قال في الأم : لا تجوز إمامته ; لأن صلاته نافلة ، وقال في الإملاء : تجوز ; لأنه يجوز أن يكون إماما في غير الجمعة ، فجاز أن يكون إماما في الجمعة كالبالغ ) .
( الشرح ) هذا الحديث رواه nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ، ثم في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه ، وعمرو هذا بفتح العين ، nindex.php?page=showalam&ids=233وأبو سلمة بكسر اللام ، وسلمة صحابي وأما عمرو فاختلف في سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم ورؤيته إياه ، والأشهر أنه لم يسمعه ولم يره ، لكن كانت الركبان تمر بهم فيحفظ عنهم ما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم فكان أحفظ قومه لذلك ، فقدموه ليصلي بهم ، [ ص: 145 ] وكنيته أبو بريد بضم الباء الموحدة وبراء ، وقيل أبو يزيد بفتح المثناة وبالزاي ، وهو من بني جرم بفتح الجيم .
وقول المصنف : إذا بلغ حدا يعقل أحسن من قول من يقول : إذا بلغ سبع سنين ; لأن المراد أنه إذا كان مميزا صحت صلاته وإمامته ، والتمييز يختلف وقته باختلاف الصبيان ، فمنهم من يحصل له من سبع سنين ، ومنهم من يحصل له قبلها ومنهم من لا يميز ، وإن بلغ سبعا وعشرا وأكثر ، وأما ضبط أكثر المحدثين وقت صحة سماع الصبي وتمييزه بخمس سنين فقد ذكره المحققون ، وقالوا : الصواب يعتبر كل صبي بنفسه فقد يميز لدون خمس ، وقد يتجاوز الخمس ولا يميز وقوله " وهو من أهل الصلاة " احتراز من الصبي الكافر ، والذي لا يحسن الصلاة .
( أما حكم المسألة ) فكل صبي صحت صلاته صحت إمامته في غير الجمعة بلا خلاف عندنا ، وفي الجمعة قولان ذكر المصنف دليلهما ( أصحهما ) الصحة ، وهكذا صححه المحققون ولا يغتر بتصحيح nindex.php?page=showalam&ids=12515ابن أبي عصرون خلافه ، وصورة المسألة أن يتم العدد بغيره ، ويجري القولان في عبد ومسافر صليا الظهر ، ثم أما في الجمعة ; لأن صلاتهما الثانية نافلة كالصبي .
ووجه البطلان فيهما ، وفي الصبي : أن الكمال مشروط في المأمومين في الجمعة ففي الإمام أولى ، والصحيح الصحة في الجميع ; لأن صلاته صحيحة ، ومذهبنا : أنه لا يشترط اتفاق نية الإمام والمأموم ، وقد ضبط أصحابنا الخراسانيون وبعض العراقيين الكلام في إمام الجمعة ضبطا حسنا ، ولخصه الرافعي فقال : لإمام الجمعة أحوال ( أحدها ) : أن يكون عبدا أو مسافرا ، فإن تم العدد به لم تصح ، وإلا صحت على المذهب ، وقيل في صحتها وجهان : وقال البندنيجي وغيره قولان ( أصحهما ) الصحة هذا إذا صليا الجمعة ابتداء فإن كانا صليا ظهر يومهما ثم أما في الجمعة فهما متنفلان بها ، ففي صحتها خلفهما ما سنذكره إن شاء الله - تعالى - في المتنفل .
( الثاني ) : أن يكون صبيا أو متنفلا ، فإن تم به العدد لم تصح ، وإن تم دونه فقولان : ( أصحهما ) عند الأكثرين : الصحة ، وهو نصه في الإملاء ، [ ص: 146 ] ونص في الأم على أنها لا تصح قال : واتفقوا على أن الجواز في المتنفل أظهر منه في الصبي ; لأنه من أهل الفرض ولا نقص فيه .
( الثالث ) : أن يصلوا الجمعة خلف من يصلي صبحا أو عصرا فكالمتنفل .
وقيل : تصح قطعا ; لأنه يصلي فرضا ، وإن صلوها خلف من يصلي الظهر تامة وهي فرضه بأن يكون له في تركه الجمعة عذر فهو كمصلي العصر ، فيكون في صحتها الطريقان ، المذهب الصحة ورجح المصنف بعد هذا البطلان وهو ضعيف ، وإن صلوها خلف مسافر نوى الظهر مقصورة فإن قلنا الجمعة ظهر مقصورة صح قطعا ، وإن قلنا : صلاة مستقلة فكمن نوى الظهر تامة فتصح على المذهب .
( فرع ) في مذاهب العلماء في صحة إمامة الصبي للبالغين قد ذكرنا أن مذهبنا صحتها ، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري وإسحاق بن راهويه nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور قال : وكرهها nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري وأصحاب الرأي ، وهو مروي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وقال الأوزاعي : لا يؤم في مكتوبة إلا أن لا يكون فيهم من يحفظ شيئا من القرآن غيره ، فيؤمهم المراهق ، وقال الزهري : إن اضطروا إليه أمهم ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : وبالجواز أقول ، وقال العبدري : قال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة : تصح إمامة الصبي في النفل دون الفرض ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15858داود : لا تصح في فرض ولا نفل وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : لا تصح في الفرض ، وفي النفل روايتان ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب : قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق : لا يجوز أن يكون إماما في مكتوبة ، ويجوز في النفل ، قال : وربما قال بعض الحنفية لا تنعقد صلاته ، واحتج بحديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " { nindex.php?page=hadith&LINKID=19570رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق } رواه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي بإسناد صحيح ، وروياه أيضا من رواية nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من قوله " لا يؤم غلام حتى يحتلم " ولأنه غير مكلف فأشبه المجنون .
ولأن من جازت إمامته في النفل جازت في الفرض كالبالغ ، والجواب عن حديث " رفع القلم " أن المراد رفع التكليف والإيجاب لا نفي صحة الصلاة ، والدليل عليه حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في الصحيحين " أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم " وحديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس في الصحيحين " { nindex.php?page=hadith&LINKID=7742أنه صلى هو واليتيم خلف النبي صلى الله عليه وسلم } وحديث عمرو بن سلمة المذكور هنا ، وغيرها من الأحاديث الصحيحة ، وأما المروي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فإن صح فمعارض بالمروي عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة من صحة إمامة الصبيان ، وإذا اختلفت الصحابة لم يحتج ببعضهم ، ويخالف المجنون فإنه لا تصح طهارته ولا يعقل الصلاة والله أعلم .
( فرع ) ذكرنا أن الصحيح عندنا صحة صلاة الجمعة خلف المسكر ، ونقل الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد في كتاب الجمعة إجماع المسلمين عليه ، ونقل العبدري عن nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد أنها لا تصح ، ومذهبنا : المشهور صحتها وراء العبد .
وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة والجمهور .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك : لا تصح ، وهي رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد .