وأما رفع اليدين في القنوت فليس فيه نص ، والذي يقتضيه المذهب أنه لا يرفع ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرفع اليد إلا في ثلاثة مواطن في الاستسقاء والاستنصار وعشية عرفة ولأنه دعاء في الصلاة فلم يستحب له رفع اليد كالدعاء في التشهد ، وذكر القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب الطبري في بعض كتبه أنه لا يرفع اليد ، وحكى في التعليق أنه يرفع اليد ، والأول عندي أصح . وأما غير الصبح من الفرائض فلا يقنت فيه من غير حاجة ، فإن نزلت بالمسلمين نازلة قنتوا في جميع الفرائض ، لما روى nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=28062كان لا يقنت إلا أن يدعو لأحد أو يدعو على أحد ، وكان إذا قال : سمع الله لمن حمده ، قال : ربنا لك الحمد وذكر الدعاء } )
( الشرح ) في الفصل مسائل :
( إحداها ) القنوت في الصبح بعد رفع الرأس من ركوع الركعة الثانية سنة عندنا بلا خلاف ، وأما ما نقل عن nindex.php?page=showalam&ids=12535أبي علي بن أبي هريرة أنه لا يقنت في الصبح ; لأنه صار شعار طائفة مبتدعة فهو غلط لا يعد من مذهبنا ، وأما غير الصبح من المكتوبات فهل يقنت فيها ؟ فيه ثلاثة أقوال حكاها إمام الحرمين والغزالي وآخرون ( الصحيح ) المشهور الذي قطع به الجمهور : إن نزلت بالمسلمين نازلة كخوف أو قحط أو وباء أو جراد أو نحو ذلك قنتوا في جميعها وإلا فلا .
( والثاني ) يقنتون مطلقا حكاه جماعات منهم شيخ الأصحاب [ ص: 475 ] الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد في تعليقه ومتابعوه .
( والثالث ) لا يقنتون مطلقا حكاه الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=14048أبو محمد الجويني وهو غلط مخالف للسنة الصحيحة المستفيضة { nindex.php?page=hadith&LINKID=3947أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في غير الصبح عند نزول النازلة حين قتل أصحابه القراء } وأحاديثهم مشهورة في الصحيحين وغيرهما وهذا الخلاف في الجواز وعدمه عند الأكثرين ، هكذا صرح nindex.php?page=showalam&ids=11976الشيخ أبو حامد والجمهور . قال الرافعي مقتضى كلام أكثر الأئمة أنه لا يستحب القنوت في غير الصبح بحال ، وإنما الخلاف في الجواز فحيث يجوز فالاختيار فيه إلى المصلي قال : ومنهم من يشعر كلامه بالاستحباب ( قلت ) وهذا أقرب إلى السنة ، فإنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم القنوت للنازلة فاقتضى أن يكون سنة ، ممن صرح بأن الخلاف في الاستحباب صاحب العدة . قال : ونص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم على الاستحباب مطلقا . وأما غير المكتوبات فلا يقنت في شيء منهن قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم في كتاب صلاة العيدين في باب القراءة في العيدين : ( ولا قنوت في صلاة العيدين والاستسقاء فإن قنت عند نازلة لم أكرهه )
( المسألة الثانية ) محل القنوت عندنا بعد الركوع كما سبق ، فلو قنت قبله فإن كان مالكيا يراه أجزأه ، وإن كان شافعيا فالمشهور أنه لا يجزئه . قال صاحب المستظهري : هو المذهب . وقال صاحب الحاوي : فيه وجهان :
( أحدهما ) يجزئه لاختلاف العلماء فيه ( والثاني ) لا يجزئه لوقوعه في غير موضعه فيعيده بعد الركوع ، قال : وهل يسجد للسهو ؟ فيه وجهان وقطع البغوي وغيره بأنه يسجد للسهو وهو المنصوص . قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم :
لو أطال القيام ينوي به القنوت كان عليه سجود السهو ; لأن القنوت عمل من عمل الصلاة ، فإذا عمله في غير موضعه أوجب سجود السهو . هذا نصه ، وأشار في التهذيب إلى وجه في بطلان صلاته لأنه قال : هو كما لو قرأ التشهد في القيام فحصل فيمن قنت قبل الركوع أربعة أوجه ( الصحيح ) أنه لا تبطل صلاته ولا يجزئه ويسجد للسهو ( والثاني ) لا يجزئه ولا يسجد للسهو ( والثالث ) يجزئه ( والرابع ) تبطل صلاته ، وهو غلط .
وهذه الكلمات الثمان هن اللواتي نص عليهن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في مختصر nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني واقتصر عليهن ، ولو زاد عليهن ( { nindex.php?page=hadith&LINKID=42398ولا يعز من عاديت } ) قبل ( { nindex.php?page=hadith&LINKID=16598تباركت ربنا وتعاليت } ) وبعده ( { فلك الحمد على ما قضيت ، أستغفرك وأتوب إليك } ) فلا بأس به وقال nindex.php?page=showalam&ids=11976الشيخ أبو حامد والبندنيجي وآخرون : هذه الزيادة حسنة . وقال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب ( { nindex.php?page=hadith&LINKID=36788من عاديت } ) ليس بحسن . ; لأن العداوة لا تضاف [ ص: 477 ] إلى الله تعالى ، وأنكر ابن الصباغ والأصحاب عليه وقالوا قد قال الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء } وغير ذلك من الآيات . وقد جاء في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ولا يعز من عاديت . قال أصحابنا فإن كان إماما لم يخص نفسه بالدعاء ، بل يعمم فيأتي بلفظ الجمع : اللهم اهدنا إلى آخره . وهل تتعين هذه الكلمات فيه ؟ وجهان ، الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور أنه لا تتعين بل يحصل بكل دعاء .
( والثاني ) تتعين ككلمات التشهد فإنها متعينة بالاتفاق وبهذا قطع إمام الحرمين والغزالي ومحمد بن يحيى في كتابه المحيط ، وصححه صاحب المستظهري قال صاحب المستظهري : ولو ترك من هذا كلمة أو عدل إلى غيره لا يجزئه ويسجد للسهو ، والمذهب أنه لا يتعين وبه صرح الماوردي والقاضي ، nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين والبغوي والمتولي وخلائق قال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=12795أبو عمرو بن الصلاح : قول من قال يتعين شاذ مردود مخالف لجمهور الأصحاب ، بل مخالف لجماهير العلماء . فقد حكى nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض اتفاقهم على أنه لا يتعين في القنوت دعاء إلا ما روي عن بعض أهل الحديث أنه يتعين قنوت مصحف nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب رضي الله عنه " اللهم إنا نستعينك ونستغفرك " إلى آخره ، بل مخالف لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه كان يقول { nindex.php?page=hadith&LINKID=14831اللهم أنج الوليد بن الوليد وفلانا وفلانا اللهم العن فلانا وفلانا } فليعد هذا الذي قيل بالتعين غلطا غير معدود وجها ، هذا كله كلام أبي عمرو فإذا قلنا بالمذهب وقلنا : إنه لا يتعين فقال صاحب الحاوي : يحصل بالدعاء المأثور وغير المأثور قال : فإن قرأ آية من القرآن هي دعاء أو شبيهة بالدعاء كآخر البقرة أجزأه ، وإن لم يتضمن الدعاء ولم يشبهه كآية الدين وسورة تبت فوجهان
( أحدهما ) يجزئه إذا نوى القنوت ; لأن القرآن أفضل من الدعاء
( والثاني ) لا يجزئه ; لأن القنوت للدعاء وهذا ليس بدعاء ، والثاني هو الصحيح أو الصواب لأن قراءة القرآن في الصلاة في غير القيام مكروهة قال أصحابنا : ولو قنت بالمنقول عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله تعالى عنه كان حسنا ، وهو الدعاء الذي ذكره المصنف رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وغيره ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي هو صحيح [ ص: 478 ] عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر واختلف الرواة في لفظه والرواية التي أشار nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي إلى اختيارها رواية nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء عن nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر رضي الله عنهم قنت بعد الركوع فقال : " اللهم اغفر لنا وللمؤمنين وللمؤمنات والمسلمين والمسلمات وألف بين قلوبهم وأصلح ذات بينهم وانصرهم على عدوك وعدوهم اللهم العن كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك ، ويكذبون رسلك ويقاتلون أولياءك اللهم خالف بين كلمتهم وزلزل أقدامهم وأنزل بهم بأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين ، بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك ، بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ونخشى عذابك ونرجو رحمتك إن عذابك الجد بالكفار ملحق " هذا لفظ رواية nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي .
