قوله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=28730كل أمر ذي بال } معناه له حال يهتم به ، ومعنى أقطع أي ناقص قليل البركة ، وأجذم بمعناه ، وهو بجيم وذال معجمة ، يقال : جذم يجذم كعلم يعلم ، قال العلماء - رحمهم الله - : يستحب البداءة بالحمد لله لكل مصنف ، ودارس ومدرس ، وخطيب وخاطب ، ومزوج ومتزوج ، وبين يدي سائر الأمور المهمة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - أحب أن يقدم المرء بين يدي خطبته ( يعني بكسر الخاء ) وكل أمر طلبه حمد الله تعالى ، والثناء عليه سبحانه ، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم واعترضوا على nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني - رحمه الله - حيث لم يبدأ في مختصره بحمد الله ، وأجاب الأصحاب عنه بأجوبة .
( أحدها ) : أنه بدأ بالحمد لله وخطب خطبة ، فأخل بذلك من نقل كتابه ، قالوا : وقد وجد في بعض النسخ الحمد لله الذي لا شريك له في ملكه ولا مثل الذي هو كما وصف نفسه ، وفوق ما يصفه به خلقه ، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير . الجواب الثاني : يحتمل أن الحديث لم يبلغ nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني ولا يقدح ذلك في جلالته . [ ص: 118 ] الجواب الثالث : أن الذي اقتضاه الحديث أن يحمد . لا أن يكتبه . والظاهر : أن nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني حمد بلسانه ، فإن الحديث مشهور ، فيبعد خفاؤه عليه وتركه له مع علمه .
الجواب الرابع : أن لفظة الحمد ليست متعينة لتسميته حمدا ; لأن الحمد الثناء وقد أثنى nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني على الله تعالى في أول كتابه ، فقال : بسم الله الرحمن الرحيم ، والتسمية من أبلغ الثناء ، ويؤيد هذا التأويل أنه جاء في رواية كما نقلناه ، وذكروا أجوبة كثيرة غير مرضية فتركتها ، وأما معنى " الحمد " فقال العلماء : هو الثناء على المحمود بجميل صفاته وأفعاله ، والشكر : الثناء عليه بأنعامه . فكل شكر حمد وليس كل حمد شكرا ، ونقيض الحمد الذم ، ونقيض الشكر الكفر .
وقوله ( الذي وفقنا ) قال أصحابنا المتكلمون : التوفيق خلق قدرة الطاعة ، والخذلان خلق قدرة المعصية ، والموفق في شيء لا يعصي في ذلك الشيء ; إذ لا قدرة له على المعصية .
قال إمام الحرمين : والعصمة هي التوفيق فإن عمت كانت توفيقا عاما ، وإن خصت كانت توفيقا خاصا . قالوا : ويكون الشكر بالقول والفعل ، ويقال : شكرته وشكرت له ، ويقال في لغة غريبة : شكرت به بالباء وتشكرت له كشكرته ، والشكران خلاف الكفران .
وقوله : ( وهدانا لذكره ) المراد هنا بالهدى : خلق الإيمان واللطف ، وقد يكون الهدى بمعنى البيان ، ومنه : { وأما ثمود فهديناهم } أي بينا طريق الخير والشر ومثله { إنا هديناه السبيل } { وهديناه النجدين } أي : بينا طريق الخير والشر ، وأما الذكر فأصله : التنبيه ، قال الإمام أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي المفسر الأديب الشافعي : أصل الذكر في اللغة التنبيه على الشيء ، وإذا ذكرته فقد نبهت عليه ، ومن ذكرك شيئا فقد نبهك عليه ، وليس من لازمه أن يكون بعد نسيان ، قال : ومعنى الذكر حضور المعنى في النفس ، ويكون تارة بالقلب ، وتارة باللسان ، وتارة بهما ، وهو أفضل الذكر ، ويليه ذكر القلب . والله أعلم .