( الشرح ) المراد بالكراهة كراهة تحريم ، هذا إذا خلا بها .
قال أصحابنا : إذا أم الرجل بامرأته أو محرم له ، وخلا بها جاز بلا كراهة ; لأنه يباح له الخلوة بها في غير الصلاة ، وإن أم بأجنبية وخلا بها حرم ذلك عليه وعليها ، للأحاديث الصحيحة التي سأذكرها إن شاء الله - تعالى ، وإن أم بأجنبيات وخلا بهن فطريقان : قطع الجمهور بالجواز ، ونقله الرافعي في كتاب العدد عن أصحابنا .
ودليله الحديث الذي سأذكره إن شاء الله - تعالى ، ولأن النساء المجتمعات لا يتمكن في الغالب الرجل من مفسدة ببعضهن في حضرتهن .
وحكى القاضي أبو الفتوح في كتابه في الخناثى فيه وجهين : .
وحكاهما صاحب البيان عنه ( أحدهما ) : يجوز ( والثاني ) : لا يجوز خوفا من مفسدة ونقل إمام الحرمين وصاحب العدة في أول كتاب الحج في مسائل استطاعة الحج أن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي نص على أنه يحرم أن يصلي الرجل بنساء منفردات إلا أن يكون فيهن محرم له أو زوجته ، وقطع بأنه يحرم خلو الرجل بنسوة إلا أن يكون له فيهن محرم ، والمذهب ما سبق ، وإن خلا رجلان أو رجال بامرأة فالمشهور تحريمه ; لأنه قد يقع اتفاق رجال على فاحشة بامرأة وقيل : إن كانوا ممن تبعد مواطأتهم على الفاحشة جاز وعليه يتأول حديث ابن عمرو بن العاص الآتي .
[ ص: 174 ] والخنثى مع امرأة كرجل ، ومع نسوة كذلك ومع رجل كامرأة ومع رجال كذلك ، ذكره القاضي أبو الفتوح وصاحب البيان عملا بالاحتياط ، وقياسا على ما قاله الأصحاب في مسألة نظر الخنثى كما سنوضحه في أول كتاب النكاح إن شاء الله تعالى .
وأما الأمرد الحسن فلم أر لأصحابنا كلاما في الخلوة به ; وقياس المذهب : أنه يحرم الخلوة به كما قال المصنف والجمهور ونص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي كما سنوضحه في كتاب النكاح إن شاء الله - تعالى - أنه يحرم النظر إليه ، وإذا حرم النظر فالخلوة أولى فإنها أفحش وأقرب إلى المفسدة ، والمعنى المخوف في المرأة موجود وأما الأحاديث الواردة في المسألة فمنها ما روى nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=12905إياكم والدخول على النساء ، فقال رجل من الأنصار ، أفرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، الحمو قرابة الزوج ، والمراد هنا قريب تحل له كأخ الزوج وعمه وابنهما وخاله وغيرهم وأما أبوه وابنه وجده فهم محارم تجوز لهم الخلوة ، وإن كانوا من الأحماء .
واعلم أن المحرم الذي يجوز القعود مع الأجنبية مع وجوده يشترط أن يكون ممن يستحى منه فإن كان صغيرا عن ذلك كابن سنتين وثلاث ونحو [ ص: 175 ] ذلك فوجوده كالعدم بلا خلاف ، ولا فرق في تحريم الخلوة بين الصلاة وغيرها كما سبق ، ويستوي فيها الأعمى والبصير ، ويستثنى من هذا كله مواضع الضرورة بأن يجد امرأة أجنبية منقطعة في برية ونحو ذلك فيباح له استصحابها بل يجب عليه ذلك إذا خاف عليها لو تركها ، وهذا لا خلاف فيه ، ويدل عليه حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك .
واعلم أن المحرم الذي يجوز القعود معها بوجوده يستوي فيه محرمه ومحرمها ، وفي معناه زوجها وزوجته ، والله أعلم