ورواه من طرق أخرى أخصر من هذا ، وفيه تقديم وتأخير وفيه أنه قنت قبل الركوع في صلاة الفجر ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : ومن روى عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه قنوته بعد الركوع أكثر فقد رواه أبو رافع nindex.php?page=showalam&ids=16531وعبيد بن عمير nindex.php?page=showalam&ids=12081وأبو عثمان النهدي nindex.php?page=showalam&ids=15950وزيد بن وهب والعدد أولى بالحفظ من الواحد ، وفي حسن سياق nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير للحديث دلالة على حفظه وحفظ من حفظ عنه ، واقتصر البغوي في شرح السنة على الرواية الأولى ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بعض هذا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لكن إسناده مرسل والله أعلم .
وقوله ( اللهم عذب كفرة أهل الكتاب ) إنما اقتصر على أهل الكتاب ; لأنهم الذين كانوا يقاتلون المسلمين في ذلك العصر ، وأما الآن فالمختار أن يقال عذب الكفرة ليعم أهل الكتاب وغيرهم من الكفار ، فإن الحاجة إلى الدعاء على غيرهم أكثر والله أعلم .
قال أصحابنا : يستحب الجمع بين قنوت عمر رضي الله عنه وبين ما سبق فإن جمع بينهما فالأصح تأخير قنوت nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، وفي وجه يستحب تقديمه وإن اقتصر فليقتصر على الأول ، وإنما يستحب الجمع بينهما إذا كان منفردا أو إمام محصورين يرضون بالتطويل والله أعلم .
( أحدهما ) لا يستحب ، وهو اختيار المصنف nindex.php?page=showalam&ids=15021والقفال والبغوي ، وحكاه إمام الحرمين عن كثير من الأصحاب ، وأشاروا إلى ترجيحه واحتجوا بأن الدعاء في الصلاة لا ترفع له اليد كدعاء السجود والتشهد ( والثاني ) يستحب ، وهذا هو الصحيح عند الأصحاب وفي الدليل ، وهو اختيار أبي زيد المروزي إمام طريقة أصحابنا الخراسانيين والقاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبي الطيب في تعليقه وفي المنهاج ، والشيخ nindex.php?page=showalam&ids=14048أبي محمد وابن الصباغ والمتولي والغزالي والشيخ nindex.php?page=showalam&ids=14922نصر المقدسي في كتبه الثلاثة : الانتخاب والتهذيب والكافي وآخرين . قال صاحب البيان : وهو قول أكثر أصحابنا ، واختاره من أصحابنا الجامعين بين الفقه والحديث الإمام الحافظ nindex.php?page=showalam&ids=13933أبو بكر البيهقي واحتج له nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بما رواه بإسناد له صحيح أو حسن عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه في قصة القراء الذين قتلوا رضي الله عنهم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=32578لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما صلى الغداة يرفع يديه يدعو عليهم ، يعني الذين قتلوهم }
قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي رحمه الله تعالى : ولأن عددا من الصحابة رضي الله عنهم رفعوا أيديهم في القنوت . ثم روى عن أبي رافع قال " صليت خلف nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقنت بعد الركوع ورفع يديه وجهر بالدعاء " قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : هذا عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر صحيح . وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه [ ص: 480 ] بإسناد فيه ضعف . وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة رضي الله عنهما في قنوت الوتر .
