قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( ويستحب أن يدنو من الإمام لحديث أوس ، ولا يتخطى رقاب الناس لحديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ( إذا لم يكن للإمام طريق لم يكره [ له ] أن يتخطى رقاب الناس ) وإن دخل رجل وليس له موضع وبين يديه [ ص: 419 ] فرجة لا يصل إليها إلا بأن يتخطى رجلا أو رجلين لم يكره له ; لأنه يسير ، فإن كان بين يديه خلق كثير فإن رجا إذا قاموا إلى الصلاة أن يتقدموا جلس حتى يقوموا ، وإن لم يرج أن يتقدموا جاز أن يتخطى ليصل إلى الفرجة ، ولا يجوز أن يقيم رجلا من موضعه [ ليجلس فيه ] ; لما روى nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=31941لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه ، ولكن يقول : تفسحوا أو توسعوا } فإن قام رجل وأجلسه مكانه باختياره جاز له أن يجلس ، وأما صاحب الموضع فإنه إن كان الموضع الذي ينتقل إليه دون الموضع الذي كان فيه في القرب من الإمام كره له ذلك ; لأنه آثر غيره في القربة ، وإن فرش لرجل ثوب فجاء آخر لم يجلس عليه ، فإن أراد أن ينحيه ويجلس مكانه جاز ، وإن قام رجل من موضعه لحاجة فجلس رجل مكانه ثم عاد فالمستحب أن يرد الموضع إليه ; لما روى nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=10362إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به } قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : وأحب إذا نعس ووجد مجلسا لا يتخطى فيه غيره تحول إليه ; لما روى nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10618إذا نعس أحدكم في مجلسه يوم الجمعة فليتحول إلى غيره } ) .
( الشرح ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر الأول رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر الثاني " إذا نعس أحدكم " رواه أبو داود والترمذي وآخرون بأسانيدهم عن nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق صاحب المغازي عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الترمذي : هو حديث حسن صحيح .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم : هو حديث صحيح على شرط nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وأنكر nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ذلك وقال : روي مرفوعا وموقوفا ، والموقوف أصح ، هكذا قال في كتابه ( معرفة السنن والآثار ) ورواه في السنن الكبير من طريقين ، ثم قال : ولا يثبت رفع هذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم والمشهور أنه من قول nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر واقتصر nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم على روايته موقوفا بإسناده الصحيح عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، والصواب أنه موقوف كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ، وأما تصحيح الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم فغير مقبول ; لأن مداره على nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق وهما إنما روياه من روايته ، وهو مدلس معروف بذلك عند أهل الحديث ، وقد قال في روايته عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع بلفظ ( عن ) وقد أجمع العلماء من المحدثين والفقهاء والأصوليين أن المدلس إذا قال : عن لا يحتج بروايته ، nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم متساهل في التصحيح معروف عند العلماء بذلك ، والترمذي ذهل عن ذلك .
وإنما بسطت الكلام في هذا الحديث لئلا يغتر بتصحيحهما ، ولم يذكر [ ص: 420 ] الحافظ nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر في الأطراف أن الترمذي صححه ولكن تصحيحه موجود في نسخ الترمذي ، ولعل النسخ اختلفت في هذا الحديث ، كما تختلف في غيره في كتاب الترمذي غالبا .
( وقوله ) يتخطى غير مهموز ، والفرجة بضم الفاء وفتحها لغتان مشهورتان سبق بيانهما ، ويقال أيضا : فرج ومنه قوله تعالى - : ( وما لها من فروج ) جمع فرج وهو الخلو بين شيئين وقوله نعس ، بفتح العين ينعس ، بضمها .
( أما أحكام الفصل ) ففيه مسائل : ( إحداها ) : يستحب الدنو من الإمام بالإجماع لتحصيل فضيلة التقدم في الصفوف واستماع الخطبة محققا .
( الثانية ) ينهى الداخل إلى المسجد يوم الجمعة وغيره عن تخطي رقاب الناس من غير ضرورة ، وظاهر كلام المصنف وغيره أنه مكروه كراهة تنزيه لا حرام ، فإن كان إماما ، ولم يجد طريقا إلى المنبر والمحراب إلا بالتخطي لم يكره ; لأنه ضرورة نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي كما ذكره المصنف واتفق عليه الأصحاب ، وإن كان غير إمام ورأى فرجة قدامهم ، لا يصلها إلا بالتخطي قال الأصحاب : لم يكره التخطي ; لأن الجالسين وراءها مفرطون بتركها ، وسواء وجد غيرها أم لا وسواء كانت قريبة أم بعيدة لكن يستحب إن كان له موضع غيرها أن لا يتخطى ، وإن لم يكن موضع ، وكانت قريبة بحيث لا يتخطى أكثر من رجلين ونحوهما دخلها ، وإن كانت بعيدة ورجا أنهم يتقدمون إليها إذا أقيمت الصلاة يستحب أن يقعد موضعه ولا يتخطى ، وإلا فليتخط .
