( أما حكم المسألة ) فأول وقت المغرب إذا غربت الشمس وتكامل غروبها وهذا لا خلاف فيه ، نقل nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر وخلائق لا يحصون الإجماع فيه . قال أصحابنا : والاعتبار سقوط قرصها بكماله ، وذلك ظاهر في الصحراء ، قال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد والأصحاب : ولا نظر بعد تكامل الغروب إلى بقاء شعاعها بل يدخل وقتها مع بقائه ، وأما في العمران وقلل الجبال فالاعتبار بألا يرى شيء من شعاعها على الجدران وقلل الجبال ، ويقبل الظلام من المشرق .
وأما آخر وقت المغرب نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله في كتبه المشهورة الجديدة والقديمة أنه ليس لها إلا وقت واحد وهو أول الوقت ، ونقل nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن لها وقتين ، الثاني منهما ينتهي إلى مغيب الشفق ، هكذا نقله عنه nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب وغيره . قال nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي : والذي نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في كتبه أنه ليس لها إلا وقت واحد وهو أول الوقت ، وقال صاحب الحاوي : حكى nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في القديم أن لها وقتين يمتد ثانيهما إلى مغيب الشفق . وقال فمن أصحابنا من جعله قولا ثانيا ، قال : وأنكره جمهورهم ; لأن الزعفراني وهو أثبت أصحاب القديم حكى عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن للمغرب وقتا واحدا . [ ص: 34 ]
واختلف أصحابنا المصنفون في المسألة على طريقين ، ( أحدهما ) القطع بأن لها وقتا فقط ، وبهذا قطع المصنف هنا والمحاملي وآخرون من العراقيين ، ونقله صاحب الحاوي عن الجمهور كما سبق ( والطريق الثاني ) على قولين ، أحدهما هذا ، والثاني يمتد إلى مغيب الشفق وله أن يبدأ بالصلاة في كل وقت من هذا الزمان ، وبهذا الطريق قطع المصنف في التنبيه وجماعات من العراقيين ، وجماهير الخراسانيين وهو الصحيح ، ; لأن nindex.php?page=showalam&ids=11956أبا ثور ثقة إمام ، ونقل الثقة مقبول ، ولا يضره كون غيره لم ينقله ، ولا كونه لم يوجد في كتب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وهذا مما لا شك فيه ، فعلى هذا الطريق اختلف في أصح القولين ، فصحح جمهور الأصحاب القول الجديد وهو أنه ليس لها إلا وقت واحد ، وصحح جماعة القديم ، وهو أن لها وقتين ، ممن صححه من أصحابنا أبو بكر بن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=14228وأبو سليمان الخطابي nindex.php?page=showalam&ids=13933وأبو بكر البيهقي والغزالي في إحياء علوم الدين وفي درسه والبغوي في التهذيب ، ونقله الروياني في الحلية عن nindex.php?page=showalam&ids=11956أبي ثور nindex.php?page=showalam&ids=15215والمزني nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر وأبي عبد الله الزبيري قال : وهو المختار ، وصححه أيضا العجلي والشيخ nindex.php?page=showalam&ids=12795أبو عمرو بن الصلاح .
وأما حديث صلاة جبريل عليه السلام في اليومين في وقت فجوابه من ثلاثة أوجه ( أحسنها وأصحها ) : أنه إنما أراد بيان وقت الاختيار لا وقت الجواز فهكذا هو في أكثر الصلوات وهي العصر والعشاء والصبح ، وكذا المغرب . ( والثاني ) أن حديث جبريل مقدم في أول الأمر بمكة وهذه الأحاديث متأخرة بالمدينة فوجب تقديمها في العمل . ( والثالث ) أن هذه الأحاديث أقوى من حديث جبريل لوجهين ( أحدهما ) أن رواتها أكثر ( والثاني ) أنها أصح إسنادا ، ولهذا خرجها nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في صحيحه دون حديث جبريل ، وهذا لا شك فيه ، فحصل أن الصحيح المختار أن للمغرب وقتين يمتد ما بينهما إلى مغيب الشفق ، ويجوز ابتداؤها في كل وقت من هذا ، فعلى هذا لها ثلاثة أوقات : وقت فضيلة واختيار وهو أول الوقت ، والثاني : وقت جواز وهو ما لم يغب الشفق ، والثالث : وقت عذر وهو وقت العشاء في حق من جمع لسفر أو مطر ، وهذا الذي ذكرناه من أن وقت الفضيلة ووقت الاختيار واحد وهو أول الوقت هو الصواب ، وبه قطع المحققون . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين والبغوي على هذا يكون النصف الأول مما بين أول الوقت ومغيب الشفق وقت اختيار . والنصف الثاني : وقت جواز ، وهذا ليس بشيء ويكفي في رده حديث جبريل ، وقد نقل أبو عيسى الترمذي عن العلماء كافة من الصحابة فمن بعدهم كراهة تأخير المغرب .
