قال المصنف رحمه الله تعالى ( وحكم سجود التلاوة حكم صلاة النفل يفتقر إلى الطهارة والستارة واستقبال القبلة ; لأنها صلاة في الحقيقة فإن كان في الصلاة سجد بتكبير ورفع بتكبير ، ولا يرفع يديه ، وإن كان السجود في آخر سورة فالمستحب أن يقوم ويقرأ من السورة بعدها شيئا ثم يركع ، فإن قام ولم يقرأ شيئا وركع جاز ، وإن قام من السجود إلى الركوع ولم يقم لم يجز ; لأنه لم يبتدئ الركوع من قيام ) .
( الشرح ) قال أصحابنا : حكم سجود التلاوة في الشروط حكم صلاة النفل ، فيشترط فيه طهارة الحدث والطهارة عن النجس في البدن والثوب [ ص: 559 ] والمكان وستر العورة واستقبال القبلة ودخول وقت السجود بأن يكون قد قرأ الآية أو سمعها فلو سجد قبل الانتهاء إلى آخر آية السجدة ولو بحرف واحد لم يجز ، وهذا كله لا خلاف فيه عندنا . وقول المصنف ( الستارة ) بكسر السين ، وهي السترة ، أي ستر العورة ، قال أصحابنا : فإن سجد للتلاوة في الصلاة لم يكبر للافتتاح ; لأنه متحرم بالصلاة لكن يستحب أن يكبر في الهوي إلى السجود ولا يرفع اليد ; لأن اليد لا ترفع في الهوي إلى السجود ، ويكبر عند رفعه رأسه من السجود كما يفعل في سجدات الصلاة وهذا التكبير سنة ليس بشرط ، وفيه وجه nindex.php?page=showalam&ids=12535لأبي علي بن أبي هريرة حكاه الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد وسائر أصحابنا عنه أنه لا يستحب التكبير للهوي ولا للرفع ، وهو شاذ ضعيف . وإذا رفع رأسه من السجود قام ولا يجلس للاستراحة بلا خلاف صرح به جماعة من أصحابه ، وقد سبق بيانه في صفة الصلاة . قال أصحابنا : فإذا قام استحب أن يقرأ شيئا ثم يركع ، فإن انتصب قائما ثم ركع بلا قراءة جاز إذا كان قد قرأ الفاتحة قبل سجوده ، ولا خلاف في وجوب الانتصاب قائما ; لأن الهوي إلى الركوع من القيام واجب كما سبق في صفة الصلاة وسبق هناك مسائل حسنة متعلقة بهذه المسألة ، وفي الإبانة والبيان وجه أنه لو رفع من سجود التلاوة إلى الركوع ولم ينتصب أجزأه الركوع ، وهو غلط نبهت عليه لئلا يغتر به . وأما قول المصنف ( وإن كان السجود في آخر سورة ) فكان ينبغي أن يحذف قوله " آخر سورة " لأن استحباب القراءة بعد الانتصاب لا فرق فيه بين آخر سورة وغيره باتفاق الأصحاب ، ولعل المصنف أراد التنبيه بآخر السورة على غيره ; لأنه إذا أحب استفتاح سورة أخرى فإتمام الأولى أولى ، والله أعلم .