قال المصنف رحمه الله تعالى ( ويقرأ بعد التكبيرة الأولى فاتحة الكتاب ، لما روى nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ، وهي فرض من فروضها ; لأنها صلاة يجب فيها القيام ، فوجب فيها القراءة كسائر الصلوات وفي قراءة السورة وجهان : ( أحدهما ) : يقرأ سورة قصيرة ; لأن كل صلاة قرأ فيها الفاتحة قرأ فيها السورة كسائر الصلوات ( والثاني ) : لا يقرأ لأنها مبنية على الحذف والاختصار ، والسنة في قراءتها الإسرار لما روي { أن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس صلى بهم على جنازة فكبر ثم قرأ بأم القرآن فيجهر بها ، ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم فلما انصرف قال إنما جهرت بها لتعلموا أنها هكذا } " ولا فرق بين أن يصلي بالليل أو بالنهار ، وقال أبو القاسم الداركي : إن كانت الصلاة بالليل جهر فيها ; لأن لها نظيرا بالنهار يسر فيها فجهر فيها كالعشاء ، وهذا لا يصح ; لأن صلاة العشاء راتبة في وقت من الليل ولها نظير راتب في وقت من النهار يسن في نظيرها الإسرار فسن فيها الجهر وصلاة الجنازة صلاة واحدة ، ليس لها وقت تختص به من ليل أو نهار ، بل تفعل في الوقت الذي يوجد سببها ، وسننها الإسرار ، فلم يختلف فيها الليل والنهار ، وفي دعاء التوجه والتعوذ عند القراءة وجهان : قال عامة أصحابنا : لا يأتي به لأنها مبنية على الحذف والاختصار فلا تحتمل التطويل والإكثار ، وقال شيخنا nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب : يأتي به ; لأن التوجه يراد لافتتاح الصلاة والتعوذ يراد للقراءة وفي هذه الصلاة افتتاح وقراءة فوجب أن يأتي بذكرهما ) .
[ ص: 191 ] الشرح ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر سبق وذكرنا أنه ضعيف ويغني عنه في هذه المسألة حديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=12998nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما أنه صلى على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب وقال : لتعلموا أنها سنة } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بهذا اللفظ ، وقوله : سنة هو كقول الصحابي رضي الله عنه : من السنة كذا ، فيكون مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على المذهب الصحيح ، الذي قاله جمهور العلماء من أصحابنا في الأصول ، وغيرهم من الأصوليين والمحدثين . وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وغيره بإسناد حسن ، فجهر بالقراءة وقال : إنما جهرت لتعلموا أنها سنة ، يعني لتعلموا أن القراءة مأمور بها . وأما الرواية التي ذكرها المصنف عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بزيادة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرواها nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بإسناده عن غير nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من الصحابة فرواها عن nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت ، وعن رجال من الصحابة رضي الله عنهم وعن nindex.php?page=showalam&ids=131أبي أمامة بن سهل رضي الله عنهما قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=14392السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ في التكبيرة الأولى بأم القرآن مخافتة ، ثم يكبر ثلاثا ، والتسليم عند الآخرة } رواه nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي بإسناد على شرط الصحيحين ، وأبو أمامة هذا صحابي . وقول المصنف ; لأنها صلاة يجب فيها القيام ، احتراز من الطواف وسجود التلاوة والشكر ( وقوله ) : كل صلاة قرأ فيها الفاتحة ، احتراز من الطواف والسجود أيضا .
( وقوله ) : الداركي ، هو بفتح الراء ، واسمه عبد العزيز بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز تفقه على nindex.php?page=showalam&ids=11817أبي إسحاق المروزي وتفقه عليه الشيخ أبو حامد الإسفراييني وعامة شيوخ بغداد وغيرهم قال الشيخ أبو حامد : ما رأيت أفقه من الداركي توفي ليلة الجمعة لثلاث عشرة من شوال سنة خمس وسبعين وثلاثمائة وهو ابن نيف وسبعين سنة .
( أما الأحكام ) فقراءة الفاتحة فرض في صلاة الجنازة بلا خلاف عندنا والأفضل أن يقرأها بعد التكبيرة الأولى ، فإن قرأها بعد تكبيرة أخرى غير الأولى جاز ، صرح به جماعة من أصحابنا ، ونقله القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب والروياني عنهم ، قال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب في كتابه المجرد ، والروياني وغيرهما : [ ص: 192 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم : وأحب إذا كبر على الجنازة أن يقرأ بأم القرآن بعد التكبيرة الأولى ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني في الجامع قال : وأحب أن يقرأ بأم القرآن بعد التكبيرة الأولى ، قال nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب : ، وهذا يدل على أن قراءة أم القرآن مستحبة إلا أن أصحابنا قالوا : هي واجبة لا تصح صلاة إلا بها ، قال : فيجب على هذا أن يكون معنى قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : وأحب أن يكون [ القراءة ] في الأولى ، وأما أصل قراءتها فواجبة ، فرجع الاستحباب إلى موضعها ، هذا كلام القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبي الطيب وموافقيه ، وقد نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم على المسألة في موضعين ، قال في الأولى منهما في أوائل كتاب الجنائز كما نقله nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي وغيره عنه ، وقال في آخر كتاب الجنائز : ويقرأ فاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى ، وقال في مختصر nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني : يكبر ويقرأ فاتحة الكتاب ، ثم يكبر الثانية فهذا النص مع النص الثاني في الأم محتملان ; لاشتراطها في الأولى ومحتملان أن الأفضل كونها في الأولى لكن يتعين أن المراد أن الأفضل كونها في الأولى للجمع بينه وبين نصه الأول في الأم كما قاله القاضي وموافقوه .
