قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( ومن لا جمعة عليه لا تجب عليه ، وإن حضر الجامع إلا المريض ومن في طريقه مطر ; لأنه إنما لم تجب عليهما للمشقة وقد زالت بالحضور ) .
( الشرح ) هذا الذي قاله المصنف ناقص يرد عليه الأعمى الذي لا يجد قائدا ، وغيره ممن سنذكره إن شاء الله - تعالى .
قال أصحابنا : إذا حضر النساء والصبيان والعبيد والمسافرون الجامع فلهم الانصراف ويصلون الظهر ، وخرج ابن القاص وجها في العبد : أنه إذا حضر لزمته الجمعة ، قال إمام الحرمين هذا الوجه غلط باتفاق الأصحاب ، وأما الأعمى الذي لا يجد قائدا فإذا حضر لزمته ولا خلاف لزوال المشقة .
وأما المريض فأطلق المصنف والأكثرون : أنه لا يجوز له الانصراف ، بل إذا حضر لزمته الجمعة ، والأولى التفصيل فإن حضر قبل دخول الوقت فله الانصراف مطلقا ، وإن كان بعد دخول الوقت وقبل إقامة الصلاة ونيتها فإن لم تلحقه زيادة مشقة بانتظارها لزمته ، وإن لحقته لم تلزمه بل له الانصراف .
وهذا التفصيل حسن واستحسنه الرافعي فقال : لا يبعد حمل كلام الأصحاب عليه قال : وألحقوا بالمرض الأعذار الملحقة به ، وقالوا : إذا حضروا لزمتهم الجمعة ، قال : ولا يبعد أن يكونوا على التفصيل أيضا إن لم يزد ضرر المعذور بالصبر إلى فراغ الجمعة لزمته ، وإن زاد فله الانصراف ويصلي الظهر في منزله ، هذا كله إذا لم يشرعوا في صلاة الجمعة ; فإن أحرم بها الذين لا تلزمهم ثم أرادوا قطعها قال في البيان : لا يجوز ذلك للمريض والمسافر ، وفي جوازه للعبد والمرأة وجهان حكاهما nindex.php?page=showalam&ids=14669الصيمري ، ولم يصحح أحدهما .
والصحيح : أنه يحرم عليهما قطعها ; لأنها انعقدت عن فرضهما فتعين إتمامها .
وقد سبق في باب التيمم ومواقيت الصلاة وغيرهما أن من دخل في الفريضة في أول وقتها حرم عليه قطعها ، نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم واتفق عليه الأصحاب إلا احتمالا لإمام الحرمين .