قال المصنف : رحمه الله تعالى ( إذا تيمم لعدم الماء ثم رأى الماء ، فإن كان قبل الدخول في الصلاة بطل تيممه ; لأنه لم يحصل في المقصود ، فصار كما لو رأى الماء في أثناء التيمم ) .
( الشرح ) إذا تيمم لحدث أصغر أو أكبر ثم رأى ماء يلزمه استعماله بطل تيممه بلا خلاف عندنا ، سواء رآه في أثناء التيمم أو بعد الفراغ منه . وقولنا : تيمم لعدم الماء احتراز ممن تيمم لمرض أو جراحة ونحوهما مما لا يشترط فيه عدم الماء ، فإن هذا لا يؤثر فيه وجود الماء . وقولنا : ماء يلزمه استعماله احتراز مما إذا رآه ولم يتمكن من استعماله بأن كان دونه حائل أو كان محتاجا إليه لعطش ونحوه ، فإنه لا يبطل تيممه ; لأن وجود هذا الماء كالعدم ، [ ص: 349 ] ولا فرق عندنا بين أن يجد الماء وقد ضاق وقت الصلاة بحيث لو اشتغل بالوضوء خرج وقت الصلاة ، ولو صلى بالتيمم أدرك وبين ألا يضيق ، هذا مذهبنا .
ونقل nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر في كتابيه كتاب الإجماع وكتاب الإشراف إجماع العلماء عليه . ونقل أصحابنا عن nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة بن عبد الرحمن التابعي والشعبي أنهما قالا : إن رأى الماء بعد الفراغ من التيمم لا يبطل ، وإن رآه في أثنائه بطل ، ونقل القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب وغيره الإجماع على أن رؤيته في الثانية يبطل ، واحتج nindex.php?page=showalam&ids=12031لأبي سلمة بأن وجود المبدل بعد فراغه من البدل لا يبطل البدل كما لو وجد المكفر الرقبة بعد فراغه من الصوم ، وكما لو فرغت من العدة بالأشهر ثم حاضت .
واحتج أصحابنا بقوله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=14479الصعيد الطيب وضوء المسلم ، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته } وهو صحيح سبق بيانه ، وبالقياس على رؤيته في أثناء التيمم ، وبأن التيمم لا يراد لنفسه بل للصلاة ، فإذا وجد الأصل قبل الشروع في المقصود لزم الأخذ بالأصل ، كالحاكم إذا سمع شهود الفرع ، ثم حضر شهود الأصل قبل الحكم ، والجواب عن الصوم والأشهر : أنهما مقصودان . وذكر القاضي عبد الوهاب المالكي أن مذهبهم : أنه يتوضأ إلا أن يخشى فوت الوقت ، ومذهبنا ومذهب الجمهور : أنه لا فرق ; لأنه واجد للماء ، والله أعلم .
قال أصحابنا : ولو توهم القدرة على ما يجب استعماله ، بطل تيممه كما لو تيقنه ، وذلك بأن يرى سرابا ونحوه أو جماعة يجوز أن معهم ماء ، وإنما يبطل في جميع هذه الصور ، إذا لم يقارن ذلك ما يمنع وجوب استعماله ، بأن يحول دونه سبع ونحوه ، أو يحتاج إليه للعطش ، وقد سبقت المسألة بنظائرها والله أعلم