لم تر عيناي وتسمع أذني أحسن نظما من كتاب المزني
، وأنشد أيضا في فضائل المختصر وذكر من فضائله شيئا كثيرا . قال : ولا نعلم كتابا صنف في الإسلام أعظم نفعا وأعم بركة وأكثر ثمرة من مختصره ، قال : وكيف لا يكون كذلك واعتقاده في دين الله تعالى ، ثم اجتهاده في الله تعالى ، ثم في جمع هذا الكتاب ، ثم اعتقاد البيهقي في تصنيف الكتب على الجملة التي ذكرناها - رحمنا الله وإياهما وجمعنا في جنته بفضله ورحمته . وحكى القاضي الشافعي حسين عن الشيخ الصالح الإمام - رحمه الله - قال : من تتبع المختصر حق تتبعه لا يخفى عليه شيء من مسائل الفقه ، فإنه ما من مسألة من الأصول والفروع إلا وقد ذكرها تصريحا أو إشارة ، وروى أبي زيد المروزي عن البيهقي أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة إمام الأئمة قال : سمعت يقول : مكثت في تأليف هذا الكتاب عشرين سنة ، وألفته ثماني مرات وغيرته ، وكنت كلما أردت تأليفه أصوم قبله ثلاثة أيام وأصلي كذا وكذا ركعة . وقال المزني : لو ناظر الشافعي الشيطان لقطعه . وهذا المزني [ ص: 158 ] قاله الشافعي في سن الحداثة ، ثم عاش بعد موت والمزني ستين سنة يقصد من الآفاق وتشد إليه الرحال ، حتى صار كما قال الشافعي : لو حلف رجل أنه لم ير أحمد بن صالح لكان صادقا ، وذكروا من مناقبه في أنواع طرق الخير جملا نفيسة لا يحتمل هذا الموضع عشر معشارها . وهي مقتضى حاله وحال من صحب كالمزني ، توفي الشافعي المزني بمصر ودفن يوم الخميس آخر شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ومائتين ، قال : يقال كان عمره سبعا وثمانين سنة البيهقي