قال المصنف رحمه الله تعالى ( ثم يتعوذ فيقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، لما روى nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد الخدري رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك " قال في الأم : كان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنه يتعوذ في نفسه ، nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة رضي الله عنه يجهر به ، وأيهما فعل جاز ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12094أبو علي الطبري استحب أن يسر به ; لأنه ليس بقراءة ولا علم على الاتباع ، ويستحب ذلك في الركعة الأولى ، قال في الأم : يقول في أول الركعة ، وقد قيل : إن قاله في كل ركعة فحسن ، ولا آمر به أمري في أول ركعة ، فمن أصحابنا من قال : فيما سوى الأولى قولان :
( أحدهما ) يستحب ; لأنه يستفتح القراءة فيها فهي كالأولى .
( الثانية ) لا يستحب ; لأن استفتاح القراءة في الأولى ، ومن أصحابنا من قال : يستحب في الجميع قولا واحدا ، وإنما في الركعة الأولى أشد استحبابا ، وعليه يدل قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه ) .
ومعنى : أعوذ بالله ألوذ وأعتصم به ، وألجأ إليه ، والشيطان اسم لكل متمرد عات سمي شيطانا لشطونه عن الخير ، أي تباعده ، وقيل لشيطه ، أي هلاكه واحتراقه ، فعلى الأول النون أصلية وعلى الثاني زائدة ، والرجيم المطرود والمبعد وقيل المرجوم بالشهب ، وقوله : ليس بقراءة ولا علم على الاتباع ، العلم بفتح العين واللام العلامة والدليل واحترز به عن التكبير .
( أما حكم الفصل ) فهو أن التعوذ مشروع في أول ركعة فيقول بعد دعاء الاستفتاح : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هذا هو المشهور الذي نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وقطع به الجمهور ، وفيه وجه أنه يستحب أن يقول : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، وبه جزم البندنيجي وحكاه الرافعي وهو غريب . قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم وأصحابنا : يحصل التعوذ بكل ما اشتمل على الاستعاذة بالله من الشيطان ، لكن أفضله أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، قال صاحب الحاوي : وبعده في الفضيلة أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، وبعد هذا أعوذ بالله العلي من الشيطان الغوي .
قال البندنيجي : لو قال : أعوذ بالرحمن من الشيطان أو أعوذ بكلمات الله من الشيطان الرجيم أجزأه إن كانت الصلاة سرية بلا خلاف ، وإن كانت جهرية ففيه طريقان :
( أحدهما ) وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12094أبو علي الطبري وصاحب الحاوي يستحب الإسرار به قولا واحدا ، كدعاء الافتتاح :
( والثاني ) وهو الصحيح المشهور فيه ثلاثة أقوال ( أصحها ) يستحب الإسرار :
( والثاني ) يستحب الجهر ; لأنه تابع للقراءة فأشبه التأمين كما لو قرأ خارج الصلاة فإنه يجهر بالتعوذ قطعا :
( والثالث ) يخير بين الجهر والإسرار ولا ترجيح وهذا ظاهر نصه في الأم كما نقله المصنف واختلفوا من حيث الجملة فصحح الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد والمحاملي ونقلا التعوذ في كل ركعة عن nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين وغلطا ، فهذه طرق الأصحاب والمذهب استحباب التعوذ في كل ركعة ، وصححه القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب وإمام الحرمين [ ص: 281 ] والغزالي في البسيط والروياني والشاشي والرافعي وآخرون ، ولو تركه في الأولى عمدا أو سهوا استحب في الثانية بلا خلاف . سواء قلنا : يختص ، بالأولى أم لا بخلاف ما لو ترك دعاء الاستفتاح في الأولى لا يأتي به فيما بعدها بلا خلاف ، قال أصحابنا : والفرق أن الاستفتاح مشروع في أول الصلاة ، وقد فات فصار كالفراغ من الصلاة ، وأما التعوذ فمشروع في أول القراءة والركعة الثانية وما بعدها فيها قراءة .
