قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( ولا يجوز القصر إلا مسيرة يومين ، وهو أربعة برد كل بريد أربعة فراسخ فذلك ستة عشر فرسخا ، لما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس " كانا يصليان ركعتين ويفطران في أربعة برد فما فوق ذلك " وسأل nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : " أأقصر إلى عرفة ؟ فقال : لا فقال : إلى منى ؟ فقال : لا لكن إلى جدة وعسفان والطائف " .
قال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك : بين مكة والطائف وجدة وعسفان أربعة برد ، ولأن في هذا القدر تتكرر مشقة الشد والترحال وفيما دونه لا تتكرر .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ( وأحب أن لا يقصر في أقل من ثلاثة أيام ) وإنما استحب ذلك ليخرج من الخلاف ، لأن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة لا يبيح القصر إلا في ثلاثة أيام ) .
( الشرح ) البرد - بضم الباء والراء - وكل فرسخ ثلاثة أميال هاشمية فالمجموع ثمانية وأربعون ميلا هاشمية .
والميل ستة آلاف ذراع ، والذراع أربع وعشرون أصبعا معتدلة معترضة ، والأصبع ست شعيرات [ ص: 211 ] معتدلات معترضات .
وقوله " والترحال " بفتح التاء - وأما الأثر عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس فسنذكره في فرع مذاهب العلماء إن شاء الله تعالى .
( أما حكم المسألة ) فقال أصحابنا : لا يجوز القصر إلا في سفر يبلغ ثمانية وأربعين ميلا بالهاشمي سواء في هذا جميع الأسفار المباحة .
هذا هو المذهب ، وبه قطع الجمهور .
وحكى nindex.php?page=showalam&ids=13272الشيخ أبو علي السنجي ، وصاحب البيان عنه قولا nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي أنه يجوز القصر مع الخوف ، ولا يشترط ثمانية وأربعون ميلا ، وهذا شاذ مردود والذي تطابقت عليه نصوصnindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وكتب الأصحاب أنه يشترط في جميع الأسفار ثمانية وأربعون ميلا هاشمية ، وهو منسوب إلى بني هاشم ، وذلك أربعة برد كما ذكره المصنف .
وذلك بالمراحل مرحلتان قاصدتان سير الأثقال ودبيب الأقدام .
هكذا نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عليه واتفقوا عليه .
قال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد وصاحبا الشامل والبيان وغيرهم : nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي - رحمه الله - سبعة نصوص في مسافة القصر .
قال في موضع : ثمانية وأربعون ميلا ; وفي موضع ستة وأربعون ، وفي موضع أكثر من أربعين ، وفي موضع أربعون ، وفي موضع يومان ، وفي موضع ليلتان ، وفي موضع يوم وليلة .
قالوا : قال أصحابنا : المراد بهذه النصوص كلها شيء واحد وهو ثمانية وأربعون ميلا هاشمية .
وحيث قال : ستة وأربعون أراد سوى ميل الابتداء وميل الانتهاء وحيث قال أكثر من أربعين أراد أكثر بثمانية .
وحيث قال أربعون أراد أربعين أموية ، وهي ثمانية وأربعون هاشمية ، فإن أميال بني أمية أكبر من الهاشمية كل خمسة ستة .
وحيث قال يومان أي بلا ليلة .
وحيث قال : ليلتان أي بلا يوم ، وحيث قال يوم وليلة أرادهما معا فلا اختلاف بين نصوصه وهل التقدير بثمانية وأربعين ميلا تحديد أم تقريب ؟ فيه وجهان : حكاهما الرافعي وغيره ( أصحهما ) تحديد ، لأن فيه تقديرا بالأميال ثابتا عن الصحابة بخلاف تقدير القلتين ، فإن الأصح أنه تقريب ، لأنه لا توقيف في تقديره بالأرطال .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب : والأفضل أن لا يقصر في أقل من مسيرة ثلاثة [ ص: 212 ] أيام للخروج من خلاف nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وغيره ممن سنذكره في فرع مذاهب العلماء إن شاء الله تعالى .
قال أصحابنا : فإن كان السير في البحر اعتبرت المسافة بمساحتها في البر حتى لو قطع قدر ثمانية وأربعين ميلا في ساعة أو لحظة جاز له القصر ، لأنها مسافة صالحة للقصر ، فلا يؤثر قطعها في زمن قصير ، كما لو قطعها في البر على فرس جواد في بعض يوم ، فلو شك في المسافة اجتهد ; نقله الرافعي وغيره ، وقد نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم أنه إذا شك في المسافة لم يجز القصر وهو محمول على من لم يظهر له شيء بالاجتهاد ولو حبستهم الريح في المراسي وغيرها ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب : هو كالإقامة في البر بغير نية الإقامة .
( فرع ) يشترط في كون السفر مرحلتين أن يكون بينه وبين المقصد مرحلتان فلو قصد موضعا بينه وبينه مرحلة بنية أن لا يقيم فيه لم يكن له القصر لا ذاهبا ولا راجعا ، وإن كان له مشقة مرحلتين متواليتين لأنه لا يسمى سفرا طويلا ، وحكى الرافعي أن الحناطي حكى وجها أنه يقصر ، والصواب الأول ، وبه قطع الأصحاب والله أعلم .
