( الشرح ) حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=28209كان يخطب على المنبر } صحيح مشهور رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من روايات جماعات من الصحابة .
وأما حديث الحكم بن حزن فحديث حسن رواه أبو داود وغيره بأسانيد حسنة ، وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة بن جندب .
وأما حديث عثمان فرواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في صحيحه . [ ص: 398 ] ( وأما لغات الفصل وألفاظه ) فالمنبر مشتق من النبر ، وهو الارتفاع ، وقوله " تلي المستراح " هو أعلى المنبر الذي يقعد عليه الخطيب ليستريح قبل الخطبة حال الأذان ، والحكم بن حزن بفتح الحاء المهملة وإسكان الزاي ، وجندب بضم الدال وفتحها ، قوله " يكون كلامه مترسلا " قال الأزهري أي يتمهل فيه ويبينه تبيينا يفهمه سامعوه . قال وهو من قولهم : اذهب على رسلك أي على هينتك غير مستعجل ولا تتعب نفسك ، قوله " معربا " أي فصيحا ، والبغي بإسكان الغين المعجمة ، قال الأزهري : هو أن يكون رفعه صوته يحكي كلام الجبابرة والمتكبرين والمتفيهقين ، قال : ( والبغي في كلام العرب الكبر ، والبغي الضلال والبغي الفساد ، قوله التمطيط الإفراط في مد الحروف ، يقال : مط كلامه إذا مده ، فإذا أفرط فيه قيل مططه ، قوله : لو كنت تنفست ; يعني مددتها وطولتها ، قوله صلى الله عليه وسلم " مئنة " بفتح الميم بعدها همزة مكسورة ثم نون مشددة أي علامة أو دلالة على فقهه .
( وأما أحكام الفصل ) ففيه مسائل : ( إحداها ) ) أجمع العلماء على أنه يستحب كون الخطبة على منبر للأحاديث الصحيحة التي أشرنا إليها ، ولأنه أبلغ في الإعلام ، ولأن الناس إذا شاهدوا الخطيب كان أبلغ في وعظهم .
قال أصحابنا وغيرهم : ويستحب أن يكون المنبر على يمين المحراب ، أي على يمين الإمام إذا قام في المحراب مستقبل القبلة ، وهكذا العادة .
قال أصحابنا : ويستحب أن يقف على يمين المنبر ، قال أصحابنا .
( الثانية ) قال أصحابنا : يسن للإمام السلام على الناس مرتين ( إحداهما ) : عند دخوله المسجد يسلم على من هناك وعلى من عند المنبر إذا انتهى إليه .
( الثانية ) : إذا وصل أعلى المنبر وأقبل على الناس بوجهه يسلم عليهم ; لما ذكره المصنف .
قال أصحابنا : وإذا سلم لزم السامعين الرد عليه وهو فرض كفاية كالسلام في باقي المواضع ، وهذا الذي ذكرناه من استحباب السلام [ ص: 399 ] الثاني مذهبنا ومذهب الأكثرين وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=14وابن الزبير nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة : يكره .
( الرابعة ) : يستحب أن يقف على الدرجة التي تلي المستراح كما ذكره المصنف ، قال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد : فإن قيل قد روي أن nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر نزل عن موقف النبي صلى الله عليه وسلم درجة ، nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر درجة أخرى ، nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان أخرى ، ووقف nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه في موقف النبي صلى الله عليه وسلم .
قلنا : كل منهم له قصد صحيح ، وليس بعضهم حجة على بعض ، واختار nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وغيره موافقة النبي صلى الله عليه وسلم لعموم الأمر بالاقتداء به صلى الله عليه وسلم .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين والبغوي : يستحب أن يأخذه في يده اليسرى ولم يذكر الجمهور اليد التي يأخذه فيها .
وقال أصحابنا : ويستحب أن يشغل يده الأخرى بأن يضعها على حرف المنبر .
قالوا : فإن لم يجد سيفا أو عصا ونحوه سكن يديه بأن يضع اليمنى على اليسرى أو يرسلهما ولا يحركهما ولا يعبث بواحدة منهما ، والمقصود الخشوع والمنع من العبث .