( فرع ) في مسائل متعلقة بالتعوذ ( إحداها ) قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم لو ترك التعوذ عمدا فإن تركه عمدا أو سهوا فليس عليه شيء ( الثانية ) في استحباب التعوذ في القيام الثاني من صلاة الكسوف في الركعة الأولى ، والثانية وجهان حكاهما صاحب الحاوي في باب صلاة الكسوف وهما كالخلاف في الركعة الثانية من سائر الصلوات ( الثالثة ) قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب : يستحب التعوذ في كل صلاة فريضة أو نافلة أو منذورة لكل مصل من إمام ومأموم ومنفرد ومضطجع ورجل وامرأة وصبي وحاضر ومسافر وقائم وقاعد ومحارب إلا المسبوق الذي يخاف فوت بعض الفاتحة لو اشتغل به فيتركه ويشرع في الفاتحة ويتعوذ في الركعة الأخرى . وفي صلاة الجنازة وجهان ذكرهما المصنف والأصحاب ، الصحيح أنه يستحب فيها التعوذ كالتأمين :
( فرع ) في مذاهب العلماء في التعوذ ومحله وصفته والجهر به وتكراره في الركعات واستحبابه للمأموم وأنه سنة أم واجب . أما أصله فاستحبه للمصلي جمهور العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم ، ومنهم nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين [ ص: 282 ] nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وسائر أصحاب الرأي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود وغيرهم وقال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك لا يتعوذ أصلا لحديث " المسيء صلاته " ودليل الجمهور الآية ، واستدلوا بأحاديث ليست بثابتة فالآية أولى . وأما محله فقال الجمهور : هو قبل القراءة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي يتعوذ بعد القراءة وكان nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة يتعوذ بعد فراغ الفاتحة لظاهر الآية . وقال الجمهور : معناها إذا أردت القراءة فاستعذ ، وهو اللائق السابق إلى الفهم . وأما صفته فمذهبنا أنه يستحب أن يقول " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " وبه قال الأكثرون . قال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري يستحب أن يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم " وقال nindex.php?page=showalam&ids=14117الحسن بن صالح يقول " أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم " ونقل الشاشي عن nindex.php?page=showalam&ids=14117الحسن بن صالح " أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، إن الله هو السميع العليم " وحكى صاحب الشامل هذا عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل واحتج بقول الله { وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم } وحديث أبي سعيد ، واحتج أصحابنا بقول الله تعالى { فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم } فقد امتثل الأمر .
وأما الجواب عن الآية التي احتج بها فليست بيانا لصفة الاستعاذة ، بل أمر الله تعالى بالاستعاذة ، وأخبر أنه سميع الدعاء عليم ، فهو حث على الاستعاذة ، والآية التي أخذنا بها أقرب إلى صفة الاستعاذة وكانت أولى ، وأما حديث أبي سعيد رضي الله عنه فسبق أنه ضعيف ، وأما الجهر بالتعوذ في الجهرية فقد ذكرنا أن الراجح في مذهبنا أنه لا يجهر ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وقال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة يجهر ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16330ابن أبي ليلى الإسرار والجهر سواء وهما حسنان .
وأما استحبابه في كل ركعة فقد ذكرنا أن الأصح في مذهبنا استحبابه في كل ركعة . وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين وقال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء والحسن nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة [ ص: 283 ] يختص التعوذ بالركعة الأولى وأما استحبابه للمأموم فمذهبنا أنه يستحب له كما يستحب للإمام والمنفرد . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة لا يتعوذ المأموم ; لأنه لا قراءة عليه عندهما وأما حكمه فمستحب ليس بواجب ، هذا مذهبنا ومذهب الجمهور ، ونقل العبدري عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري أنهما أوجباه ، قال : وعن nindex.php?page=showalam&ids=15858داود روايتان ( إحداهما ) وجوبه قبل القراءة ، ودليله ظاهر الآية ودليلنا حديث المسيء صلاته والله أعلم .