قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( وأما الذهب فلا يحل للرجال استعماله لما روى nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحرير والذهب { nindex.php?page=hadith&LINKID=12261إن هذين حرام على ذكور أمتي حل لإناثها } ولا فرق في الذهب بين القليل والكثير ، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التختم بالذهب ، فحرم الخاتم مع قلته ، ولأن السرف في الجميع ظاهر فإن كان في الثوب ذهب قد صدئ وتغير بحيث لا يبين لم يحرم لبسه .
( الشرح ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه حديث حسن رواه أبو داود من رواية nindex.php?page=showalam&ids=8علي إلا قوله : { nindex.php?page=hadith&LINKID=18167حل لإناثها } رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وغيره من رواية nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر بلفظه في المهذب وهو حديث حسن يحتج به وحديث النهي عن التختم بالذهب ثابت في الصحيحين من رواية nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب ومن رواية nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ; وحديث عرفجة حسن رواه أبو داود والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي وغيرهم بأسانيد حسنة ، وسبق بيانه وشرحه في باب الآنية ، وسقط هذا الحديث ومسألته في بعض النسخ وهما موجودان في معظمها ، وقوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=12262إن هذين حرام } أي حرام استعمالهما والحل - بكسر الحاء - بمعنى الحلال ، يقال : حل وحلال وحرم وحرام بمعنى ، وفي الخاتم أربع لغات فتح التاء وكسرها ; وخاتام وخيتام ويقال صدئ يصدأ بالهمزة فيهما كبرئ من الدين يبرأ .
قال أهل اللغة : صدأ الحديد وغيره وسخه مهموز ، وقد صدئ يصدأ فاضبطه فقد رأيت من يغلط فيه فيتوهمه غير مهموز ، ودرع الحديد مؤنثة على اللغة المشهورة ، وفي لغة قليلة تذكيرها ، ودرع المرأة مذكر لا غير ، المطلية - بفتح الميم وإسكان الطاء - بمعنى المموهة ، والحرب مؤنثة ، وفي لغة شاذة مذكرة قوله : مقامه - بفتح الميم الأولى - قال أهل اللغة : يقال قام الشيء مقام غيره بفتح الميم ، وأقمته مقامه بالضم ، فاجأته بهمزة بعد الجيم أي بغتة ، والكلاب - بضم الكاف - وسبق بيانه في الآنية .
إما أحكام الفصل ففيه مسائل ( إحداها ) : أجمع العلماء على تحريم استعمال حلي الذهب على الرجال للأحاديث الصحيحة السابقة وغيرها ، واتفق أصحابنا على تحريم قليله وكثيره كما ذكره المصنف ، ولو كان الخاتم فضة ، وفيه سن من ذهب أو فص حرم بالاتفاق للحديث ، هكذا قطع به الأصحاب ، ونقلوا الاتفاق عليه ، وقال إمام الحرمين : لا يبعد تشبهه بالضبة الصغيرة في الإناء ، وهذا الذي قاله شاذ ضعيف ، والفرق أن [ ص: 327 ] الشرع حرم استعمال الذهب ، ومن لبس هذا الخاتم يعد لابس ذهب ، وهناك حرم إناء الذهب والفضة ، وهذا ليس بإناء ( الثانية ) : لو كان الخاتم فضة وموهه بذهب ، أو موه السيف وغيره من آلات الحرب أو غيرها بذهب - فإن كان تمويها يحصل منه شيء ، إن عرض على النار - فهو حرام بالاتفاق ، وإن لم يحصل منه شيء فطريقان ( أصحها ) وبه قطع العراقيون : يحرم للحديث ( والثاني ) : فيه وجهان حكاهما البغوي وسائر الخراسانيين أو جمهورهم ( أحدهما ) : يحرم ( والثاني ) : يحل ; لأنه كالعدم .