أما إذا قلنا : ليس للمغرب إلا وقت واحد فهو إذا غربت الشمس ومضى قدر طهارة وستر العورة وأذان وإقامة وخمس ركعات ، هذا هو الصحيح ، وبه قطع الخراسانيون ، وقيل : يعتبر ثلاث ركعات للفرض فقط ، وبهذا قطع المصنف وآخرون من العراقيين ، وادعى الروياني أنه ظاهر المذهب ، [ ص: 36 ] وليس كما ادعى . وحكى nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب في تعليقه وفي أنه لا يتقدر بالصلاة بل بالعرف فمتى أخر عن المتعارف في العادة خرج الوقت ، وهذا قوي ، ولكن المشهور اعتبار خمس ركعات منها ركعتان للسنة فكيف يقال : إن السنة تكون مقضية ، فإذا مضى هذا القدر فقد انقضى الوقت وما يمكن تقديمه على الغروب كالطهارة ، والستر لا يجب تقديمه ولكن يستحب ، وفيه وجه أنه يجب تقديم ما يمكن تقديمه وهو الوضوء والستر دون التيمم والأذان والإقامة ووضوء المستحاضة ومن في معناها . حكاه nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين والمتولي وغيرهما ، وهو شاذ والصواب الأول ، والمعتبر في كل ذلك الوسط المعتدل بلا إطالة ولا استعجال ، هكذا أطلق الجمهور . قال nindex.php?page=showalam&ids=15021القفال : تعتبر هذه الأمور متوسطة لا طويلة ولا قصيرة لكن يعتبر في حق كل إنسان فعل نفسه ; لأنهم يختلفون في ذلك فبعضهم خفيف الحركات والجسم والقراءة ، وبعضهم عكسه ، قال جماعة من الخراسانيين : ويحتمل مع ذلك أيضا أكل لقم يكسر بها حدة الجوع ، هكذا قالوا . والصواب أنه لا ينحصر الجواز في لقم ففي الصحيحين عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10388إذا قدم العشاء فابدءوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب ، ولا تعجلوا عن عشائكم } فإن أخر الدخول فيها عن هذا القدر المذكور أثم وصارت قضاء ، وإن لم يؤخر بل دخل فيها في هذا الوقت فهل له أن يمدها ويستديمها ؟ فيه ثلاثة أوجه مشهورة حكاها المصنف والمحاملي وآخرون قال البندنيجي : هذه الأوجه حكاها nindex.php?page=showalam&ids=11817أبو إسحاق المروزي وقد ذكر المصنف أدلتها ( أحدها ) لا يجوز ، ( والثاني ) يجوز استدامتها إلى القدر الذي يتمادى إليه فضيلة أول الوقت في سائر الصلوات ، ( والثالث ) وهو الصحيح : يجوز استدامتها إلى مغيب الشفق صححه أصحابنا منهم الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد والمحاملي والجرجاني وآخرون وقطع به المصنف في التنبيه والمحاملي في المقنع ودليله حديث قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في المغرب الأعراف ، وهو صحيح كما سبق ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي قرأ بالأعراف فرقها في الركعتين ، وهذا يمنع تأويل من قال : قرأ ببعضها والله أعلم .
