صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( والسنة أن تصلى صلاة العيد في المصلى إذا كان مسجد البلد ضيقا لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم " { كان يخرج إلى المصلى } " ولأن الناس يكثرون في صلاة العيد ، فإذا كان المسجد ضيقا تأذوا ، فإن كان في الناس ضعفاء استخلف في مسجد البلد من يصلي بهم ، لما روي أن عليا رضي الله عنه " استخلف أبا مسعود الأنصاري رضي الله عنه ليصلي بضعفة الناس في المسجد ، وإن كان يوم مطر صلى في المسجد ، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : " { أصابنا مطر في يوم عيد فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد } " وروي أن عمر وعثمان رضي الله عنهما صليا في المسجد في المطر وإن كان المسجد واسعا فالمسجد أفضل من المصلى ; لأن الأئمة لم يزالوا [ ص: 8 ] يصلون صلاة العيد بمكة في المسجد ، ولأن المسجد أشرف وأنظف قال الشافعي رضي الله عنه : فإن كان المسجد واسعا فصلى في الصحراء فلا بأس ، وإن كان ضيقا فصلى فيه ولم يخرج إلى الصحراء كرهت ; لأنه إذا ترك المسجد وصلى في الصحراء لم يكن عليهم ضرر ، وإذا ترك الصحراء وصلى في المسجد الضيق تأذوا بالزحام وربما فات بعضهم الصلاة [ فكره ] )


( الشرح ) حديث خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى في العيدين صحيح رواه البخاري ومسلم من رواية أبي سعيد ، وروياه بمعناه من رواية جماعة آخرين من الصحابة ، وحديث استخلاف علي أبا مسعود رواه الشافعي بإسناد صحيح ، وحديث أبي هريرة رواه أبو داود بإسناد جيد ، ورواه الحاكم وقال : هو صحيح ، والضعفة بفتح الضاد والعين ، بمعنى الضعفاء وكلاهما جمع ضعيف ( أما الأحكام ) فقال أصحابنا : تجوز صلاة العيد في الصحراء ، وتجوز في المسجد فإن كان بمكة فالمسجد الحرام أفضل بلا خلاف وقد ذكره المصنف بدليله ، وإن كان بغير مكة نظر ; إن كان بيت المقدس - قال البندنيجي والصيدلاني : الصلاة في مسجده الأقصى أفضل ، ولم يتعرض الجمهور للأقصى ، وظاهر إطلاقهم أن بيت المقدس كغيره ، وإن كان في غير ذلك من البلاد ، فإن كان لهم عذر في ترك الخروج إلى الصحراء والمصلى للعيد فلا خلاف أنهم مأمورون بالصلاة في المسجد ، ومن الأعذار المطر والوحل والخوف والبرد ونحوها ، وإن لم يكن عذر وضاق المسجد فلا خلاف أن الخروج إلى الصحراء أفضل ، وإن اتسع المسجد ولم يكن عذر فوجهان ( أصحهما ) وهو المنصوص في الأم ، وبه قطع المصنف وجمهور العراقيين والبغوي وغيرهم أن صلاتها في المسجد أفضل ( والثاني ) وهو الأصح عند جماعة من الخراسانيين وقطع به جماعة منهم أن صلاتها في الصحراء أفضل " { ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم واظب عليها في الصحراء } " وأجاب الأولون عن هذا بأن المسجد كان يضيق عنهم لكثرة الخارجين إليها ، فالأصح ترجيحها في المسجد لما ذكره المصنف رحمه الله فعلى هذا إن ترك المسجد الواسع وصلى بهم في الصحراء فهو خلاف [ ص: 9 ] الأولى ولكن لا كراهة فيه ، وإن صلى في المسجد الضيق بلا عذر كره هكذا نص الشافعي رحمه الله على المسألتين كما ذكره المصنف بدليلهما قال الشافعي والأصحاب : وإذا خرج الإمام إلى الصحراء استخلف من يصلي في المسجد بالضعفة لما ذكره المصنف ، وإذا حضر النساء المصلى أو المسجد اعتزله الحيض منهن ، ووقفن عند بابه ; لحديث أم عطية المذكور بعد هذا قال أبو إسحاق المروزي والأصحاب : إذا كان هناك مطر أو غيره من الأعذار وضاق المسجد الأعظم صلى الإمام فيه واستخلف من يصلي بباقي الناس في موضع آخر ، بحيث يكون أرفق بهم

التالي السابق


الخدمات العلمية