قال المصنف رحمه الله تعالى : ( وإن مات كافر لم يصل عليه لقوله تعالى { ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ، ولا تقم على قبره } ولأن الصلاة لطلب المغفرة ، والكافر لا يغفر له ، فلا معنى للصلاة عليه ويجوز غسله وتكفينه { ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر nindex.php?page=showalam&ids=8عليا رضي الله عنه أن يغسل أباه ، وأعطى قميصه ليكفن به عبد الله بن أبي ابن سلول } فإن اختلط المسلمون بالكفار ولم يتميزوا صلوا على المسلمين بالنية ; لأن الصلاة تنصرف إلى الميت بالنية ، والاختلاط لا يؤثر في النية ) .
[ ص: 218 ] الشرح ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه ضعيف ، وحديث ابن أبي رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، وقد سبق بيان حديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه في باب غسل الميت ، وحديث ابن أبي في باب الكفن ، وأجمعوا على تحريم الصلاة على الكافر ، ويجوز غسله وتكفينه ودفنه ، وأما وجوب التكفين ففيه خلاف وتفصيل سبق واضحا في باب غسل الميت ، وتقدم هناك زيارة قبره والدعاء له ، واتباع جنازته ، وغير ذلك مما يتعلق به .
( أما ) إذا اختلط مسلمون بكفار ، ولم يتميزوا ، فقال أصحابنا : يجب غسل جميعهم وتكفينهم والصلاة عليهم ، ودفنهم ، ولا خلاف في شيء من هذا ; لأن هذه الأمور واجبة في المسلمين وهؤلاء فيهم مسلمون ، ولا يتوصل إلى أداء الواجب إلا باستيعاب الجميع ، فوجب ذلك ، ولا فرق عندنا أن يكون عدد المسلمين أكثر أو أقل حتى لو اختلط مسلم بمائة كافر وجب غسل الجميع وتكفينهم والصلاة عليهم ودفنهم وأما المقبرة التي يدفنون فيها فسيأتي بيانها في باب حمل الجنازة إن شاء الله . قال أصحابنا رحمهم الله : وهو مخير في كيفية الصلاة ، فإن شاء أفرد كل واحد من الجميع بصلاة وينوي الصلاة عليه إن كان مسلما ، قال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين والبغوي وغيرهما : ويقول في الدعاء : اللهم اغفر له إن كان مسلما ، قال أصحابنا ويعذر في تردد النية للضرورة ، كمن نسي صلاة من الخمس يصليهن ويعذر في تردد النية وإن شاء صلى على الجميع صلاة واحدة وينوي الصلاة على المسلمين من هؤلاء ، وهذه الكيفية الثانية أولى ; لأنه ليس فيها صلاة على كافر حقيقة ، واتفق الأصحاب على أنه مخير بين الكيفيتين . وممن صرح بذلك القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين والبغوي وصاحب البيان والرافعي وآخرون وقطع المحاملي في كتبه والماوردي والمصنف في التنبيه وآخرون بالكيفية الأولى . وقطع البندنيجي والقاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب في المجرد وابن الصباغ وآخرون بالكيفية الثانية ، ونقلها nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وليس هذا اختلافا بالاتفاق ، بل منهم من صرح بالجائزين ومنهم من اقتصر على أحدهما ولم ينف الآخر . قال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب في المجرد ، قال أصحابنا : وكذا لو اختلط الشهيد [ ص: 219 ] بغيره غسل الجميع وصلي عليهم ، ونوي بالصلاة غير الشهيد . قال القاضي : ولو ماتت نصرانية وفي بطنها ولد مسلم وقد تحقق ذلك فإن قلنا بالقديم : إن السقط الذي لم يستهل يصلى عليه ؟ صلي عليه ونوي بالصلاة الولد الذي في جوفها . والله أعلم .
( فرع ) قد ذكرنا جواز الصلاة على كل واحد من المختلطين مفردا ، وهذا تعليق للنية احتملناه للحاجة ، ويجوز التعليق أيضا في الزكاة والصوم والحج في بعض الصور ، فصورته في الزكاة أن يقول : نويت هذا عن زكاة مالي الغائب إن كان غائبا وإلا فعن الحاضر ، وفي الصوم أن ينوي ليلة الثلاثين من رمضان صوم غد إن كان من رمضان ، وفي الحج أن ينوي إحراما كإحرام زيد .
( فرع ) في مذاهب العلماء في اختلاط المسلمين بالكفار الموتى إذا لم يتميزوا ذكرنا أن مذهبنا وجوب غسل الجميع والصلاة عليهم ، سواء كان عدد المسلمين أقل أو أكثر ، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد بن الحسن : إن كان عدد المسلمين ، أكثر صلي على الجميع ، وإن كان عدد الكفار أكثر أو استوى العددان لم يصل ، ; لأنه اختلط من تحرم الصلاة عليه بغيره ، فغلب التحريم ، كما لو اختلطت أخته بأجنبية حرم نكاحها . واحتج أصحابنا بأن الصلاة على المسلمين واجبة ولا يمكن إلا بالصلاة على الجميع فوجب ذلك ; لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وقياسا على ما إذا كان عدد المسلمين أكثر ، وقولهم " اختلط الحرام بغيره " ينتقض بما إذا زاد عدد المسلمين وقياسهم على اختلاط أخته بأجنبية ينتقض باختلاطها بعدد غير محصور ، فإنه يتزوج واحدة من غير اجتهاد والله أعلم .
( فرع ) ذكر المتولي في أول كتاب الصيام أنه لو مات ذمي فشهد عدل بأنه أسلم قبل موته ولم يشهد غيره لم يحكم بشهادته في توريث قريبه المسلم منه ، ولا حرمان قريبه الكافر بلا خلاف ، وهل تقبل شهادته في الصلاة عليه ؟ فيه وجهان : بناء على القولين في ثبوت هلال رمضان بقول عدل واحد .