قال المصنف - رحمه الله تعالى : ( ومحله قبل السلام لحديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد وحديث ابن بحينة ، ولأنه يفعل لإصلاح الصلاة فكان قبل السلام ، كما لو نسي سجدة من الصلاة .
ومن أصحابنا من قال : فيه قول آخر أنه إن كان السهو زيادة كان محله بعد السلام .
والمشهور هو الأول ; لأن بالزيادة يدخل النقص في صلاته كما يدخل بالنقصان ، فإن لم يسجد حتى سلم فلم يتطاول الفصل سجد ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خمسا وسلم ثم سجد ، وإن طال ففيه قولان ( أحدهما ) : يسجد ; لأنه جبران فلم يسقط بالتطاول كجبران الحج .
وقال في الجديد : لا يسجد ، وهو الأصح ; لأنه يفعل لتكميل الصلاة ، فلم يفعل بعد تطاول الفصل ، كما لو نسي سجدة من الصلاة فذكرها بعد السلام وبعد تطاول الفصل ، وكيف يسجد بعد السلام ؟ فيه وجهان .
قال أبو العباس بن القاص : يسجد ثم يتشهد ; لأن السجود في الصلاة بعده تشهد فكذلك هذا ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11817أبو إسحاق : لا يتشهد ، وهو الأصح ; لأن الذي ترك هو السجود فلا يعيد معه غيره )
( الشرح ) : حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد وابن بحينة سبق بيانهما وحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خمسا وسلم ثم سجد رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من رواية nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه .
( أما حكم الفصل ) ففي محل سجود السهو طريقان حكاهما إمام الحرمين وآخرون ( أحدهما ) : في المسألة ثلاثة أقوال : الصحيح منها : أنه قبل السلام ، فإن أخره لم يعتد به ( والثاني ) : إن كان السهو زيادة فمحله بعد السلام ، وإن كان نقصا فقبله ولا يعتد به بعده ( والثالث ) : إن شاء قدمه وإن شاء أخره [ ص: 70 ] وهما سواء .
والطريق الثاني يجزئ التقديم والتأخير وإنما الأقوال في بيان الأفضل ففي قول التقديم أفضل ، وفي قول التقديم والتأخير سواء في الفضيلة ، وفي قول إن كان زيادة فالتأخير أفضل ، وإلا فالتقديم .
قال إمام الحرمين ووجه هذه الطريقة صحة الأخبار في التقديم والتأخير .
قال : والطريقة المشهورة الأولى وتحمل الأقوال في الإجزاء والجواز كما سبق هذا كلام الإمام وقال صاحب الحاوي : لا خلاف بين الفقهاء ، يعني جميع العلماء أن سجود السهو جائز قبل السلام وبعده ، وإنما اختلفوا في المسنون والأولى ، فمذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وما نص عليه في القديم والجديد أن الأولى فعله قبل السلام في الزيادة والنقصان ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب والزهري nindex.php?page=showalam&ids=15885وربيعة والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري : الأولى فعله بعد السلام في الزيادة والنقصان .
وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=56وعمار بن ياسر رضي الله عنهم ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك : إن كان لنقصان فالأولى فعله قبل السلام ، وإن كان لزيادة فالأولى فعله بعد السلام ، وقد أشار إليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في كتاب اختلافه مع nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك ، والمشهور من مذهبه في القديم والجديد أنه قبل السلام فيهما ، هذا كلام صاحب الحاوي ، والمذهب أنه قبل السلام ، وسبقت أدلة هذه المذاهب ، والجمع بين الأحاديث في أول الباب .
قال أصحابنا فإذا قلنا بالمذهب : إنه قبل السلام فسلم قبل السجود نظرت فإن سلم عامدا عالما بالسهو فوجهان حكاهما الخراسانيون ( أصحهما ) : عندهم وبه قطع إمام الحرمين والغزالي وغيرهما أنه فوت السجود ولا يسجد ( والثاني ) : يسجد إن قرب الفصل وإلا فلا .