( السادسة ) : يسن أن يقبل الخطيب على القوم في جميع خطبتيه ولا يلتفت في شيء منهما ، قال صاحب الحاوي وغيره : ولا يفعل ما يفعله بعض الخطباء في هذه الأزمان من الالتفات يمينا وشمالا في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيرها فإنه باطل لا أصل له ، واتفق العلماء على كراهة هذا الالتفات وهو معدود من البدع المنكرة ، وقد قال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد في تعليقه : يستحب أن يقصد قصد وجهه ، ولا يلتفت في شيء من خطبته عندنا ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : يلتفت يمينا وشمالا في بعض الخطبة كما في الأذان ، وهذا غريب لا أصل له .
قال أصحابنا : ويستحب للقوم الإقبال بوجوههم على [ ص: 400 ] الخطيب وجاءت فيه أحاديث كثيرة ولأنه الذي يقتضيه الأدب ، وهو أبلغ في الوعظ ، وهو مجمع عليه .
قال إمام الحرمين : سبب استقبالهم له واستقباله إياهم واستدباره القبلة أن يخاطبهم ، فلو استدبرهم كان قبيحا خارجا عن عرف الخطاب ، ولو وقف في آخر المسجد واستقبل القبلة فإن استدبروه كان قبيحا ; وإن استقبلوه استدبروا القبلة ; فاستدبار واحد واستقبال الجمع أولى من عكسه .
حكاه الدارمي والشاشي وغيرهما ، وهو مخالف لما قطع به ; وأن له بعض الاتجاه ، وطرد الدارمي الوجه فيما إذا استدبروه أو خالفوا هم أو هو الهيئة المشروعة بغير ذلك .
قال المتولي : ويكره الكلمات المشتركة والبعيدة عن الأفهام .
وما يكره عقول الحاضرين ، واحتج بقول nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه " حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله ورسوله ؟ " رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في أواخر كتاب العلم من صحيحه .
( التاسعة ) : يستحب تقصير الخطبة للحديث المذكور ، وحتى لا يملوها ، قال أصحابنا : ويكون قصرها معتدلا ، ولا يبالغ بحيث يمحقها .
( العاشرة ) : قال المتولي : يستحب للخطيب أن لا يحضر للجمعة إلا بعد دخول الوقت بحيث يشرع فيها أول وصوله المنبر ; لأن هذا هو المنقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا وصل المنبر صعده ولا يصلي تحية المسجد ، وتسقط هنا التحية بسبب الاشتغال بالخطبة كما تسقط في حق الحاج إذا دخل المسجد الحرام بسبب الطواف ، وقال جماعة من أصحابنا : [ ص: 401 ] تستحب له تحية المسجد ركعتان عند المنبر ، ممن ذكر هذا البندنيجي والجرجاني في التحرير وصاحبا العدة والبيان ، والمذهب أنه لا يصليها ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقل أنه صلاها ، وحكمته ما ذكرته .
ولم يذكر nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وجماهير الأصحاب التحية ، وظاهر كلامهم أنه لا يصليها ، والله أعلم .
( الحادية عشرة ) : يستحب للقوم أن يقبلوا على الخطيب مستمعين ولا يشتغلوا بغيره حتى قال أصحابنا : يكره لهم شرب الماء للتلذذ ، ولا بأس بشربه للعطش للقوم والخطيب ، هذا مذهبنا قالnindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : رخص في الشرب nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، ونهى عنه nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد .
وقال الأوزاعي : تبطل الجمعة إذا شرب ، والإمام يخطب ، واختار nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر الجواز قال : ولا أعلم حجة لمن منعه .
( الرابعة عشرة ) : قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في المختصر : وإذا حصر الإمام لقن ، قال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد والأصحاب : ونص في مواضع أخر أنه لا يلقن .
قال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب : قال أصحابنا : ليست على قولين بل على حالين ، فقوله " يلقنه " أراد إذا استعظمه التلقين بحيث سكت ولم ينطق بشيء ; وقوله " لا يلقنه " [ ص: 402 ] أراد مادام يردد الكلام ويرجو أن ينفتح عليه ; فيترك حتى ينفتح عليه ، فإن لم ينفتح لقن ; واتفق الأصحاب على أن مراد nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي هذا التفصيل وأنها ليست على قولين .