وأما مسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء . فإن قلنا : لا يرفع اليدين لم يشرع المسح بلا خلاف ، وإن قلنا : يرفع فوجهان ( أشهرهما ) أنه يستحب . وممن قطع به القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب والشيخ nindex.php?page=showalam&ids=14048أبو محمد الجويني وابن الصباغ والمتولي nindex.php?page=showalam&ids=14922والشيخ نصر في كتبه والغزالي وصاحب البيان ( والثاني ) لا يمسح وهذا هو الصحيح ، صححه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي والرافعي وآخرون من المحققين . قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي لست أحفظ في مسح الوجه هنا عن أحد من السلف شيئا ، وإن كان يروى عن بعضهم في الدعاء خارج الصلاة ، فأما في الصلاة فهو عمل لم يثبت فيه خبر ولا أثر ولا قياس . فالأولى أن لا يفعله ويقتصر على ما نقله السلف عنهم من رفع اليدين دون مسحهما بالوجه في الصلاة ، ثم روى بإسناده حديثا من سنن أبي داود عن nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=5907سلوا الله ببطون كفوفكم ولا تسألوه بظهورها فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم } قال أبو داود : روي هذا الحديث من غير وجه عن nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب كلها واهية ، هذا متنها وهو ضعيف أيضا . ثم روى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن علي الباشاني قال : سألت nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله - يعني ابن المبارك - عن الذي إذا دعا مسح وجهه قال : لم أجد له ثبتا . قال nindex.php?page=showalam&ids=8علي : ولم أره يفعل ذلك ، قال وكان عبد الله يقنت بعد الركوع في الوتر وكان يرفع يديه . هذا آخر كلام nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في كتاب السنن ، وله رسالة مشهورة كتبها إلى الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=14048أبي محمد الجويني أنكر عليه فيها أشياء من جملتها مسحه وجهه بعد القنوت ، وبسط الكلام في ذلك .
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=27224كان إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه } " رواه الترمذي وقال : حديث غريب ، انفرد به حماد بن عيسى وحماد هذا ضعيف ، وذكر الشيخ عبد الحق هذا الحديث في كتابه الأحكام وقال : قال الترمذي : وهو حديث صحيح وغلط في قوله : إن الترمذي قال هو حديث صحيح ، وإنما قال غريب ، والحاصل لأصحابنا ثلاثة أوجه ( الصحيح ) يستحب رفع يديه [ ص: 481 ] دون مسح الوجه ( والثاني ) لا يستحبان .
( والثالث ) يستحبان . وأما غير الوجه من الصدر وغيره فاتفق أصحابنا على أنه لا يستحب ، بل قال ابن الصباغ وغيره : هو مكروه ، والله أعلم .