وهذا هو مقتضى إطلاق المصنف وغيره من العراقيين ونص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في باب صلاة الخوف من البويطي فعلى هذا إذا سجد لا يكون عائدا إلى الصلاة بلا خلاف بخلاف ما إذا سلم ناسيا وسجد ، فإن فيه خلافا ، وإن سلم ناسيا فإن طال الفصل فقولان ( الجديد ) الأظهر لا يسجد ( والقديم ) يسجد .
وذكر المصنف دليلهما وإن لم يطل بل ذكر على قرب فإن بدا له أن لا يسجد فذاك والصلاة ماضية على الصحة وحصل التحلل بالسلام ، هذا هو الصحيح وبه قطع الأكثرون ، وفيه [ ص: 71 ] وجه أنه يجب السلام مرة أخرى ، وذلك السلام غير معتد به حكاه الرافعي وغيره والمذهب الأول ، وإن أراد أن يسجد فالصحيح المنصوص الذي قطع به المصنف والجمهور : أنه يسجد لحديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه .
والثاني : لا يسجد لفوات محله ، وهذا غلط لمخالفته السنة .
فإذا قلنا بالصحيح هنا أو بالقديم عند طول الفصل : إنه يسجد فسجد فهل يكون عائدا إلى حكم الصلاة ؟ فيه وجهان مشهوران للخراسانيين ( أرجحهما ) عند البغوي : لا يكون عائدا ( وأصحهما ) عند الأكثرين : يكون عائدا ، وبه قال الشيخ أبو زيد وصححه nindex.php?page=showalam&ids=15021القفال وإمام الحرمين والغزالي في الفتاوى والروياني وغيرهم ، ويتفرع على الوجهين مسائل : ( منها ) لو تكلم عامدا أو أحدث في السجود بطلت صلاته على الوجه الثاني دون الأول .
وفي التشهد وجهان ، أصحهما لا يتشهد ; لأنه لم يصح فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء ، قال البغوي : والصحيح أنه يسلم سواء قلنا يتشهد أم لا ، للأحاديث الصحيحة السابقة في أول الباب أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بعد السلام ثم سلم ، وأما طول الفصل ففي حده الخلاف السابق في أول الباب والأصح الرجوع إلى العرف ، وحاول إمام الحرمين ضبط العرف فقال : إذا مضى زمن يغلب على الظن أنه ترك السجود قصدا أو نسيانا فهو طويل وإلا فقصير ، قال : ولو سلم وأحدث ثم انغمس في ماء على قرب الزمن فالظاهر أن الحدث فاصل ، وإن لم يطل الزمان ، ولنا قول إن الاعتبار في الفصل بمفارقة المجلس وعدمها ، وقد سبق بيانه وهو شاذ ، والصحيح الذي عليه الأصحاب اعتبار العرف ، ولا يضر مفارقة المجلس ، واستدبار القبلة إذا قرب الفصل ، لحديث ذي اليدين رضي الله عنه .
هذا كله تفريع على قولنا : يسجد قبل السلام ، فإن قلنا بعده فليسجد [ ص: 72 ] عقبه فإن طال الفصل عاد الخلاف ، وإذا سجد لم يحكم بعوده إلى الصلاة بلا خلاف ، صرح به الرافعي وغيره ، وهل يتحرم للسجدتين ويتشهد ويسلم ؟ قال إمام الحرمين : حكمه حكم سجود التلاوة وقطع الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد في تعليقه بأنه يتشهد ويسلم ، ونقله عن نصه في القديم ، وادعى الاتفاق عليه ، فإن قلنا : يتشهد فوجهان ، وقيل قولان ( الصحيح ) المشهور : أنه يتشهد بعد السجدتين كسجود التلاوة ( والثاني ) : يتشهد قبلهما ليليهما السلام .
وإن قلنا : يسجد للزيادة بعد السلام وللنقص قبله فسها سهوين بزيادة ونقص فوجهان ( أصحهما ) وبه قطع المتولي : يسجد قبل السلام ، ليقع السلام بعد جبرها ( والثاني ) : وبه قطع البندنيجي في كتابه الجامع : يسجد بعد السلام للزيادة المحضة وللزيادة والنقص ، وللزيادة المتوهمة كمن شك في عدد الركعات .