( والثاني ) : أنه لا يغسل ولا يصلى عليه ; لأنه قتل في حرب هو فيه على الحق وقاتله على الباطل ، فأشبه المقتول في معركة الكفار ، ومن قتله قطاع الطريق من أهل القافلة ففيه وجهان : ( أحدهما ) : أنه يغسل ويصلى عليه ( والثاني ) : لا يغسل ولا يصلى عليه لما ذكرناه في أهل العدل ) .
( الشرح ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري رحمه الله ، وأما حديث حنظلة بن الراهب وأن الملائكة غسلته لما كان جنبا واستشهد ، فرواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بإسناد جيد من رواية nindex.php?page=showalam&ids=14عبد الله بن الزبير متصلا ، ورواه مرسلا من رواية عباد بن عبد الله بن الزبير ورواية nindex.php?page=showalam&ids=14عبد الله بن الزبير ، لهذا يكون مرسل صحابي رضي الله عنه فإنه ولد قبل سنتين فقط ، وهذه القصة كانت بأحد ، ومرسل الصحابي حجة على الصحيح ، والله أعلم . وأما الشهيد فسمي بذلك لأوجه سبق بيانها في باب السواك . وقوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رضي الله عنه " ولم يصل عليهم " هو بفتح اللام . قوله : " سمع هيعة " بفتح الهاء وإسكان الياء ، وهي الصوت الذي يفزع منه . قوله " طهارة عن حدث فسقط حكمها بالشهادة " احتراز من طهارة النجس ، فإنه يجب إزالتها على المذهب كما سنوضحه إن شاء الله تعالى . قوله " ; لأنه [ ص: 221 ] مسلم قتل بحق فلم يسقط غسله ، فيه احتراز ممن قتله الكفار فهو شهيد . قوله : " قتله اللصوص " هو بضم اللام ، جمع لص بكسرها كحمل وحمول .
( أما حكم الفصل ) ففيه مسائل : ( إحداها ) : الشهيد لا يجوز غسله ولا الصلاة عليه وقال nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني رحمه الله يصلى عليه . وحكى إمام الحرمين والبغوي وغيرهما وجها أنه تجوز الصلاة عليه ولا تجب ولا يغسل . وقال الرافعي رحمه الله : الغسل إن أدى إلى إزالة الدم حرام بلا خلاف ، وإلا فحرام على المذهب ، وقيل في تحريمه الخلاف الذي في الصلاة ، ، والمذهب ما سبق من الجزم بتحريم الصلاة والغسل جميعا ، ودليله حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر مع ما سنذكره في فرع مذاهب العلماء إن شاء الله تعالى . ( الثانية ) يثبت حكم الشهادة فيما ذكرناه للرجل والمرأة والعبد والصبي والصالح والفاسق .