( السادسة ) إذا قنت الإمام في الصبح هل يجهر بالقنوت ؟ فيه وجهان مشهوران عند الخراسانيين ، وحكاهما جماعة من العراقيين ومنهم صاحب الحاوي ( أحدهما ) لا يجهر كالتشهد وكسائر الدعوات ( وأصحهما ) يستحب الجهر ، وبه قطع أكثر العراقيين ، ويحتج له بالحديث الذي سنذكره إن شاء الله قريبا عن صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في قنوت النازلة ، وبالقياس على ما لو سأل الرحمة أو استعاذ من العذاب في أثناء القراءة ، فإن المأموم يوافقه في السؤال ، ولا يؤمن ، وبهذا استدل المتولي وأما المنفرد فيسر به بلا خلاف ، صرح به الماوردي والبغوي وغيرهما . وأما المأموم - فإن قلنا : لا يجهر الإمام - قنت وأسر . وإن قلنا : يجهر الإمام فإن كان يسمع الإمام فوجهان مشهوران للخراسانيين ( أصحهما ) يؤمن على دعاء الإمام ولا يقنت وبهذا قطع المصنف والأكثرون ( والثاني ) يتخير بين التأمين والقنوت فإن قلنا يؤمن في ( أحدهما ) يؤمن في الجميع ( وأصحهما ) وبه قطع الأكثرون : يؤمن في الكلمات الخمس التي هي دعاء . وأما الثناء وهو قوله : فإنك تقضي ولا يقضى عليك إلى آخره فيشاركه في قوله أو يسكت ، والمشاركة أولى ; لأنه ثناء وذكر لا يليق فيه التأمين ، وإن كان لا يسمع الإمام لبعد أو غيره وقلنا لو سمع لأمن فههنا وجهان ( أصحهما ) يقنت ( والثاني ) يؤمن ، وهما كالوجهين في استحباب قراءة السورة إذا لم يسمع قراءة الإمام . هذا كله في الصبح وفيما إذا قنت في الوتر في النصف الأخير من شهر رمضان .
( السابعة ) في ألفاظ الفصل ، القنوت في اللغة له معان ، منها الدعاء ، ولهذا سمي هذا الدعاء قنوتا ، ويطلق على الدعاء بخير وشر ، يقال : قنت له وقنت عليه قوله " قنت شهرا يدعو عليهم ثم تركه " معناه قنت شهرا يدعو على الكفار الذين قتلوا أصحابه القراء ببئر معونة - بفتح الميم وبالنون - وقوله " ثم تركه " فيه قولان nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي رحمه الله حكاهما nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي :
( أحدهما ) ترك القنوت في غير الصبح ( والثاني ) ترك الدعاء عليهم ولعنتهم ، وأما الدعاء في الصبح فلم يتركه . قوله " لا يذل من واليت " هو بفتح الياء وكسر الذال ، قوله " ونخلع من يفجرك " أي نترك من يعصيك ويلحد في صفاتك ، وهو بفتح الياء وضم الجيم ، قوله " وإليك نسعى ونحفد " هو بفتح النون وكسر الفاء ، أي نسارع إلى طاعتك وأصل الحفد العمل والخدمة . قوله " إن عذابك الجد " هو بكسر الجيم ، أي الحق ، ولم تقع هذه اللفظة في المهذب . قوله " ملحق " الأشهر فيه كسر الحاء ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن nindex.php?page=showalam&ids=12114أبي عمرو بن العلاء ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي وأبي عبيدة والأكثرين من أهل اللغة . [ ص: 483 ] وحكى nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة وآخرون فيه الفتح ، فمن فتح فمعناه إن شاء الله ألحقه بهم ، ومن كسر معناه لحق ، كما يقال : أنبت الزرع بمعنى نبت قوله " وأصلح ذات بينهم " أي أمورهم ومواصلاتهم قوله " وألف بين قلوبهم " أي اجمعها على الخير . قوله " الحكمة " فهي كل ما منع القبيح . قوله " وأوزعهم " أي ألهمهم ، قوله " واجعلنا منهم " أي ممن هذه صفته ، قوله { إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرفع اليد إلا في ثلاثة مواطن : في الاستسقاء والاستنصار وعشية عرفة } والمراد بالاستنصار الدعاء بالنصر على الكفار .
قوله " لما روى الحسن بن علي " هو أبو محمد الحسن بن علي بن أبي طالب سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته ، اختلف في وقت ولادته والأصح أنه في نصف شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة وتوفي بالمدينة ودفن بالبقيع سنة تسع وأربعين . وقيل سنة خمسين وقيل إحدى وخمسين ومناقبه كثيرة مشهورة في الصحيحين وغيرهما رضي الله تعالى عنه ( وأما أبو رافع ) الذي روي عنه في الكتاب قنوت nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله تعالى عنه فهو أبو رافع الصائغ واسمه نفيع - بضم النون - من كبار التابعين وأخيارهم بكى حين أعتق وقال : كان لي أجران فذهب أحدهما .
