا من الصحابة روي عنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015484أنه عليه السلام نكح ميمونة وهو محرم إلا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
وإذا كان أحد الخبرين أكثر نقلة ورواة ، قدم على مخالفه ، فإن تطرق الوهم والخطأ إلى الواحد أولى من تطرقه إلى العدد ، لا سيما إذا كان العدد أقرب إلى الضبط وأجدر بمعرفة باطن الحال .
السادس : أن في رواية
عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهما محرمان ، وأن عقد النكاح كان
بسرف ، ولا ريب أن هذا غلط ، فإن عامة
[ ص: 198 ] أهل السير ذكروا أن
nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة كانت قد بانت من زوجها
بمكة ولم تكن مع النبي صلى الله عليه وسلم في عمرته ، فإنه لم يقدم بها من
المدينة ، وإذا كانت مقيمة
بمكة فكيف تكون محرمة معه
بسرف ، أم كيف وإنما بعث إليها
nindex.php?page=showalam&ids=315جعفر بن أبي طالب خطبها ، وهو يوهن الحديث ويعلله .
السابع : أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها في عمرة القضية في خروجه ، ورجع بها معه من
مكة ، وإنما كان يحرم من
ذي الحليفة فيشبه أن تكون الشبهة دخلت على من اعتقد أنه تزوجها محرما من هذه الجهة ، فإن ظاهر الحال أنه تزوجها في حال إحرامه .
أما من روى أنه تزوجها حلالا فقد اطلع على حقيقة الأمر وأخبر به ، فإما أن يكون تزوجها قبل الإحرام أو بعد قضاء عمرته ، لا سيما ومن روى أنه تزوجها قبل الإحرام معه مزيد علم .
وقد روى
مالك عن
ربيعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار nindex.php?page=hadith&LINKID=16015485أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث مولاه أبا رافع ورجلا من الأنصار ، فزوجاه nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة بنت الحارث ورسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة قبل أن يخرج " ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي عن
عبد العزيز [ ص: 199 ] بن محمد عن
ربيعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار nindex.php?page=hadith&LINKID=16015486أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث nindex.php?page=showalam&ids=18العباس بن عبد المطلب ، وأبا رافع فزوجاه بسرف وهو حلال بالمدينة .
وهذا فيه نظر ، وهذا الحديث وإن كان مرسلا فهو يقوى من جهتين :
إحداهما : أن
nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار هو مولاها ، فمثله قد يطلع على باطن حالها ، ومعه مزيد علم خفي على غيره .
الثاني : أنه هو الذي روى حديث
nindex.php?page=showalam&ids=96أبي رافع عنه كما تقدم ، وأهل الحديث يعدونه حديثا واحدا أسنده
سليمان تارة ، وأرسله أخرى ، فيعلم أنه تلقى هذا الحديث عن
nindex.php?page=showalam&ids=96أبي رافع وهو كان الرسول في النكاح .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=17416يونس بن بكير عن
جعفر بن برقان عن
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران عن
nindex.php?page=showalam&ids=17354يزيد بن الأصم قال : "
تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة وهو حلال ، بعث إليها الفضل بن العباس ورجل معه فزوجوه إياها " وهذا يوافق الذي قبله في تقدم النكاح ، ويخالفه في تسمية أحد الرجلين .
فإن قيل : فقد تقدم في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن
[ ص: 200 ] nindex.php?page=showalam&ids=15684حبيب بن الشهيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران عن
nindex.php?page=showalam&ids=17354يزيد بن الأصم nindex.php?page=hadith&LINKID=16015488عن nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة قالت : " تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن حلالان بسرف " وفي رواية : " بسرف ونحن حلال بعدما رجعنا من مكة " رواه
أحمد ، وهذا لا يمكن إلا بعد العمرة وهو قافل من
مكة إلى
المدينة .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015468تزوج nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة وهو محرم " قال
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : وهم
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وإن كانت خالته ، وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما حل . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر .
وقال
ابن إسحاق : حدثني نفر
عن nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب أنه قال : " هذا nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس يزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نكح nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة وهو محرم ، وكذب ، وإنما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فكان الحل والنكاح جميعا فشبه ذلك على الناس " .
