قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( وإن سبقه الإمام ببعض الصلاة وسها فيما أدركه معه وسجد معه ففيه قولان قال في الأم : يعيد السجود ; لأن الأول فعله متابعة للإمام ، ولم يكن موضع سجوده ، وقال في القديم والإملاء : لا يعيد ; لأن الجبران حصل بسجوده [ فلم يعد ] فإن سها الإمام فيما أدركه وسجد وسجد معه ثم سها المأموم فيما انفرد به فإن قلنا : لا يعيد السجود سجد لسهوه ، وإن لم يسجد الإمام أو سجد ، وقلنا : يعيد فالمنصوص : أنه يكفيه سجدتان ; لأن السجدتين تجبران كل سهو ، ومن أصحابنا من قال : يسجد أربع سجدات ; لأن أحدهما من جهة الإمام ، والآخر من جهته ، وإن سها الإمام ثم أدركه المأموم فالمنصوص في صلاة الخوف أنه يلزم المأموم حكم سهوه ; لأنه دخل في صلاة ناقصة فنقصت بها صلاته .
ومن أصحابنا من قال : لا يلزمه ; لأنه لو سها المأموم فيما انفرد به بعد [ ص: 67 ] مفارقة الإمام لم يتحمل عنه الإمام ، فإذا سها الإمام فيما ينفرد به لم يلزم المأموم ، وإن صلى ركعة منفردا في صلاة رباعية فسها فيها ثم نوى متابعة إمام مسافر فسها الإمام ثم قام إلى رابعة فسها فيها ففيه ثلاثة أوجه ( أصحها ) : يكفيه سجدتان ( والثاني ) : يسجد أربع سجدات ; لأنه سها سهوا في جماعة وسهوا في الانفراد ( والثالث ) : يسجد ست سجدات ; لأنه سها في ثلاثة أحوال ) .
( الشرح ) قال أصحابنا : إذا سبقه الإمام ببعض الصلاة وسها فيما أدركه وسجد الإمام لزم المسبوق أن يسجد معه ، هذا هو الصحيح المنصوص وبه قطع الجمهور ، وفيه وجه حكاه الرافعي وغيره أنه لا يسجد معه ، والمذهب الأول ، فعلى هذا إذا سجد معه هل يعيد السجود في آخر صلاته ؟ فيه القولان المذكوران في الكتاب ( أصحهما ) عند الأصحاب : يعيده فإن لم يسجد الإمام لم يسجد المسبوق في آخر صلاة الإمام ويسجد في آخر صلاة نفسه على المذهب وفيه الوجه السابق عن nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني وأبي حفص
أما إذا سها الإمام قبل اقتداء المأموم فوجهان الصحيح المنصوص أنه يلحقه حكم سهوه فعلى هذا إن سجد الإمام سجد معه ، وهل يعيده المسبوق في آخر صلاته ؟ فيه القولان ( أصحهما ) : يعيده وإن لم يسجد سجد هو في آخر صلاته على المذهب ، وفيه وجه nindex.php?page=showalam&ids=15215للمزني وأبي حفص ( والثاني ) : لا يلحقه حكم سهوه فعلى هذا إن لم يسجد الإمام لم يسجد هو أصلا ، وإن سجد فوجهان حكاهما الرافعي وغيره قالوا : أصحهما : لا يسجد ; لأنه لا سهو في حقه ، والثاني يسجد متابعة للإمام فعلى هذا لا يعيد في آخر صلاته إن كان مسبوقا .
وحيث قلنا المسبوق يعيد السجود في آخر صلاته فاقتدى به مسبوق آخر بعد انفراده ثم اقتدى بالثاني ثالث بعد انفراده ثم بالثالث رابع فأكثر فكل واحد منهم يسجد لمتابعة إمامه ثم يسجد في آخر صلاة نفسه
وإذا قلنا في هذه الصورة : يكفيه سجدتان فعن ماذا يقعان ؟ ظاهر كلام جمهور الأصحاب أنهما يقعان عن سهوه وسهو إمامه ، وقال صاحب البيان : فيه ثلاثة أوجه : حكاها صاحب الفروع ( أحدها ) : هذا ( والثاني ) : يقعان عن سهوه .
ويكون سهو الإمام تابعا ( والثالث ) : عكسه قال : قال صاحب الفروع : وفائدة الخلاف تظهر فيما لو نوى خلاف ما جعلناه مقصودا .
هذا كلامه ، والظاهر أنه أراد أنه إذا نوى غير ما جعلناه مقصودا بطلت صلاته ; لأنه زاد في صلاته سجودا غير مشروع عامدا ، والصحيح أنهما يقعان عن الجميع كما حكيناه عن ظاهر كلام الجمهور ، فعلى هذا إن نواهما أو أحدهما لا تبطل صلاته ; لأنه إذا نوى أحدهما فقد ترك الآخر بلا سجود ، وترك سجود السهو لا يبطل الصلاة ، وإذا قلنا : تبطل إذا نوى غير المقصود فذلك إذا تعمده مع علمه بحكمه وإلا فلا تبطل ; لأنه يخفى على العوام والله أعلم .