قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن كان في وسطه حبل مشدود إلى كلب صغير لم تصح صلاته ; لأنه حامل للكلب لأنه إذا مشى انجر معه ، وإن كان مشدودا إلى كلب كبير ففيه وجهان ، أحدهما لا تصح صلاته ; لأنه حامل لما هو متصل بالنجاسة فهو كالعمامة على رأسه وطرفها على نجاسة ، والثاني : تصح للكلب اختيارا وإن كان الحبل مشدودا إلى سفينة فيها نجاسة والشد في موضع طاهر من السفينة فإن كانت السفينة صغيرة لم يجز لأنه حامل للنجاسة ، وإن كانت كبيرة ففيه وجهان ( أحدهما ) لا يجوز ; لأنها منسوبة إليه ( والثاني ) يجوز ; لأنه غير حامل للنجاسة ولا لما هو متصل بالنجاسة فهو كما لو صلى والحبل مشدود إلى باب دار فيها نجس ) .
( الشرح ) هذه المسائل عند جمهور الأصحاب كما ذكر ، ودلائلها واضحة ، والحاصل أنه إن شده إلى كلب صغير أو ميت لم تصح صلاته ، وإن شده إلى كلب كبير لم تصح أيضا على الأصح .
وإن شده إلى سفينة صغيرة لم تصح ، وإن شده إلى كبيرة صحت صلاته على الأصح وإن شده إلى باب دار فيها حش وهو الخلاء صحت بلا خلاف ، وإن شده في موضع نجس من السفينة بطلت صلاته بلا خلاف ، كما أشار إليه المصنف وقد [ ص: 156 ] صرح به صاحب الحاوي والبندنيجي nindex.php?page=showalam&ids=11976والشيخ أبو حامد سواء كانت صغيرة أو كبيرة ، هذه طريقة العراقيين والأكثرين وهي الصحيحة . وأما طريقة الخراسانيين فمضطربة ، وقد لخصها الرافعي ومختصرها أنه إذا قبض طرف حبل أو ثوب أو شده في يده أو رجليه أو وسطه - وطرفه الآخر نجس أو متصل بنجاسة - فثلاثة أوجه الصحيح : بطلان صلاته ، والثاني : لا تبطل . والثالث : إن كان الطرف نجسا أو متصلا بعين النجاسة بأن كان في عنق كلب بطلت وإن كان متصلا بطاهر وذلك الطاهر متصلا بنجاسة بأن شد في ساجور أو خرقة وهما في عنق كلب أو شده في عنق حمار عليه حمل نجس لم تبطل ، والأوجه جارية سواء تحرك الطرف بحركته أم لا ، كذا قاله الأكثرون ، وقطع إمام الحرمين والغزالي ومن تابعهما بالبطلان إذا تحرك ، وخصوا الخلاف بغير المتحرك وقطع البغوي بالبطلان في صورة الشد ، وخص الخلاف بصورة القبض باليد .
واتفقت طرق جميع الأصحاب على أنه لو جعل طرف الحبل تحت رجله صحت صلاته في جميع الصور ، وقول المصنف : دار فيها حش هو بفتح الحاء وضمها لغتان مشهورتان الفتح أشهر ، وهو الخلاء وأصله البستان وكانوا يقضون الحاجة فيه ، فسمي موضع قضاء الحاجة حشا كالغائط والعذرة ، فإن الغائط في الأصل المكان المطمئن والعذرة : فناء الدار .