وهذا يدل على أن من روى أنه تزوجها حلالا اعتقد تأخر العقد عن الإحرام
[ ص: 201 ] nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس أخبر بوقوعه قبل ذلك ، فيكون هو الذي قد اطلع على ما خفي على غيره ، يؤيد ذلك ما روى
سنيد بن الحباب بن أبي معشر عن
شرحبيل بن سعد قال :
لقي nindex.php?page=showalam&ids=18العباس بن عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجحفة حين اعتمر عمرة القضية ، فقال له العباس : يا رسول الله تأيمت nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة بنت الحارث بن حرب بن أبي رهم بن عبد العزى ، فهل لك في أن تزوجها ، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم ، فلما أن قدم مكة أقام ثلاثا فجاءه nindex.php?page=showalam&ids=3795سهيل بن عمرو في نفر من أصحابه من أهل مكة ، فقال : يا محمد اخرج عنا ، اليوم آخر شرطك ، فقال : دعوني أبتني بامرأتي وأصنع لكم طعاما ، فقال : لا حاجة لنا بك ولا بطعامك ، اخرج عنا ، فقال له سعد : يا عاض بظر أمه أرضك وأرض [ ص: 202 ] أمك دونه ، لا يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يشاء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعهم فإنهم زارونا لا نؤذيهم ، فخرج فبنى بها بسرف " .
وروى
ابن إسحاق قال : حدثني
أبان بن صالح nindex.php?page=showalam&ids=16406وعبد الله بن أبي نجيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015491أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة بنت الحارث في سفرته في هذه العمرة وكان الذي زوجه nindex.php?page=showalam&ids=18العباس بن عبد المطلب ، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا فأتاه nindex.php?page=showalam&ids=2207حويطب بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبدود في نفر من قريش ، وكانت قريش قد وكلته بإخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة ، فقالوا : قد انقضى أجلك فاخرج عنا ، فقال لهم : لو تركتموني فعرست بين أظهركم وصنعنا طعاما فحضرتموه ؟ فقالوا : لا حاجة لنا بطعامك فاخرج عنا ، فخرج وخلف أبا رافع مولاه على nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة حتى أتاه بها بسرف ، فبنى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم هنالك " .
وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بعض هذا الحديث تعليقا فقال : وزاد
ابن إسحاق : حدثني
ابن نجيح وأبان بن صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015492تزوج النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة في عمرة القضاء .
فقد اضطربت هذه الروايات في وقت تزوجه ، فمن قائل أنه تزوجها قبل
[ ص: 203 ] الإحرام ، ومن قائل عقب الحل
بمكة ، ومن قائل
بسرف وهما حلالان ; إما قبل الإحرام أو بعد رجوعه إلى
المدينة ، ثم أجود ما فيها حديث
nindex.php?page=showalam&ids=17354يزيد بن الأصم عن
nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة ، وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار عن
nindex.php?page=showalam&ids=96أبي رافع ، وقد رويا مرسلين من وجوه هي أقوى من رواية من أسند ، وهذه علة فيهما إن لم توجب الرد فإنها توجب ترجح حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس الذي هو أصح إسنادا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار : حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب عن
جابر بن زيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015493أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نكح nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة وهو محرم فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17354يزيد بن الأصم nindex.php?page=hadith&LINKID=16015494أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة وهو حلال ، قال
عمرو : فقلت
nindex.php?page=showalam&ids=12300لابن شهاب : أتجعل حفظ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس كحفظ أعرابي يبول على عقبيه " .
قيل : أما رواية من روى أنه تزوجها وهما حلالان
بسرف إن كانت محفوظة فإن معناها والله أعلم أنه بنى بها ودخل بها
بسرف كما فسرت ذلك جميع الروايات ، فإنها كلها متفقة على أنه بنى بها بعد منصرفه من عمرته بسرف ، وأكثر الروايات على أن عقد النكاح تقدم على ذلك ، وقد تقدم أنه أراد أن يبني بها
بمكة ، اللهم إلا أن يكون تقدم الخطبة والركون ، ولم يعقد العقد إلا
بسرف حين البناء ؛ فإن هذا ممكن ، وعلى هذا حمل القاضي الروايتين ، وفسر قوله : دعوني أعرس ، معناه : أعقد وأعرس ، فلما منعوه خرج إلى
سرف فعقد وأعرس .
[ ص: 204 ] وأما رواية من روى أنه تزوجها قبل الإحرام أو بعده ، فإما أن يكون الأول هو المطلع على حقيقة الأمر وخفي على الثاني ، فإن ذاك مثبت وهذا ناف لا سيما
وسليمان بن يسار ،
ويزيد بن الأصم أعلم بهذه القضية من غيرهما ثم لم يتحدث بالعقد ولم يظهر إلا بعد مقدمه
مكة وانقضاء عمرته ، ومن هنا اعتقد من اعتقد أن العقد وقع في أثناء الإحرام ، وقد ذكر هذا القاضي ، وقال : هذا تأويل جيد ، أو أن يكون بعث
أبا رافع ومن معه فخطبا له ووقع الاتفاق والمواطأة على العقد ثم لم يعقد إلا بعد الإحرام .
