قال المصنف رحمه الله تعالى ( وأكثر النفاس ستون يوما وقال nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني : أربعون يوما ، والدليل على ما قلناه ما روي عن الأوزاعي قال : عندنا امرأة ترى النفاس شهرين وعن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء والشعبي وعبيد الله بن الحسن العنبري nindex.php?page=showalam&ids=15689والحجاج بن أرطاة : أن النفاس ستون يوما وليس لأقله حد ، وقد تلد المرأة ولا ترى الدم وروي أن امرأة ولدت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم تر نفاسا فسميت ذات الجفوف ) .
( الشرح ) هذا الحديث غريب والجفوف بضم الجيم معناه الجفاف وهما مصدران لجف الشيء يجف بكسر الجيم وبفتحها أيضا في لغية . أما حكمه فمذهبنا المشهور الذي تظاهرت عليه نصوص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله وقطع به الأصحاب أن أكثر النفاس ستون ولا حد لأقله ومعناه لا يتقيد بساعة ولا بنصف ساعة مثلا ولا نحو ذلك بل قد يكون مجرد مجة أي دفعة كما قاله المصنف في التنبيه والأصحاب وحكى أبو عيسى الترمذي في جامعه عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنه قال : أكثره أربعون يوما . وهذا عجيب والمعروف في المذهب ما سبق وأما إطلاق جماعة من أصحابنا أقل النفاس ساعة ، فليس معناه الساعة التي هي جزء من اثني عشر جزءا من النهار بل المراد مجة كما ذكره الجمهور . وانفرد صاحب الحاوي فقال : ليس nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي رحمه الله في كتبه نص في أقل النفاس روى nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور عنه أن أقله ساعة . قال : واختلف أصحابنا هل الساعة حد لأقله أم لا ؟ على وجهين : ( أحدهما ) وهو قول أبي العباس وجميع البغداديين أنه محدود الأقل وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور .
( والثاني ) : وهو قول البصريين أنه لا حد لأقله ، وإنما ذكر الساعة تقليلا لا تحديدا وأقله مجة دم وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق . هذا كلام صاحب الحاوي . وقال صاحب الشامل : وقع في بعض نسخ nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني أقله ساعة وأشار nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر إلى أن nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي في ذلك قولين فإنه [ ص: 540 ] قال : كان nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يقول : إذا ولدت فهي نفساء فإذا أرادت الطهر وجب الغسل والصلاة قال : وحكى nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن أقل النفاس ساعة والصحيح المشهور ما قدمناه أن أقله مجة . وبنى صاحب الحاوي على ما ذكره من الخلاف في تحديده بساعة أنها لو ولدت ولم تر دما أصلا وقلنا : إن الولادة بلا دم توجب الغسل فهل يصح غسلها عقب الولادة ؟ أم لا بد من تأخيره ساعة ؟ فيه وجهان إن قلنا : محدود لم يصح وإلا فيصح ، وهذا البناء ضعيف انبني على ضعيف بل الصواب القطع بصحة غسلها وكيف تمنع صحته بسبب النفاس ولا دم هنا والله أعلم .
قال الروياني في البحر : ولا خلاف أن ابتداء الستين يكون عقيب انفصال الولد سواء قلنا : الدم الخارج مع الولد نفاس أم لا ، ولم يذكر المصنف غالب النفاس وتركه عجب فقد ذكره هو في التنبيه والأصحاب ، ثم أنه قال بعد هذا : ترد المبتدأة إلى غالبه في أحد القولين ، وهذا يزيد التعجب من تركه ، وأنه استغنى بشهرته وقد اتفق أصحابنا على أن غالبه أربعون يوما ومأخذه العادة والوجود والله أعلم .
( فرع ) ذكر المصنف في هذا الفصل أسماء جماعة منهم nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء والأوزاعي ، وقد بينا حالهما في أول الباب ، وأما الشعبي فبفتح الشين وهو أبو عمرو عامر بن شراحيل بفتح الشين وقيل : عامر بن عبد الله بن شراحيل الكوفي التابعي الكبير المتفق على جلالته وإمامته وبراعته وشدة حفظه ، روينا عنه قال : أدركت خمسمائة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وروينا عنه قال : ( ما كتبت سوداء في بيضاء قط ، ولا حدثني رجل بحديث فأحببت أن يعيده علي ولا حدثني رجل بحديث إلا حفظته ) وأحواله كثيرة ذكرت جملة منها في تهذيب الأسماء . ولد لست سنين خلت من خلافة nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه وتوفي سنة أربع ومائة . وقيل سنة ثلاث وقيل خمس وقيل ست ، وأما العنبري فهو عبيد الله بن الحسن بن الحسين بن مالك العنبري القاضي البصري ، ولي قضاء البصرة بعد nindex.php?page=showalam&ids=16069سوار بن عبد الله نسب إلى العنبر بن عمرو بن تميم جد من أجداده ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12256محمد بن سعد : كان محمودا ثقة عاقلا ، وهو من تابع التابعين . وأما الحجاج بن أرطاة فبفتح الهمزة وإسكان الراء وبالطاء المهملة ، وهو [ ص: 541 ] أبو أرطاة النخعي الكوفي من تابع التابعين وهو أحد المفتين بالكوفة استفتي وهو ابن ست عشرة سنة وولي قضاء البصرة رحمهم الله أجمعين .