( فرع ) في مذاهب العلماء في إثبات القنوت في الصبح مذهبنا أنه يستحب القنوت فيها سواء نزلت نازلة أو لم تنزل وبهذا قال أكثر السلف ومن بعدهم أو كثير منهم وممن قال به nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر بن الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=48والبراء بن عازب رضي الله عنهم رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بأسانيد صحيحة ، وقال به من التابعين فمن بعدهم خلائق وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16330ابن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود وقال nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود وأصحابه nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وأصحابه nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد : لا قنوت في الصبح قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد إلا الإمام فيقنت إذا بعث الجيوش ، وقال إسحاق يقنت للنازلة خاصة .
وأما الجواب عن حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة رضي الله عنهما في قوله : ثم تركه فالمراد ترك الدعاء على أولئك الكفار ولعنتهم فقط ، لا ترك جميع [ ص: 485 ] القنوت أو ترك القنوت في غير الصبح ، وهذا التأويل متعين ; لأن حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس في قوله " لم يزل يقنت في الصبح حتى فارق الدنيا " صحيح صريح فيجب الجمع بينهما ، وهذا الذي ذكرناه متعين للجمع ، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بإسناده عن nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي الإمام أنه قال " إنما ترك اللعن " ويوضح هذا التأويل رواية nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة السابقة ، وهي قوله " ثم ترك الدعاء لهم " . والجواب عن حديث سعد بن طارق أن رواية الذين أثبتوا القنوت معهما زيادة علم وهم أكثر فوجب تقديمهم ، وعن حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أنه ضعيف جدا ; لأنه من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16930محمد بن جابر السخمي وهو شديد الضعف متروك ولأنه نفي وحديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس إثبات فقدم لزيادة العلم ، وعن حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه لم يحفظه أو نسيه وقد حفظه nindex.php?page=showalam&ids=9أنس nindex.php?page=showalam&ids=48والبراء بن عازب وغيرهما فقدم من حفظ ، وعن حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه ضعيف جدا وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من رواية أبي ليلى الكوفي وقال : هذا لا يصح وأبو ليلى متروك .
وقد روينا عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه " قنت في الصبح " وعن حديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة أنه ضعيف ; لأنه من رواية محمد بن يعلى عن عنبسة بن عبد الرحمن عن nindex.php?page=showalam&ids=16470عبد الله بن نافع عن أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : هؤلاء الثلاثة ضعفاء ، ولا يصح nindex.php?page=showalam&ids=17191لنافع سماع من nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة والله أعلم .
( فرع ) في القنوت في غير الصبح إذا نزلت نازلة : قدمنا أن الصحيح في مذهبنا أنها إن نزلت قنت في جميع الصلوات وقال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي لم يقل أحد من العلماء بالقنوت في غير الصبح من المكتوبات غير nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي قال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد هذا غلط منه بل قد قنت nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه بصفين ودليلنا على من خالفنا الأحاديث الصحيحة المشهورة في الصحيحين { nindex.php?page=hadith&LINKID=3944أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهرا لقتل القراء رضي الله عنهم } وقد سبقت جملة من هذه الأحاديث وباقيها مشهور في الصحيح . .
( فرع ) في مذاهبهم في رفع اليدين في القنوت قد سبق أن الصحيح في مذهبنا عند الأكثرين استحبابه وهو المختار ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر وروينا عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس رضي الله عنهم قال : وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وإسحاق وأصحاب الرأي قال : وكان يزيد بن أبي مريم nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك والأوزاعي لا يرون ذلك . وقد سبق دليل الجميع والله أعلم