( الثالثة ) : الشهيد الذي لا يغسل ولا يصلى عليه هو من مات بسبب قتال الكفار حال قيام القتال ، سواء قتله كافر ، أو أصابه سلاح مسلم خطأ أو عاد إليه سلاح نفسه أو سقط عن فرسه أو رمحته دابة فمات أو وطئته دواب المسلمين أو غيرهم أو أصابه سهم لا يعرف هل رمى به مسلم أم كافر ، أو وجد قتيلا عند انكشاف الحرب ولم يعلم سبب موته ، سواء كان عليه أثر دم أم لا ، وسواء مات في الحال أم بقي زمنا ثم مات بذلك السبب قبل انقضاء الحرب ، وسواء أكل وشرب ووصى أم لم يفعل شيئا من ذلك ، وهذا كله متفق عليه عندنا ، نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب ، ولا خلاف فيه إلا وجها شاذا مردودا حكاه الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=14048أبو محمد الجويني في الفروق أن من رجع إليه سلاحه أو وطئته دابة مسلم أو مشرك أو تردى في بئر حال القتال ونحوه ليس بشهيد ، بل يغسل ويصلى عليه والصواب الأول . أما إذا مات في معترك الكفار لا بسبب قتالهم ، بل فجأة أو بمرض فطريقان : المذهب أنه ليس بشهيد ، وبه قطع الماوردي والقاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين والبغوي وآخرون والثاني فيه وجهان : ( أحدهما ) : شهيد وأصحهما ليس بشهيد ، حكاه إمام الحرمين وآخرون ، قال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين والبغوي . رحمهم الله : [ ص: 222 ] وكذا لو قتله مسلم عمدا أو رمى إلى صيد فأصابه في حال القتال ومات بعد انقضائه ، فإن قطع بموته من تلك الجراحة وبقي فيه بعد انقضاء الحرب حياة مستقرة فقولان مشهوران
( أصحهما ) : ليس بشهيد ، سواء في جريان القولين أكل وشرب وصلى وتكلم أم لا ، وسواء طال الزمان أم لا ، هذا هو المشهور ، وقيل : إن مات عن قرب فقولان ، وإن طال الزمان فليس بشهيد قطعا ، أما إذا انقضت الحرب وليس فيه إلا حركة مذبوح فهو شهيد بلا خلاف ; لأنه في حكم الميت ، وإن انقضت وهو متوقع الحياة فليس بشهيد بلا خلاف .
( الرابعة ) إذا قتل أهل العدل إنسانا من أهل البغي في حال القتال غسل وصلي عليه بلا خلاف ، وإن قتل أهل البغي عادلا فقولان مشهوران ، أصحهما يغسل ويصلى عليه كعكسه ، قال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد والمحاملي في كتابيه وابن الصباغ : هذا هو المنصوص عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في القديم والجديد ( والثاني ) : نص عليه في قتال أهل البغي لا يغسل ولا يصلى عليه ; لأنه مقتول في حرب مبطلين فأشبه الكفار .
( الخامسة ) : من قتله قطاع الطريق فيه طريقان : حكاهما إمام الحرمين وآخرون وأحدهما : ليس بشهيد قطعا ، وبه قطع جماعة ( وأصحهما ) : وبه قطع المصنف والأكثرون فيه وجهان : ( أصحهما ) : باتفاقهم ليس بشهيد ( والثاني ) : شهيد أما من قتله اللصوص ففيه طريقان : أصحهما وبه قطع المصنف والماوردي وآخرون ليس بشهيد قطعا .
( والثاني ) : أنه كمن قتله قطاع الطريق فيكون فيه الطريقان .
( السابعة ) : لو استشهد جنب فوجهان : ( أصحهما ) : باتفاق المصنفين يحرم غسله وبه قال جمهور أصحابنا المتقدمين ; لأنها طهارة حدث فلم يجز كغسل الموت ( والثاني ) : وبه قال ابن سريج nindex.php?page=showalam&ids=12535وابن أبي هريرة : يجب غسله بسبب شهادة الجنابة ، والخلاف إنما هو في غسله عن الجنابة ، ولا خلاف أنه لا يغسل بنية غسل الموت ، قال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب والمحاملي والماوردي والعبدري والرافعي وخلائق من الأصحاب : لا خلاف أنه لا يصلى عليه وإن غسلناه ( قلت : ) وقد سبق وجه شاذ أنه يصلى على كل شهيد ، فيجيء هنا ، ما إذا استشهدت منقطعة الحيض قبل اغتسالها فهي كالجنب ، وإن استشهدت في أثناء الحيض - فإن قلنا الجنب لا يغسل - فهي أولى ، وإلا فوجهان حكاهما صاحب البحر ، بناء على أن غسل الحائض يجب برؤية الدم أم بانقطاعه أم بهما ؟ وفيه أوجه : سبقت في باب ما يوجب الغسل . فإن قلنا برؤيته فهي كالجنب وإلا فلا تغسل قطعا وهو الأصح ، وقد أشار القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب والشيخ nindex.php?page=showalam&ids=14922نصر المقدسي إلى الجزم بأنها لا تغسل بالاتفاق وجعلاه إلزاما لابن سريج .