وأما كونهما قد رويا مرسلين ، وكون
nindex.php?page=showalam&ids=17354يزيد بن الأصم لا يعدل
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فليس بشيء ، فإنه قد روي مسندا من وجوه مرضية مخرجة في الصحاح والحسان ، والقصة إذا أسندها من يحدثها تارة وأرسلها أخرى كان أوكد في ثبوتها عنده وثقته بحديث من حدثه ، فإنه إنما يخاف في الإرسال من ضعف الواسطة ، فمتى سماه مرة أخرى زال الريب .
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس رضي الله عنه لم يعارض به
nindex.php?page=showalam&ids=17354يزيد بن الأصم في شيء يكون
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أعلم به منه ، وإنما هو أمر نقلي ، العالم والجاهل فيه سواء ، ثم
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لم يسند روايته إلى أحد ويزيد قد أسند روايته إلى خالته المنكوحة أم المؤمنين ولا ريب أنها أعلم بحالها من ابن أختها
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
الجواب الثاني : أن تزوج
nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة وإن لم يحكم فيه بصحة رواية من روى أنه تزوجها حلالا فلا ريب أنه قد اضطربت فيه النقلة ، ومع ما تقدم فلا وجه يصح الاحتجاج به لعدم الجزم بأنه تزوجها وهو محرم ، فتتساقط الروايتان ، وحديث
عثمان لا اضطراب فيه ولا معارض له .
[ ص: 205 ] الجواب الثالث : أنه لو تيقنا أنه تزوجها محرما لكان حديث
عثمان هو الذي يجب أن يعمل به لأوجه :
أحدها : أن حديث
عثمان ناقل عن الأصل الذي هو الإباحة ، وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مبق على الأصل ، فإن قدرنا حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس متأخرا لزم تغيير الحكم مرتين ، وإن قدرنا حديث
عثمان متأخرا لكان تزوج
nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة قبل التحريم ، فلا يلزم إلا تغيير الحكم مرة واحدة فيكون أولى .
الثاني : أن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس كان في عمرة القضية قبل فتح
مكة وقبل فرض الحج ، كما تقدم ، ولم تكن أحكام الحج قد مهدت ، ولا محظورات الإحرام قد بينت ، وحديث
عثمان إنما قاله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ; لأن النهي عن اللباس والطيب إنما بين في حجة الوداع ، فكيف النهي عن عقد النكاح ؟ إذ حاجة المحرمين إلى بيان أحكام اللباس أشد من حاجتهم إلى بيان حكم النكاح ، والغالب أن البيان إنما يقع وقت الحاجة . فهذه القرائن وغيرها تدل - من كان بصيرا بالسنن كيف كانت تسن ، وشرائع الإيمان كيف كانت تنزل - : أن النهي عن النكاح متأخر .
الثالث : أن تزوجه فعل منه ، والفعل يجوز أن يكون خاصا به ، وحديث
عثمان نهي لأمته ، والمرجع إلى قوله أولى من فعله ، ومن رد نص قوله وعارضه بفعله فقد أخطأ .
الرابع : أن حديث
عثمان حاظر وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مبيح ، والأخذ بالحاظر أحوط من الأخذ بالمبيح .
الخامس : أن أكابر الصحابة قد عملوا بموجب حديث
عثمان ، وإذا اختلفت الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرنا إلى ما عمل به الخلفاء الراشدون . ولم يخالفهم أحد من الصحابة فيما بلغنا إلا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وقد علم مستند فتواه ، وعلم أن من حرم نكاح المحرم من الصحابة يجب القطع بأنه إنما فعل ذلك عن علم عنده خفي على من لم يحرمه ، فإن إثبات مثل هذه الشريعة لا مطمع في دركه بتأويل أو قياس ، وأصحاب رسول الله
[ ص: 206 ] صلى الله عليه وسلم أعلم بالله وأخشى من أن يقولوا على الله ما لا يعلمون بخلاف من أباحه فإنه قد يكون مستنده الاكتفاء بالبراءة الأصلية ، وإن كان قد ظهر له في هذه المسألة مستند آخر مضطرب .
السادس : أن
أهل المدينة متفقون على هذا علما ورثوه من زمن الخلفاء الراشدين إلى زمن
أحمد ونظرائه ، وإذا اعتضد أحد الخبرين بعمل
أهل المدينة كان أولى من غيره في أصح الوجهين ، وهو المنصوص عن
أحمد في مواضع ، وقد تقدم أنه اعتضد في هذه المسألة
أهل المدينة ، لا سيما إذا كانوا قد رووا هم الحديث ، فإن نقلهم أصح من نقل غيرهم من الأمصار ، وهم أعلم بالسنة من سائر أهل الأمصار ، وكان عندهم من السابقين الأولين من
المهاجرين والأنصار الذين أمرنا باتباعهم بإحسان ما لم يكن عند غيرهم ، وإنما كان الناس تبعا لهم في الرأي والرواية إلى انصرام خلافة
عثمان وبعد ذلك ، فإن لم يكونوا أعلم من غيرهم ، فلم يكونوا بدون من سواهم ، ونحن وإن لم نطلق القول
[ ص: 207 ] بأن إجماعهم حجة فإنا نضعهم مواضعهم ، ونؤتي كل ذي حق حقه ونعرف مراتب المحدثين والمفتين والعاملين لنرجح عند الحاجة من يستحق الترجيح ، وفي المسألة أقيسة شبيهة ، ومعان فقهية .