( فرع ) في مذاهب العلماء في التخطي قد ذكرنا أن مذهبنا أنه مكروه إلا أن يكون قدامهم فرجة لا يصلها إلا بالتخطي فلا يكره حينئذ ، وبهذا قال الأوزاعي وآخرون .
وحكى nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر كراهته مطلقا عن nindex.php?page=showalam&ids=23سلمان الفارسي nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك كراهته إذا جلس الإمام على المنبر .
ولا بأس به قبله .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : يتخطاهم إلى مجلسه وعن nindex.php?page=showalam&ids=13910أبي نصر جواز ذلك بإذنهم ، [ ص: 421 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : لا يجوز شيء من ذلك عندي .
لأن الأذى يحرم قليله وكثيره .
وهذا أذى كما جاء في الحديث الصحيح .
قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن يراه يتخطى : " اجلس فقد آذيت " .
( الثالثة ) قال أصحابنا : لا يجوز أن يقيم الداخل رجلا من موضعه ; لما ذكره المصنف .
وسواء في هذا المسجد وسائر المواضع المباحة التي يختص بها السابق قال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب وصاحب الشامل : ويجوز إقامته في ثلاث صور ، وهي أن يقعد في موضع الإمام أو طريق الناس ، ويمنعهم الاجتياز ، أو بين يدي الصف مستقبل القبلة ، قال في الشامل ، بشرط أن يضيق الموضع على الناس ، فإن اتسع تنحوا عنه يمينا وشمالا ولا ينحوه .
أما إذا قام الجالس باختياره وأجلس غيره فلا كراهة في جلوس الداخل ، وأما الجالس فإن انتقل إلى أقرب شيء إلى الإمام أو مثله لم يكره ، وإن انتقل إلى أبعد منه كره من غير عذر ، قال المصنف وغيره : ودليل كراهته أنه آثر بالقربة وهذا تصريح منهم بأن الإيثار بالقربة مكروه .
( الرابعة ) : قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأصحابنا : يجوز أن يبعث الرجل من يأخذ له موضعا يجلس فيه .
فإذا جاء الباعث تنحى المبعوث ، ويجوز أن يفرش له ثوبا ونحوه ، ثم يجيء ويصلي موضعه فإذا فرشه لم يجز لغيره أن يصلي عليه ، ولكن له أن ينحيه ويجلس مكانه ، وينبغي أن ينحيه بحيث لا يدفعه بيده ، فإن دفعه دخل في ضمانه ، ذكره صاحب البيان وغيره .
( الخامسة ) : إذا جلس في مكان من المسجد فقام لحاجة كوضوء وغيره ثم عاد فهو أحق به للحديث المذكور في الكتاب ، وفي هذا الحق وجهان ( أحدهما ) : يستحب ( الثاني ) : أن يرده إليه ولا يلزمه .
وبهذا جزم المصنف ، [ ص: 422 ] وهو ظاهر نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي " وأصحهما " يجب عليه رده إلى الأول ، صححه أصحابنا ، وجزم به جماعة لظاهر الحديث ، قال أصحابنا : وسواء ترك الأول في موضعه ثوبا ونحوه أم لا فهو أحق به في الحالين ، وسواء قام لحاجة بعد الدخول في الصلاة أو قبله ، أما إذا فارق لغير عذر فيبطل حقه بلا خلاف ، وسيأتي بسط هذه المسألة ونظائرها في إحياء الموات إن شاء الله - تعالى - .
( السادسة ) : إذا نعس في مكانه ووجد موضعا لا يتخطى فيه أحدا يستحب أن يتحول إليه ، نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، واتفقوا عليه للحديث مرفوعا كان أو موقوفا ، ولأنه سبب لزوال النعاس ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم : وإذا ثبت في موضعه وتحفظ من النعاس بوجه يراه نافيا للنعاس لم أكره بقاءه ، ولا أحب أن يتحول .
( فرع ) قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب : إذا حضر قبل صلاة الجمعة أو غيرها استحب أن يستقبل القبلة في جلوسه ، فإن استدبرها جاز ولو اتكأ أو مد رجليه أو ضيق على الناس بغير ذلك كره إلا أن يكون به علة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب : فإن كان به علة استحب أن يتحول إلى موضع لا يزاحم فيه حتى لا يؤذي ولا يتأذى .