( فرع ) لو أصابت الشهيد نجاسة لا بسبب الشهادة فثلاثة أوجه حكاها الخراسانيون وبعض العراقيين ( أصحهما ) : باتفاقهم ، وبه قطع الماوردي والقاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين والجرجاني والبغوي وآخرون يجب غسلها ; لأنها ليست من آثار الشهادة ( والثاني ) : لا يجوز ( والثالث ) : إن أدى غسلها إلى إزالة دم الشهادة لم تغسل وإلا غسلت ، وممن ذكر هذا الثالث إمام الحرمين والغزالي والرافعي .
( فرع ) ذكر المصنف حديث حنظلة بن الراهب وغسل الملائكة له حين استشهد جنبا ، وذكرنا أنه حديث ضعيف ، قال أصحابنا رحمهم الله : ولو ثبت فالجواب عنه أن الغسل لو كان واجبا لما سقط بفعل الملائكة ولأمر النبي صلى الله عليه وسلم بغسله ، ولهذا احتج القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين والبغوي بهذا الحديث لترك الغسل ، وهذا الجواب مشهور في كتب الأصحاب وقال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب قال ابن سريج ردا لهذا الجواب : فينبغي أن يجب تكفينه لو كفنته الملائكة بالسندس ، قال القاضي : والجواب أنا لو شاهدنا تكفينه [ ص: 224 ] وستر عورته لم نزد على ذلك ; لأن المقصود ستره وقد حصل ، وأما الغسل فالمطلوب منه تعبد الآدمي به ، وذكر الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=14922نصر المقدسي نحو هذا ، وأما المصنف فقال في كتابه : لو صلت عليه الملائكة أو كفنته في السندس لم يكتف به والله أعلم .
وفي صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري رحمه الله أن nindex.php?page=showalam&ids=104مصعب بن عمير رضي الله عنه قتل يوم أحد فلم يوجد ما يكفن فيه إلا بردة ، وقتل nindex.php?page=showalam&ids=135حمزة رضي الله عنه فلم يوجد ما يكفن فيه إلا بردة .
( التاسعة ) : الشهداء الذين لم يموتوا بسبب حرب الكفار كالمبطون والمطعون والغريق وصاحب الهدم والغريب والميتة في الطلق ومن قتله مسلم أو ذمي أو مات في غير حال القتال وشبههم ، فهؤلاء يغسلون ويصلى عليهم بلا خلاف ، قال أصحابنا رحمهم الله : ولفظ الشهادة الواردة فيه المراد به أنهم شهداء في ثواب الآخرة لا في ترك الغسل والصلاة .
[ ص: 225 ] واعلم أن الشهداء ثلاثة أقسام : ( أحدها ) : شهيد في حكم الدنيا ، وهو ترك الغسل والصلاة ، وفي حكم الآخرة بمعنى أن له ثوابا خاصا ، وهم أحياء عند ربهم يرزقون ، وهذا هو الذي مات بسبب من أسباب قتال الكفار قبل انقضاء الحرب وسبق تفصيله ( والثاني ) : شهيد في الآخرة دون الدنيا ، وهو المبطون والمطعون والغريق وأشباههم ( والثالث ) : شهيد في الدنيا دون الآخرة ، وهو المقتول في حرب الكفار ، وقد غل من الغنيمة ، أو قتل مدبرا ، أو قاتل رياء ، ونحوه فله حكم الشهداء في الدنيا دون الآخرة ، والدليل ، للقسم الثاني أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان nindex.php?page=showalam&ids=8وعليا رضي الله عنهم غسلوا وصلي عليهم بالاتفاق ، واتفقوا على أنهم شهداء والله أعلم .
