قال المصنف رحمه الله تعالى ( ومن شرط صحة صلاة الجنازة الطهارة ، وستر العورة ; لأنها صلاة فشرط فيها الطهارة وستر العورة كسائر الصلوات ، ومن شرطها القيام واستقبال القبلة ; لأنها صلاة مفروضة فوجب فيها القيام واستقبال القبلة مع القدرة كسائر الفرائض ) .
( الشرح ) اتفقت نصوص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب على أنه يشترط لصحة صلاة الجنازة طهارة الحدث ، وطهارة النجس في البدن والثوب والمكان وستر العورة واستقبال القبلة إلا في شدة الخوف ، وأما القيام ( فالصحيح ) المشهور الذي نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وقطع به الجمهور أنه ركن لا تصح إلا به إلا في شدة الخوف ، وفيه وجهان آخران للخراسانيين : ( أحدهما ) : أنه يجوز القعود فيها مع القدرة على القيام كالنوافل ; لأنها ليست من فرائض الأعيان ، خرجوه من إباحة جنائز بتيمم واحد ( والثاني ) : إن تعينت عليه لم يصح إلا قائما ، وإلا صحت قاعدا ، وقد سبق بيان المسألة مبسوطة في باب التيمم ، قال أصحابنا : ويشترط لصحتها تقديم غسل الميت ، وهذا لا خلاف فيه . قال المتولي وغيره : حتى لو مات في بئر أو انهدم عليه معدن وتعذر إخراجه وغسله [ ص: 181 ] لم يصل عليه ، وتصح الصلاة بعد غسله قبل تكفينه ويكره . صرح به البغوي وآخرون ( فرع ) قول المصنف : ومن شرطها القيام قد ينكر عليه تسميته شرطا ، والصواب أنه ركن وفرض ، كما قال المصنف والأصحاب في سائر الصلوات وكأنه سماه شرطا مجازا لاشتراك الركن والشرط في أن الصلاة لا تصح إلا بهما ، وقد سمى nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد قراءة الفاتحة هنا شرطا وهو مجاز ، كما ذكرنا ( وقوله ) ; لأنها صلاة مفروضة احتراز من نافلة السفر ( وقوله ) : مع القدرة ، احتراز من فريضة شدة الخوف .
( فرع ) ذكرنا أن مذهبنا أن صلاة الجنازة لا تصح إلا بطهارة ، ومعناه إن تمكن من الوضوء لم تصح إلا به ، وإن عجز تيمم ، ولا يصح التيمم مع إمكان الماء وإن خاف فوت الوقت ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : يجوز التيمم لها مع وجود الماء إذا خاف فوتها إن اشتغل بالوضوء وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=15959وسالم والزهري وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=15975وسعد بن إبراهيم nindex.php?page=showalam&ids=17314ويحيى الأنصاري nindex.php?page=showalam&ids=15885وربيعة nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري والأوزاعي وإسحاق وأصحاب الرأي وهي رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وقال الشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16935ومحمد بن جرير الطبري والشيعة : يجوز صلاة الجنازة بغير طهارة مع إمكان الوضوء والتيمم ; لأنها دعاء ، قال صاحب الحاوي وغيره هذا الذي قاله الشعبي قول خرق به الإجماع ، فلا يلتفت إليه ، دليلنا على اشتراط الطهارة قول الله عز وجل { ولا تصل على أحد منهم مات أبدا } فسماه صلاة وفي الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=20851صلوا على صاحبكم } وقوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=36632من صلى على جنازة } وغير ذلك من الأحاديث الصحيحة في تسميتها صلاة وقد قال الله عز وجل { إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم } " الآية وفي الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=31850لا يقبل الله صلاة بغير طهور } ; ولأنها لما افتقرت إلى شروط الصلاة دل على أنها صلاة ، وكون معظم مقصودها الدعاء لا يخرجها عن كونها صلاة . ودليلنا على nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وموافقيه قوله تعالى { إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم } إلى قوله تعالى { فلم تجدوا ماء فتيمموا } ، وهذا عام في الصلاة [ ص: 182 ] الجنازة وغيرها ، حتى يثبت تخصيص ، وقد سبقت المسألة في باب التيمم وبالله التوفيق .