وهل لمن ذهبت إصبعه أو كفه أو قدمه أن يتخذها من ذهب أو فضة ؟ فيه طريقان ( أصحهما ) : لا يجوز وبه قطع البغوي وغيره ( والثاني ) : فيه وجهان حكاه القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين في تعليقه ، وسبقت المسألة في باب الآنية مستوفاة
وهذا التفصيل نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم ، واتفق عليه الأصحاب ، قال في الأم : سواء كانت كلها منسوجة أو بعضها ، وكذا قاله الأصحاب
( الخامسة ) : حيث حرمنا استعمال الذهب المراد به : إذا لم يصدأ فإن صدئ بحيث لم يبن لم يحرم ، هكذا قطع به المصنف والشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد والبندنيجي وآخرون من أصحابنا ، وقال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب : الذهب لا يصدأ فلا تتصور المسألة ، وأجابوا عن هذا بأن منه ما يصدأ ومنه ما لا يصدأ ، ويقال : الذي يخالطه غيره يصدأ والخالص لا يصدأ
( والثاني ) : فيه وجهان حكاهما الخراسانيون ( أحدهما ) : هذا ( وأصحهما ) عندهم التحريم ، وبه قطع البغوي والشيخ nindex.php?page=showalam&ids=14922نصر المقدسي وصححه الرافعي والشيخ nindex.php?page=showalam&ids=12795أبو عمرو ; لأنه أبيح لهن لبسه للتزين للزوج ، وهو منتف هنا ، والأصح المختار : الجواز للحديث ، ولا نسلم أن إباحته لمجرد التزين للزوج ، إذ لو كان كذلك لاختص بذات الزوج ، وأجمعوا أنه لا يختص
هذا هو المذهب وبه قطع الأكثرون ، منهم القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14922أبو الفتح وصاحب التهذيب والبيان والرافعي وغيرهم ، وأشار المتولي إلى أنه يجوز له لبس حلي الرجال والنساء ; لأنه كان له لبسهما في الصغر فيبقى ، وحكي في إباحته الحرير له احتمال ، وقياس المتولي جوازه والمذهب التحريم فيهما
وأما التاج فقال الرافعي قال أصحابنا : إن جرت عادة النساء بلبسه جاز وإلا حرم ; لأنه شعار عظماء الروم قال : وكأن معنى هذا أنه يختلف بعادة أهل النواحي فحيث جرت عادة النساء بلبسه جاز وحيث لم يجر حرم حذارا من التشبه بالرجال هذا نقل الرافعي ، والمختار بل الصواب الجواز من غير تردد لعموم الحديث ولدخوله في اسم الحلي .
قال : وذكر ابن عبدان أنه ليس لهن اتخاذ زر القميص والجبة والفرجية منهما ، قال الرافعي : لعله تفريع على الوجه الضعيف في لبس المنسوج بهما قلت : الصواب الجزم بالجواز . وما سواه باطل .
قال : ثم كل حلي أبيح للنساء فذلك إذا لم يكن فيه سرف ظاهر فإن كان كخلخال وزنه مائتا دينار فوجهان ( الصحيح ) : الذي قطع به معظم العراقيين التحريم ، وممن حكى الوجهين فيه البغوي ، ووجه التحريم : أنه ليس بزينة وإنما هو قيد ; وإنما تباح الزينة ، ووجه الجواز أنه من جنس المباح فأشبه اتخاذ عدد من الخلاخيل ; قال الرافعي : ومثله إسراف الرجل في آلات الحرب ، قال : ولو اتخذ الرجل خواتيم كثيرة والمرأة خلاخيل كثيرة لتلبس الواحد منها بعد الواحد جاز على المذهب وبه قطع البغوي .
وقيل : فيه الوجهان في الثقيل وليس بشيء
[ ص: 331 ] فصل في التحلي بالفضة عادة أكثر الأصحاب ذكره في باب زكاة الذهب والفضة ، وأشار المصنف إلى بعض منه هناك والذي رأيته أن هذا الباب أنسب به .
لا سيما ، وقد ذكر المصنف والأصحاب فيه ما سبق ، قال أصحابنا : يجوز للرجل خاتم الفضة بالإجماع ، وأما ما سواه من حلي الفضة كالسوار والمدملج والطوق ونحوها فقطع الجمهور بتحريمها ; وقال المتولي والغزالي في الفتاوى : يجوز ; لأنه لم يثبت في الفضة إلا تحريم الأواني ، وتحريم التشبه بالنساء ، والصحيح الأول ; لأن في هذا تشبها بالنساء وهو حرام .
