قال المصنف رحمه الله تعالى ( ولا تصلي بطهارة أكثر من فريضة لحديث فاطمة بنت أبي حبيش ويجوز أن تصلي ما شاءت من النوافل لأن النوافل تكثر فلو ألزمناها أن تتوضأ لكل نافلة شق عليها ) .
( الشرح ) مذهبنا أنها لا تصلي بطهارة واحدة أكثر من فريضة مؤداة كانت أو مقضية ، وأما المنذورة ففيها الخلاف السابق في باب التيمم . [ ص: 553 ] واحتج المصنف والأصحاب بحديث nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة المذكور وهو ضعيف باتفاق الحفاظ كما ذكرناه ، قالوا : ولا يصح ذكر الوضوء فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو من كلام nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير ، وإذا بطل الاحتجاج به تعين الاحتجاج بغيره فيقال : مقتضى الدليل وجوب الطهارة من كل خارج من الفرج خالفنا ذلك في الفريضة الواحدة للضرورة وبقي ما عداها على مقتضاه ، وتستبيح ما شاءت من النوافل بطهارة مفردة ، وتستبيح ما شاءت منها بطهارة الفريضة قبل الفريضة وبعدها لما ذكره المصنف . وقد حكى nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين وغيره في استباحتها النافلة وجهين بناء على القولين في صحة استباحة المعضوب والميت في حج التطوع ، وحكوا مثلهما وجهين في استباحة النافلة بالتيمم ، والمذهب الجواز في كل ذلك . وقد سبق بيان ذلك كله في باب التيمم هذا بيان مذهبنا ، وممن قال إنه لا يصح بوضوئها أكثر من فريضة nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : طهارتها مقدرة بالوقت فتصلي ما شاءت من الفرائض الفائتة في الوقت فإذا خرج بطلت طهارتها . وقال nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود : دم الاستحاضة ليس بحدث فإذا تطهرت صلت ما شاءت من الفرائض والنوافل إلى أن تحدث بغير الاستحاضة . واحتج من جوز فرائض بحديث رواه : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=15181المستحاضة تتوضأ لوقت كل صلاة } " وهذا حديث باطل لا يعرف ، والله أعلم .
( فرع ) مذهبنا أن طهارة المستحاضة الوضوء ولا يجب عليها الغسل لشيء من الصلوات إلا مرة واحدة في وقت انقطاع حيضها ، وبهذا قال جمهور السلف والخلف وهو مروي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وعائشة رضي الله عنهم وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير nindex.php?page=showalam&ids=12031وأبو سلمة بن عبد الرحمن nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد . وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=14وابن الزبير nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح رضي الله عنهم أنهم قالوا : يجب عليها الغسل لكل صلاة ، وروي هذا أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وروي عن عائشة أنها قالت : تغتسل كل يوم غسلا واحدا وعن nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب والحسن أنهما قالا : تغتسل من صلاة الظهر إلى الظهر دائما ، ودليلنا أن الأصل عدم الوجوب فلا يجب إلا ما ورد الشرع به ، ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمرها بالغسل إلا مرة واحدة عند انقطاع الحيض ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9470إذا أقبلت الحيضة [ ص: 554 ] فدعي الصلاة ، وإذا أدبرت فاغتسلي } " وليس في هذا ما يقتضي تكرار الغسل وأما الأحاديث الواردة في سنن أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي وغيرهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالغسل لكل صلاة فليس فيها شيء ثابت ، وقد بين nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ومن قبله ضعفها ، وإنما صح في هذا ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم في صحيحيهما أن أم حبيبة بنت جحش رضي الله عنها استحاضت فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=29841إنما ذلك عرق فاغتسلي ثم صلي } " فكانت تغتسل عند كل صلاة . قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه : إنما أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتصلي وليس فيه أنه أمرها أن تغتسل لكل صلاة قال : ولا أشك أن غسلها كان تطوعا غير ما أمرت به وذلك واسع لها ، هذا لفظ nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله وكذا قاله شيخه nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد وغيرهما ، والله أعلم .
( فرع ) قال صاحب الحاوي والبندنيجي وغيرهما : إذا توضأت المستحاضة ارتفع حدثها السابق ولم يرتفع المستقبل ولا المقارن ولكن تصح صلاتها وطوافها ونحوهما مع قيام الحدث للضرورة كالمتيمم ، ونقل المحاملي هذا عن ابن سريج ، ونقله صاحب البيان عن أصحابنا العراقيين . وقد سبق في باب مسح الخف أن nindex.php?page=showalam&ids=15021القفال وغيره من الخراسانيين قالوا : في ارتفاع حدثها بالوضوء قولان ، وأن إمام الحرمين والشاشي قالا : هذا غلط بل الصواب أنه لا يرتفع ، قالا : ويستحيل ارتفاع حدثها مع مقارنته للطهارة وقالإمام الحرمين هنا قال الأصحاب : لا يرتفع حدثها المستقبل وفي ارتفاع الماضي وجهان والمقارن ليس بحدث ، فحصل في المسألة ثلاثة طرق : ( أشهرها ) : يرتفع حدثها الماضي دون المقارن والمستقبل ، ( والثاني ) في الجميع قولان ، ( والثالث ) وهو الصحيح دليلا : لا يرتفع شيء من حدثها لكن تستبيح الصلاة وغيرها مع الحدث للضرورة ، وفي كيفية نيتها في الوضوء أوجه سبقت في باب نية الوضوء ( أصحها ) : تجب نية استباحة الصلاة ولا تجب نية رفع الحدث ولا تجزئ .