( العاشرة ) : في حكمة ترك غسل الشهيد والصلاة عليه . قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم : لعل ترك الغسل والصلاة لأن يلقوا الله بكلومهم ، لما جاء أن ريح دمهم ريح المسك ; واستغنوا بإكرام الله لهم عن الصلاة عليهم ، مع التخفيف على من بقي من المسلمين ، لما يكون فيمن قاتل في الزحف من الجراحات ، وخوف عودة العدو ، ورجاء طلبهم وهمهم بأهلهم ، وهم أهليهم بهم والله أعلم .
( فرع ) ( في مذاهب العلماء في غسل الشهيد والصلاة عليه ) قد ذكرنا أن مذهبنا تحريمها ، وبه قال جمهور العلماء ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي وسليمان بن موسى nindex.php?page=showalam&ids=17314ويحيى الأنصاري nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وحماد nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك وتابعيه من أهل المدينة ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر . وقال nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري : يغسل ويصلى عليه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=15215والمزني : يصلى عليه ولا يغسل . واحتج nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة بأحاديث أن { nindex.php?page=hadith&LINKID=15488النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد ، وصلى على nindex.php?page=showalam&ids=135حمزة صلوات } .
( وأما ) الأحاديث التي احتج بها القائلون في الصلاة فاتفق أهل الحديث على ضعفها كلها إلا حديث nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر ، والضعف فيها بين ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وغيره وأقرب ما روي حديث أبي مالك ، وهو مرسل ، وكذا حديث شداد مرسل أيضا فإنهما تابعان . وأما حديث عقبة فأجاب أصحابنا وغيرهم بأن المراد من الصلاة هنا الدعاء .
( وقوله ) : صلاته على الميت . أي : دعا لهم كدعاء صلاة الميت ، وهذا التأويل لا بد منه ، وليس المراد صلاة الجنازة المعروفة بالإجماع ; لأنه صلى الله عليه وسلم إنما فعله عند موته بعد دفنهم بثمان سنين ، ولو كان صلاة الجنازة المعروفة لما أخرها ثمان سنين ، ودليل آخر وهو أنه لا يجوز أن يكون المراد صلاة الجنازة بالإجماع ; لأن عندنا لا يصلى على الشهيد ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله يصلى على القبر بعد ثلاثة أيام ، فوجب تأويل الحديث ; ولأن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة لا يقبل خبر الواحد فيما تعم به البلوى ، ، وهذا منها والله أعلم .
( فإن قيل ) : ما ذكرتموه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر لا يحتج به ; لأنه نفي وشهادة النفي مردودة مع ما عارضها من رواية الإثبات ( فأجاب أصحابنا ) بأن شهادة [ ص: 227 ] النفي إنما ترد إذا لم يحط بها علم الشاهد ، ولم تكن محصورة ( أما ) ما أحاط به علمه وكان محصورا فيقبل بالاتفاق ، وهذه قصة معينة أحاط بها nindex.php?page=showalam&ids=36جابر وغيره علما ، وأما رواية الإثبات فضعيفة فوجودها كالعدم إلا حديث عقبة وقد أجبنا عنه ، واشتد إنكار nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم وتشنيعه على من يقول : يصلى على الشهيد ، محتجا برواية الشعبي وغيره : " أن nindex.php?page=showalam&ids=135حمزة رضي الله عنه صلي عليه سبعون صلاة ، وكان يؤتى بتسعة من القتلى nindex.php?page=showalam&ids=135وحمزة عاشرهم فيصلى عليهم ، ثم يرفعون nindex.php?page=showalam&ids=135وحمزة مكانه ، ثم يؤتى بتسعة آخرين فيصلى عليهم وعلى nindex.php?page=showalam&ids=135حمزة حتى صلي عليه سبعون صلاة " . قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله : وشهداء أحد اثنان وسبعون شهيدا فإذا صلى عليهم عشرة فالصواب أن لا يكون أكثر من سبع صلوات أو ثمان على أنه صلى على كل تسعة مع nindex.php?page=showalam&ids=135حمزة صلاة ، فهذه سبع فمن أين جاءت سبعون صلاة ؟ وإن عنى أنه كبر سبعين تكبيرة فنحن وهم نقول : التكبير أربع فهي ست وثلاثون تكبيرة .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله : ينبغي لمن روى هذا الحديث أن يستحيي على نفسه وقد كان ينبغي له أن لا يعارض به الأحاديث فقد جاءت من وجوه متواترة أن النبي صلى الله عليه وسلم " لم يصل عليهم " هذا آخر كلام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله . وقال إمام الحرمين في الأساليب : معتمدنا في المسألة الأحاديث الصحيحة أنه لم يصل عليهم ، ولم يغسلوا .