( فرع ) أنكر الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد على أصحابنا المتقدمين وغيرهم [ ص: 37 ] قولهم : هل للمغرب وقت ؟ أم وقتان ؟ وقال : عبارتهم هذه غلط قال : بل للصلوات كلها وقت واحد ولكن المغرب يقصر وقتها وغيرها يطول ، وأجاب nindex.php?page=showalam&ids=13272الشيخ أبو علي السنجي عن هذا الإنكار وقال في كتابه شرح التلخيص : ليس المراد بقولنا : للصبح وغيرها وقتان أن يكون وقتان منفردين ولكن وقت واحد له أول وآخر كالصبح وقتها : أول طلوع الفجر ، ووقتها الثاني ما لم تطلع الشمس ، وحينئذ لا إنكار على طائفة اصطلحت على هذا . ( فرع ) قال nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين : إن قيل كيف قلتم للمغرب وقت واحد على الجديد مع أنه يجوز الجمع بين المغرب والعشاء في وقت المغرب بالسفر والمطر ، ومن شرط الجمع وقوع الصلاتين في أحدهما ؟ فالجواب من وجهين ( أحدهما ) أنه لا يشترط وقوع الصلاتين في وقت أحدهما ، إنما يشترط . وقوع إحداهما عقب الأخرى ( والثاني ) : أن وقت المغرب بعد الطهارة ونحوها قدر خمس ركعات للفريضة والسنة ، وهذا القدر يمكن فيه صلاة المغرب والعشاء مقصورة ، وكذا تامة تفريعا على الأصح أن التي يقع بعضها خارج الوقت أداء ، هذا كلام nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي والسؤال قوي ، والجوابان ضعيفان ، أما الأول فينتقض بمن جمع بين الظهر والعصر في آخر وقت العصر بحيث وقعت الظهر قبل غروب الشمس ، والعصر بعد الغروب . فإن قيل : المراد بالجمع جمع التقديم ، قلنا : إنما صحت الظهر والعصر في آخر وقت الظهر بحيث وقعت العصر في وقتها ; لأن الوقت قابل لها بخلاف المغرب والعشاء ، فإن بعد خروج وقت المغرب لا يصلح الوقت للعشاء على قوله الجديد فينبغي أن لا يصح ، وقد صحت بالاتفاق ، فدل على امتداد الوقت . وأما الجواب الثاني : فظاهر الفساد أيضا فإنه لا يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنهم كانوا يجمعون بحيث يقع بعض الصلاة الثانية لا في وقت الأولى ولا في وقت الثانية ، ولأنه إذا جمع في وقت المغرب جاز القصر بلا خلاف ولو كان كما قال nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي : لكان في صحة القصر خلاف بناء على أن الصلاة التي يقع بعضها خارج الوقت أداء أم قضاء ، وبناء على المقضية في السفر ، فظهر بما قلناه أن الصحيح امتداد وقت المغرب والله أعلم [ ص: 38 ]
( فرع ) في مذاهب العلماء في وقت المغرب : قد ذكرنا إجماعهم على أن أول وقتها غروب الشمس وبينا المراد بالغروب ، وحكى الماوردي وغيره عن الشيعة أنهم قالوا : لا يدخل وقتها حتى يشتبك النجوم ، والشيعة لا يعتد بخلافهم ، وأما آخر وقتها فقد ذكرنا أن المشهور في مذهبنا أن لها وقتا واحدا وهو أول الوقت وأن الصحيح أن لها وقتين يمتد ثانيهما إلى غروب الشفق . وممن قال بالوقتين nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر وممن قال بوقت واحد الأوزاعي ونقله nindex.php?page=showalam&ids=13272أبو علي السنجي في شرح التلخيص عن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد وأكثر العلماء ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك ثلاث روايات الصحيحة منها - وهي المشهورة في كتب أصحابه وأصحابنا - أنه ليس لها إلا وقت واحد ولم ينقلnindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عنه غيرها ، والثانية : وقتان إلى مغيب الشفق ، والثالثة : يبقى إلى طلوع الفجر ، ونقله nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء وقد سبقت دلائل المسألة وقد يستدل للشيعة بحديث يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=20901صلى المغرب عند اشتباك النجوم } ودليلنا حديث جبريل عليه السلام وحديث أبي موسى وبريدة أنه { nindex.php?page=hadith&LINKID=20900صلى المغرب حين غربت الشمس ، } وهي أحاديث صحيحة كما سبق . وعن nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج رضي الله عنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=37857كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم المغرب فينصرف أحدنا وإنه ليبصر مواقع نبله } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=119سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=29089كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم المغرب إذا توارت بالحجاب } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال nindex.php?page=showalam&ids=27لعقبة بن عامر رضي الله عنه وقد أخر المغرب أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { nindex.php?page=hadith&LINKID=30202لا تزال أمتي بخير أو قال : على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم } رواه أبو داود بإسناد حسن وهو حديث حسن ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=18العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=30210لا تزال أمتي على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم } رواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه بإسناد جيد ، والأحاديث في المسألة كثيرة . وأما الحديث المحتج لهم به فباطل لا يعرف ولا يصح ، ولو نقل لكان محمولا على أنه صلى الله عليه وسلم صلاها كذلك [ ص: 39 ] مرة لبيان الجواز ، وقد صح في أحاديث سبقت أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر المغرب لبيان الجواز ، والله أعلم .
( فرع ) يكره تسمية المغرب عشاء ، كذا صرح به المصنف وغيره ، للحديث السابق .