قال أصحابنا : ويجوز للرجل تحلية آلات الحرب بالفضة كالسيف والرمح وأطراف السهام والدرع والمنطقة والرانين والخفين وغيرها ; لأن فيه إرهاب العدو ، وفي تحلية السرج واللجام والشفر بالفضة وجهان : ( أصحهما ) : التحريم ونص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في البويطي في رواية الربيع وموسى بن أبي الجارود ، قال الرافعي وأجروا هذا الخلاف في الركاب وبرة الناقة من الفضة ، قال : وقطع كثيرون بتحريم قلادة الدابة من فضة ، واتفقوا على أنه لا يجوز تحلية شيء مما ذكرناه بذهب ; قال : ويحرم على المرأة تحلية آلات الحرب بالذهب والفضة ; لأن في استعمالهن ذلك تشبها بالرجال ، ويحرم عليهن التشبه ، كذا قاله الأصحاب واعترض عليهم صاحب المعتمد بأن آلات الحرب إن قلتم : يجوز للنساء لبسها بلا تحلية جاز مع التحلية ; لأنها حلال لهن ، وإن قلتم : لا يجوز بلا تحلية للتشبه بالرجال فهو باطل ; لأن التشبه مكروه وليس بحرام ، ألا ترى أن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، قال في الأم : ولا أكره للرجال لبس اللؤلؤ إلا للأدب ، وأنه من زي النساء لا للتحريم فلم يحرم زي النساء على الرجال بل كرهه فكذا عكسه ، ولأن المحاربة جائزة للنساء في الجملة ، وفي جوازها جواز لبس آلاتها [ ص: 332 ] قال الرافعي : وهذا الذي قاله صاحب المعتمد هو الحق إن شاء الله - تعالى - وليس كما قالا ، بل الصواب أن تشبه الرجال بالنساء وعكسه حرام للحديث الصحيح { nindex.php?page=hadith&LINKID=32408لعن الله المتشبهين بالنساء من الرجال ، والمتشبهات من النساء بالرجال } وأما نصه في الأم فليس مخالفا لهذا ; لأن مراده أنه من جنس زي النساء لا أنه زي لهن ، مختص بهن لازم في حقهن .
( فرع ) في استعمال الذهب والفضة في غير اللبس أما الأواني منها فحرام وسبقت تفاريعه في باب الآنية ، وسبق هناك أنه يستوي في تحريم ذلك الرجال والنساء ، ويحرم اتخاذها على الأصح ، ولا يحرم استعمال الأواني من الياقوت وسائر الجواهر النفيسة على الأصح كما سبق ، ولو حلى شاة أو غزالا أو دجاجة أو غيرها بذهب أو فضة فحرام ، ذكره الدارمي وآخرون ، وفي تحلية سكاكين المهنة وسكين المقلمة بالفضة للرجال وجهان مشهوران ( أصحهما ) : التحريم ; لأنها ليست آلة حرب ( والثاني ) : الجواز ; لأنها ليست لباسا ، والمذهب تحريمها على النساء ، وبه قطع الأكثرون ، وقيل : فيه الوجهان كالرجل حكاه الرافعي وغيره .
وفي تحلية المصحف بالفضة قولان حكاهما جماعة وجهين ( أصحهما ) : الجواز وهو نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في القديم .
وفي حرملة وغيره من الجديد إكراما للمصحف ( والثاني ) : التحريم ، وهو نصه في سير nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي من الجديد ، وفي تحليته بالذهب أربعة أوجه ( الأصح ) عند الأكثرين : جوازه في مصحف المرأة ، وتحريمه في مصحف الرجل ( الثاني ) : جوازه مطلقا ( والثالث ) : تحريمه مطلقا ( والرابع ) : تجوز حلية نفس المصحف دون غلافه المنفصل عنه وهو ضعيف .
وأما تحلية سائر الكتب بذهب أو فضة فحرام بالاتفاق ; وأما تحلية الدواة والمقلمة والمقراض بالفضة فحرام على الأصح .
وأشار الغزالي إلى طرد خلاف في سائر الكتب ، وفي تحلية الكعبة والمساجد بالذهب والفضة وتعليق قناديلها وجهان ( أصحهما ) : التحريم ; لأنه لم ينقل عن السلف مع أنه سرف ( والثاني ) : الجواز كما يجوز ستر الكعبة بالديباج بالاتفاق [ ص: 333 ] قال أصحابنا : وكل حلي حل لبعض الناس استعماله استحق صانعه الأجرة ووجب على كاسره أرشها وما لا يحل لأحد فحكم صنعته حكم صنعة الإناء ، وقد سبق وجهان في باب الآنية ( أصحهما ) : لا أجرة ولا أرش ( والثاني ) : ثبوتهما ، وهما مبنيان على جواز اتخاذه من غير استعمال والأصح تحريمه