واعلم أن عبارة المصنف هنا وفي التنبيه ، وعبارة أكثر الأصحاب أن يقرأ الفاتحة عقب التكبيرة الأولى ، وظاهره اشتراط كونها في الأولى ، لكن مجمل ما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي وموافقوه أن أصل الفاتحة واجب ، وكونها في الأولى أفضل ، وتجوز في الثانية مع إخلاء الأولى منها وقد يفهم هذا من قول المصنف في التنبيه : والواجب من ذلك النية والتكبيرات وقراءة الفاتحة ، ولم يقل وقراءتها في الأولى ولو كان يرى ذلك شرطا لقاله والله أعلم . واتفق الأصحاب على استحباب التأمين عقب الفاتحة هنا كما في سائر الصلوات وممن نقل الاتفاق عليه القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب في تعليقه . وفي قراءة السورة وجهان ذكر المصنف دليلهما ، وذكرهما مع المصنف جماعات من العراقيين والخراسانيين واتفقوا على أن الأصح أنه لا يستحب ، وبه قطع جمهور المصنفين ، ونقل إمام الحرمين إجماع العلماء عليه ، ونقله القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب في المجرد وآخرون من أصحابنا عن الأصحاب مطلقا ( والثاني ) : يستحب سورة قصيرة ، ويستدل له سوى ما ذكره المصنف بما رواه أبو يعلى [ ص: 193 ] الموصلي في كتابه نحو كراسة من مسند nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس { nindex.php?page=hadith&LINKID=22737عن طلحة بن عبد الله بن عون قال صليت خلف nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس على جنازة فقرأ فاتحة الكتاب وسورة فجهر فيها حتى سمعنا ، فلما انصرف أخذت بثوبه فسألته عن ذلك فقال : سنة وحق } إسناده صحيح والله أعلم .
( وأما ) دعاء الاستفتاح ففيه الوجهان المذكوران في الكتاب ، وذكرهما طائفة يسيرة مع المصنف واتفقوا على أن الأصح أنه لا يأتي به ومعناه أن المستحب تركه وبهذا قطع جمهور المصنفين ، وهو المنقول عن متقدمي الأصحاب كما قاله المصنف وغيره ( وأما ) التعوذ ففيه وجهان مشهوران : ( أصحهما ) : عند المصنف وأكثر العراقيين أنه لا يستحب ( وأصحهما ) : عند الخراسانيين وجماعات من العراقيين استحبابه ، وقطع به من العراقيين صاحب الحاوي ، وصححه إمام الحرمين والغزالي والبغوي والرافعي وآخرون من الخراسانيين ، وقطع به الروياني في الحلية وهو الصحيح لقول الله عز وجل { فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم } وبالقياس على غيرها مع أنه مختصر لا تطويل فيه فهو يشبه التأمين .
( وأما ) الجهر والإسرار فاتفق الأصحاب على أنه يسر بغير القراءة من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء واتفقوا على أنه يجهر بالتكبيرات والسلام ، واتفقوا أيضا على أنه يسر بالقراءة نهارا ، وفي الليل وجهان : ذكر المصنف دليلهما " أصحهما " عند جمهور الأصحاب وبه قطع جماعات منهم أنه يسر أيضا كالدعاء .
( والثاني ) : يستحب الجهر ، قاله الداركي ، وصرح به صاحبه الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد الإسفراييني وصاحباه المحاملي وسليم الرازي في الكفاية والبندنيجي nindex.php?page=showalam&ids=14922ونصر المقدسي في كتابيه التهذيب والكافي ، والصيدلاني ، وصححه القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين واستحسنه السرخسي ، والمذهب الأول ، ولا يغتر بكثرة القائلين بالجهر فهم قليلون جدا بالنسبة إلى الآخرين ، وظاهر نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في المختصر الإسرار ; ; لأنه قال : ويخفي القراءة والدعاء ، ويجهر بالتسليم ، هذا نصه ، ولم يفرق بين الليل والنهار ، ولو كانا يفترقان [ ص: 194 ] لذكره ، ويحتج له من السنة بحديث nindex.php?page=showalam&ids=131أبي أمامة بن سهل الذي ذكرناه والله أعلم .