( فرع ) في مذاهب العلماء في أكثر النفاس وأقله ، قد ذكرنا أن مذهبنا المشهور أن أكثره ستون يوما ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء والشعبي والعنبري nindex.php?page=showalam&ids=15689والحجاج بن أرطاة nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : وزعم ابن القاسم أن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالكا رجع عن التحديد بستين يوما وقال : يسأل النساء عن ذلك ، وذهب أكثر العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى أن أكثره أربعون ، كذا حكاه عن الأكثرين الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=14228والخطابي وغيرهما قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : قال أبو عبيد : على هذا جماعة الناس ، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس nindex.php?page=showalam&ids=61وعثمان بن أبي العاص وعائذ بن عمرو بالذال المعجمة وأم سلمة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة وأصحابه nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبي عبيد رضي الله عنهم . وحكى الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر وابن جرير وغيرهم عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري أنه خمسون ، وقال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب : قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : قال nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث : قال بعض الناس : إنه سبعون يوما . قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر وذكر الأوزاعي عن أهل دمشق أن أكثر النفاس من الغلام ثلاثون يوما ومن الجارية أربعون . وعن الضحاك أكثره أربعة عشر يوما واحتج للقائلين بأربعين بحديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة رضي الله عنها قالت : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=28464كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يوما } " حديث حسن رواه أبو داود والترمذي وغيرهما . قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : أثنى nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري على هذا الحديث . واحتجوا بأحاديث بمعنى هذا من رواية nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس nindex.php?page=showalam&ids=32ومعاذ nindex.php?page=showalam&ids=61وعثمان بن أبي العاص ، nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة رضي الله عنهم قالوا : ولأن هذا تقدير فلا يقبل إلا بتوقيف أو اتفاق ، وقد حصل الاتفاق على أربعين . واحتج أصحابنا بأن الاعتماد في هذا الباب على الوجود ، وقد ثبت الوجود في الستين بما ذكره المصنف في الكتاب عن هؤلاء الأئمة ، فتعين المصير إليه كما قلنا في أقل الحيض والحمل وأكثرهما . قال أصحابنا : ولأن غالبه أربعون فينبغي أن يكون أكثره زائدا كما في الحيض والحمل . ونقل أصحابنا عن nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة شيخ nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك ، وهو تابعي ، قال أدركت الناس يقولون [ ص: 542 ] أكثر النفاس ستون ، وأما الجواب عن حديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة فمن أوجه : ( أحدها ) أنه محمول على الغالب .
( والثاني ) حمله على نسوة مخصوصات ، ففي رواية لأبي داود كانت المرأة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم تقعد في النفاس أربعين ليلة ، ( الثالث ) أنه لا دلالة فيه لنفي الزيادة ، وإنما فيه إثبات الأربعين ، واعتمد أكثر أصحابنا جوابا آخر وهو تضعيف الحديث ، وهذا الجواب مردود ، بل الحديث جيد كما سبق ، وإنما ذكرت هذا لئلا يغتر به .
وأما الأحاديث الأخر فكلها ضعيفة ضعفها الحفاظ منهم nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وبين أسباب ضعفها والله أعلم . وأما أقل النفاس فقد ذكرنا أن أقله عندنا مجة ، قال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب : وبه قال جمهور العلماء ، وقد سبق أنه مذهب nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ثلاث روايات أصحها مجة كمذهبنا ، ( والثانية ) أحد عشر ، ( والثالثة ) خمسة وعشرون ، ولم يذكر nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=14228والخطابي عنه غيرها . وحكى الماوردي عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري أقله ثلاثة أيام ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني : أقله أربعة أيام ، واحتج أصحابنا بأن الاعتماد على الوجود ، وقد حصل الوجود في القليل والكثير ، حتى وجد من لم تر نفاسا أصلا .
قال صاحب الحاوي : وسبب اختلاف العلماء أن كلا منهم ذكر أقل ما بلغه فوجب الرجوع إلى أقل ما وجد . وأما قول المصنف : قال nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني : أكثر النفاس أربعون ، فغريب عن nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني والمشهور عنه أنه قال : أكثره ستون كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وإنما خالفه في أقله ، كذا نقله nindex.php?page=showalam&ids=14929الفوراني والغزالي وصاحب العدة وآخرون ، فإن صح ما ذكره المصنف وذكروه كان عن nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني روايتان ، والله أعلم .