وأيضا فإن الإحرام تحريم جميع دواعي النكاح تحريما يوجب الكفارة مثل القبلة والطيب ، ويمنع التكلم بالنكاح والزينة ، وهذه مبالغة في حسم مواد النكاح عنه .
وعقد النكاح من أسبابه ودواعيه ، فوجب أن يمنع منه وعكسه الصيام والاعتكاف ، فإنه يحرم القبلة ولا يمنع الطيب والتكلم بالنكاح ، والاعتكاف . وإن قيل بكراهة الطيب فيه فإنه لا يحرم ذلك ، ثم لا كفارة في شيء من مقدمات النكاح إذا فعله في الصيام والاعتكاف .
وقد بالغ الشرع في قطع أسبابه ، حتى إنه يفرق بين الزوجين في قضاء الحجة الفاسدة .
وأيضا فإن المقصود بالنكاح : حل الاستمتاع ، فمن حقه ألا يصح إلا في حل يقبل الاستمتاع ، وأن لا يتأخر حل الاستمتاع عن العقد ; لأن السبب إذا لم يفد حكمه ومقصوده وقع باطلا ، كالبيع في محل لا يملكه ، والإجارة على منافع لا تستوفى ، ولهذا لم يصح في المعتدة من نكاح أو في شبهة أو زنا ، ولا في المستبرأة في ظاهر المذهب ،
[ ص: 208 ] وإن قيل : تعتد بعد العقد . وسائر أحكام النكاح من الإرث ووجوب النفقة وجواز الخلوة والنظر توابع لحل الاستمتاع .
وإنما صح
نكاح الحائض والنفساء والصائمة ; لأن بعض أنواع الاستمتاع هناك ممكن ، أو وقت الاستمتاع قريب ، فإن الصائم يستمتع بالليل والحائض يستمتع منها بما دون الفرج ، وأما المعتكف فإن أصحابنا قالوا : يصح نكاحه لأن منعه ... .
والإحرام يمنع الاستمتاع بكل حال منعا مؤكدا تطول مدته على وجه يفضي الاستمتاع إلى مشاق شديدة من المضي في الفاسد ووجوب القضاء والهدي والتعرض لسخط الله وعقابه ، والإحرام لا ينال إلا بكلف ومشاق ، وليس في العبادات أشد لزوما وأبلغ نفوذا منه ، فإيقاع النكاح فيه إيقاع له .
وأيضا فإن الإحرام مبناه على مفارقة العادات في الترفه ، وترك أنواع الاستمتاعات فلا يلبس اللباس المعتاد ، ولا يتطيب ولا يتزين ولا يتظلل ، ويلازم
[ ص: 209 ] الخشوع والاخشيشان ، ويقصد بيت الله أشعث أغبر أدفر قملا ، ولا شك أن من يتزوج فقد فتح باب التنعم والاستمتاع وعقد أسباب اللذة والشهوة وتعرض للهو واللعب ، وحاله مخالفة لحال الخاشع المعرض عن جميع العادات ، والصائم يخالفه في عامة هذه الأشياء فإن تحفية الطيب والمجمر ، والمعتكف بينهما .
وأيضا فإن
المعتدة عن وفاة الزوج منعت الطيب والزينة حسما لمواد النكاح ومفارقة لحال المتزوجة وألزمت لزوم المنزل ،
والمحرمة قد منعت الطيب والزينة فهي كالمعتدة من الوجه .
وأيضا فإن المقصود من النكاح الاستمتاع ، فلما منع المحرم من النكاح منع من مقصوده ، كتملك الصيد لما كان مقصوده ابتذال الصيد وإتلافه منع منه لما كان ممنوعا من مقصوده ; يوضح ذلك : أن نفس ملك الصيد لا محظور فيه كملك ... .
ولهذا لا يمنع دوام ملك النكاح والصيد ، وإنما يمنع من ابتدائهما ، وعكسه شراء الجواري والطيب واللباس ، لما لم يكن مقصوده مجرد الاستمتاع لم يمنع منه
[ ص: 210 ] ( فصل )
وإذا تزوج وهو محرم ... .