( فرع ) في مذاهب العلماء في المسافة المعتبرة لجواز القصر قد ذكرنا أن مذهبنا أنه يجوز القصر في مرحلتين وهو ثمانية وأربعون ميلا هاشمية ، ولا يجوز في أقل من ذلك ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري والزهري nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=16072وسويد بن غفلة - بفتح الغين المعجمة والفاء - والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة : لا يجوز القصر إلا في مسيرة ثلاثة أيام ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أنه يجوز في يومين وأكثر الثالث ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد ، وقال الأوزاعي وآخرون : يقصر في مسيرة يوم تام ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : به أقول وقال nindex.php?page=showalam&ids=15858داود : يقصر في طويل السفر وقصيره ، قال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد : حتى قال : لو خرج إلى بستان خارج البلد قصر .
واحتج لمن شرط ثلاثة أميال بحديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=30257لا تسافر امرأة ثلاثا إلا ومعها ذو محرم } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ورواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم كذلك من رواية أبي سعيد الخدري ، وذكروا مناسبات لا اعتماد عليها ، واحتج أصحابنا برواية nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح أن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس " كانا يصليان ركعتين ويفطران في أربعة برد فما فوق ذلك " رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بإسناد صحيح وذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه تعليقا بصيغة جزم ، فيقتضي صحته عنده كما قدمناه مرات ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء قال : سئل nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس " أأقصر الصلاة إلى عرفة ؟ فقال : لا ولكن إلى عسفان وإلى جدة وإلى الطائف " رواه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي بإسناد صحيح وروى nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك بإسناده الصحيح في الموطأ عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه قصر في أربعة برد .
وأما الحديث الذي رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي عن nindex.php?page=showalam&ids=12434إسماعيل بن عياش عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=43353يا أهل مكة لا تقصروا الصلاة في أقل من أربعة برد من مكة } فهو حديث ضعيف جدا لأن عبد الوهاب مجمع على شدة ضعفه ، nindex.php?page=showalam&ids=12425وإسماعيل أيضا ضعيف لا سيما في روايته عن غير الشاميين .
والجواب عما احتج به أهل الظاهر من إطلاق الآية والأحاديث أنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم القصر صريحا في دون مرحلتين .
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس فليس معناه أن غاية سفره كانت ثلاثة أميال بل معناه أنه كان إذا سافر [ ص: 214 ] سفرا طويلا فتباعد ثلاثة أميال قصر ، وليس التقييد بالثلاثة لكونه لا يجوز القصر عند مفارقة البلد ، بل لأنه ما كان يحتاج إلى القصر إلا إذا تباعد هذا القدر ، لأن الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يسافر عند دخول وقت الصلاة إلا بعد أن يصليها فلا تدركه الصلاة الأخرى إلا وقد تباعد عن المدينة .
وأما حديث شرحبيل وقوله : " إن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه صلى بذي الحليفة ركعتين " فمحمول على ما ذكرناه في حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس وهو أنه كان مسافرا إلى مكة أو غيرها فمر بذي الحليفة ، وأدركته الصلاة فصلى ركعتين لا أن ذا الحليفة غاية سفره .
وأما الجواب عما احتج به القائلون باشتراط ثلاثة أيام فهو أن الحديث الذي ذكروه ليس فيه أن السفر لا ينطلق إلا على مسيرة ثلاثة أيام ، وإنما فيه أنه لا يجوز للمرأة أن تسافر بغير محرم هذا السفر الخاص ، ويدل على هذا أنه ثبت عن أبي سعيد رواية أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=30258لا تسافر المرأة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=31415لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها محرم } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم مسيرة يوم ، وفي رواية له ليلة ، وفي رواية أبي داود لا تسافر بريدا ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم ، وقال : صحيح الإسناد .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وهذه الروايات الصحيحة في الأيام الثلاثة واليومين واليوم صحيحة ، وكأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن المرأة تسافر ثلاثا بغير محرم .
فقال : لا ، وسئل عن سفرها يومين بغير محرم ، فقال : لا ، وسئل عن يوم ، فقال : لا ، فأدى كل منهم ما حفظ ، ولا يكون شيء من هذا حدا للسفر ، يدل عليه حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { nindex.php?page=hadith&LINKID=31518لا يخلون رجل بامرأة ولا تسافر امرأة إلا ومعها ذو محرم } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم هذا كلام nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ، فحصل أن النبي صلى الله عليه وسلم لم [ ص: 215 ] يرد تحديد ما يقع عليه السفر بل أطلقه على ثلاثة أيام وعلى يومين وعلى يوم وليلة وعلى يوم وعلى ليلة وعلى بريد وهو مسيرة نصف يوم فدل على أن الجميع يسمى سفرا والله أعلم .