( فصل )
ويضمن الصيد بمثله سواء كان المثل مما يجزئ في الهدايا والضحايا المطلقة أو لا ، لما تقدم عن
عمر nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس : أنهم أوجبوا في جزاء الصيد : العناق ، والجفرة ، والحمل ، والجدي ، وهي لا تجوز في الأضاحي ، ولا مخالف لهم في الصحابة
[ ص: 303 ] والأصل في ذلك : أن الله أوجب مثل المقتول من النعم ؛ ومثل الصغير صغير كما أن مثل الكبير كبير .
وقوله - بعد ذلك - : (
هديا بالغ الكعبة ) لا يمنع من إخراج الصغير ؛ لأن كل ما يهدى إلى
الكعبة فهو هدي ، ولهذا لو قال : لله علي أن أهدي الجفرة جاز .
نعم الهدي المطلق : لا يجوز فيه إلا الجذع من الضأن والثني من المعز ، والهدي المذكور في الآية ليس بمطلق ، فإنه منصوب على الحال من قوله : (
مثل ما قتل ) والتقدير : فليخرج مثل المقتول على وجه الإهداء إلى
الكعبة . وهذا هدي مقيد لا مطلق . فعلى هذا : منه ما يجب في جنسه الصغير كما تقدم ، ومنه ما يجب في جنسه الصغير والكبير ، فينظر إلى المقتول ، فيتغير ؛ صفاته ، فيجب في الصغير صغير ، وفي الكبير كبير ، وفي الذكر ذكر ، وفي الأنثى أنثى ، وفي الصحيح صحيح ، وفي المعيب معيب تحقيقا لمماثلة المذكورة في الآية .
فإن كان الصيد سمينا ، أو مسنا ، أو كريم النوع : اعتبر في مثله ذلك ، ويفتقر هنا في المماثلة إلى الحكمين . هذا قول
ابن أبي موسى والقاضي وعامة من بعده من أصحابنا . وإن فدى الصغير بالكبير فهو أحسن .
وخرج
ابن عقيل وجها - على قول
أبي بكر في الزكاة - : أن لا يجزئ عن المريض إلا الصحيح .
قال القاضي وأصحابه ، مثل
ابن عقيل وأبي الخطاب : فإن فدى الذكر
[ ص: 304 ] بالأنثى : جاز فهو أفضل لأنها خير منه ، وإن فدى الأنثى بالذكر : ففيه وجهان : أحدهما : يجوز لأنهما جنس واحد .
والثاني : لا يجوز لأن الأنثى أفضل .
وقال
ابن أبي موسى : في صغار أولاد الصيد : صغار أولاد المفدى به ، وبالكبير أحسن . وإذا أصاب صيدا أعور . أو مكسورا : فداه بمثله ، وبالصحيح أحسن ، ويفدى الذكر بالذكر ،والأنثى بالأنثى ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب .
وعلى هذا : فلا يفدى الذكر بالأنثى ، ولا الأنثى بالذكر ؛ لأن في كل منهما صفة مقصودة ليست في الآخر ، فلم يجوز الإخلال بها ، كما لو فدى الأعور الصحيح الرجلين بالأعرج الصحيح العين .
وقياس المذهب : عكس ذلك ؛ وهو أنه إن فدى الأنثى بالذكر جاز ، وفي العكس تردد ، وقد نص
أحمد على أن في الضبع كبشا ؛ لأن الهدايا ، والضحايا المقصود منها اللحم ولحم الذكر أفضل بخلاف الزكاة ، والديات ، فإن المقصود منها الاستبقاء للدر والنسل ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - : قضى في الضبع بكبش ، والضبع إما أن يكون مخصوصا بالأنثى ، أو يشمل الذكر والأنثى ، فإن الذكر يسمى الضبعان .
وإن فدى الأعور بالأعرج ونحو ذلك مما يختلف فيه جنس العيب : لم يجز .
وإن فدى أعور العين اليمنى بأعور العين اليسرى ، أو بالعكس : جاز ؛ لأن جنس العيب واحد وإنما اختلف محله ، وكذلك إن فدى أعرج اليد بأعرج الرجل .
[ ص: 305 ] وأما الماخض : فقال
أبو الخطاب وطائفة غيره : يضمنه بماخض مثله ، فإن لم يكن له مثل ضمنه بقيمة مثله ماخضا . وعلى هذا فيعتبر أن يكون قد مر له من مدة الحمل مثل حمل الصيد أو أكثر .
وقال القاضي : يضمن الماخض بقيمته مطلقا .
وإذا لم يجد جريحا من النعم : يكون مثل
المجروح من الصيد ، ولم يجد معيبا : أخرج قيمة مثله مجروحا .