[ ص: 427 ] قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( وإذا جلس الإمام [ على المنبر ] انقطع التنفل ، لما روي عن ثعلبة بن أبي مالك قال : " قعود الإمام يقطع السبحة ، وكلامه يقطع الكلام ، وأنهم كانوا لا يزالون يتحدثون يوم الجمعة nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر بن الخطاب رضي الله عنه جالس على المنبر ، فإذا سكت المؤذن قام nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فلم يتكلم أحد ، حتى يقضي الخطبتين ، فإذا قامت الصلاة ونزل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر تكلموا " ولأن التنفل في هذا الحال يمنع الاستماع إلى ابتداء الخطبة فكره ، فإن دخل [ رجل ] - والإمام على المنبر - صلى تحية المسجد ; لما روى nindex.php?page=showalam&ids=36جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=9816إذا جاء أحدكم والإمام يخطب فليصل ركعتين } فإن دخل والإمام في آخر الخطبة لم يصل ; لأنه تفوته أول الصلاة مع الإمام وهو فرض ، فلا يجوز أن يشتغل عنه بالنفل ) .
( الشرح ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بلفظه nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري بمعناه ، وحديث ثعلبة صحيح رواه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم بإسنادين صحيحين ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك في الموطأ بمعناه وثعلبة هذا صحابي رأى النبي صلى الله عليه وسلم .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في كتاب المعرفة : قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في القديم : فقد أخبر ثعلبة عن عامة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الهجرة أنهم كانوا يصلون نصف النهار يوم الجمعة ، ويتكلمون ، والإمام على المنبر .
وقوله " يقطع السبحة " هو بضم السين وهي النافلة ، وفي هذا الأثر فوائد : ( منها ) : جواز الصلاة حال استواء الشمس يوم الجمعة والكلام قبل الخطبة وبعدها قبل الصلاة والتنفل ما لم يقعد الإمام على المنبر ، وانقطاع النافلة بجلوسه على المنبر قبل شروعه في الأذان ، وجواز الكلام حال الأذان .
وقول المصنف ( فلا يجوز أن يشتغل عنه بالتنفل ) معناه يكره الاشتغال عنه بالتنفل ، وليس المراد تحريمه .
( أما الأحكام ) فقال أصحابنا : إذا جلس الإمام على المنبر امتنع ابتداء النافلة ، ونقلوا الإجماع فيه .
وقال صاحب الحاوي : إذا جلس الإمام على المنبر حرم على من في المسجد أن يبتدئ صلاة النافلة ، وإن كان في صلاة جلس ، [ ص: 428 ] وهذا إجماع .
هذا كلام صاحب الحاوي ، وهو صريح في تحريم الصلاة بمجرد جلوس الإمام على المنبر ، وأنه مجمع عليه .
وقال البغوي : إذا ابتدأ الخطبة لا يجوز لأحد أن يبتدئ صلاة سواء كان صلى السنة أم لا .
وقال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد : إذا جلس الإمام على المنبر انقطع التنفل ، فمن لم يكن في صلاة لم يجز له أن يبتدئها ، فإن كان في صلاة خففها ، وقال المتولي : إذا قلنا : الإنصات سنة جاز أن يشتغل بالقراءة وصلاة النفل ، وإن قلنا : الإنصات واجب حرم ذلك ، هذا كلامه والمشهور المنع من الصلاة مطلقا ، سواء أوجبنا الإنصات أم لا ، فإن خرج الإمام وهو في صلاة استحب له أن يخففها بلا خلاف ولا تبطل واتفق الأصحاب على أن النهي عن الصلاة ابتداء يدخل فيه بجلوس الإمام على المنبر ويبقى حتى يفرغ من صلاة الجمعة .
وأما قول nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني في المختصر : قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إذا زالت الشمس وجلس الإمام على المنبر وأذن المؤذن فقد انقطع الركوع ، يعني التنفل ، فقال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد والأصحاب : هذا غلط من nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني ; لأن التنفل يمتنع بمجرد جلوس الإمام ، ولا يتوقف على الأذان ، قالوا : وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم : إذا خرج الإمام وجلس على المنبر انقطع التنفل ، والله أعلم .
وأما إذا دخل داخل ، والإمام جالس على المنبر أو في أثناء الخطبة فيستحب له أن يصلي تحية المسجد ركعتين ويخففهما ويكره تركهما للحديث الصحيح { nindex.php?page=hadith&LINKID=9924إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين } وإن دخل والإمام في آخر الخطبة وغلب على ظنه أنه إن صلى التحية فاته تكبيرة الإحرام مع الإمام لم يصل التحية ، بل يقف حتى تقام الصلاة ولا يقعد لئلا يكون جالسا في المسجد قبل التحية ، وإن أمكنه الصلاة وإدراك تكبيرة الإحرام صلى التحية ، هكذا فصله المحققون ، منهم صاحب الشامل ، وأطلق البغوي وجماعة كما أطلق المصنف ، وإطلاقهم محمول على التفصيل المذكور .
قال صاحب العدة : يستحب للإمام أن يزيد في الخطبة قدرا يمكنه أن يأتي بالركعتين فيه ، وهذا موافق لنص الإمام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، فإنه قال في الأم : إذا دخل ، والإمام في آخر الكلام - ولا يمكنه صلاة ركعتين خفيفتين قبل دخول الإمام في الصلاة - فلا عليه أن يصليهما ، وأرى الإمام أن يأمره بصلاتهما ، ويزيد [ ص: 429 ] في كلامه ما يمكنه إكمالهما فيه ، فإن لم يفعل كرهت ذلك له ، ولا شيء عليه ، هذا نصه وأطبق الأصحاب عليه .
( فرع ) في مذاهب العلماء فيمن دخل المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب مذهبنا أنه يستحب له أن يصلي ركعتين تحية المسجد ويخففهما ويكره له تركهما ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=17134ومكحول nindex.php?page=showalam&ids=15985والمقبري nindex.php?page=showalam&ids=16008وسفيان بن عيينة nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور والحميدي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود وآخرون .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح nindex.php?page=showalam&ids=16097وشريح nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=15995وسعيد بن عبد العزيز : لا يصلي شيئا ، وقال أبو مجلز : إن شاء صلى وإلا فلا ، واحتجوا بحديث عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9920إذا خطب الإمام فلا صلاة ولا كلام } واحتج أصحابنا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر المذكور وهو صحيح كما سبق .
والجواب عن حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر من وجهين ( أحدهما ) : أنه غريب ( والثاني ) : لو صح لحمل على ما زاد على ركعتين جمعا بين الأحاديث .