( وأما ) ما ذكروه من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على شهداء أحد فخطأ لم يصححه الأئمة ; لأنهم رووا أنه كان يؤتى بعشرة عشرة nindex.php?page=showalam&ids=135وحمزة أحدهم فصلى على nindex.php?page=showalam&ids=135حمزة سبعين صلاة ، وهذا غلط ظاهر ; لأن الشهداء سبعون ، وإنما يخص nindex.php?page=showalam&ids=135حمزة سبعين صلاة لو كانوا سبعمائة ، ثم عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله إذا صلي على الميت لم يصل عليه مرة أخرى ، وبالاتفاق منا ومنه ، فإن من صلى مرة لا يصلي هو ثانية ; ولأن الغسل لا يجوز عندنا وعندهم ، وهو شرط في الصلاة على غير الشهداء ، فوجب أن لا تجوز الصلاة على الشهيد بلا غسل .
( فإن قالوا ) سبب ترك الغسل بقاء أثر الشهادة لقوله صلى الله عليه وسلم " زملوهم بكلومهم " فظهر سبب ترك الغسل وبقيت الصلاة مشروعة [ ص: 228 ] كما كانت ( فالجواب ) أنه لو كان المعتبر بقاء الدم لوجب أن يغسل من قتل في المعترك خنقا أو بمثقل ، ولم يظهر دم ; ولأنه لو كان المراد بقاء الدم ليمم ، قال : وليس معنى الحديث ترك الغسل بسبب ، وإنما المراد نفي توهم من يظن أن الغسل متعين لإزالة الأذى ، فقال صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=19779 : زملوهم وادفنوهم بدمائهم ولا تهتموا بإزالتها عنهم ، فإنهم يبعثون يوم القيامة وعليهم الدماء } قال : والذي يوضح هذا أنا نقطع بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد أن الدماء التي يدفنون بها تبقى إلى يوم القيامة ، فثبت بما ذكرناه بطلان قولهم : إن ترك الغسل للدم ، فيجب أن يقال الشهادة تطهير للمقتول عن الذنوب فيغني عن التطهير بالماء ، وهذا يقتضي ترك الصلاة أيضا ، فإنها شرعت لتطهيره بشفاعة المصلين .
( فإن قيل : ) الصبي طاهر ويصلى عليه ( قلنا ) : الشهادة أمر طارئ يقتضي رتبة عظيمة وتمحيصا ، فلا يبعد أن يقال : إنه مغن عن الغسل والصلاة ، والصبي - وإن لم يكن مكلفا - فلم يطرأ عليه ما يقتضي مرتبة ، والطريقة السديدة عندنا في ترك الغسل أنه غير معلل ; لأنا أبطلنا عليهم ، وما ذكرنا من التطهير ربما لا يستقيم على السير كما ينبغي ، فنقول إذا امتنع الغسل وبدله فهو كحي لم يجد ماء ولا ترابا ، فإنه لا يصلي الفرض عندهم والله أعلم .
( فرع ) في مذاهبهم في الصبي إذا استشهد مذهبنا أنه لا يغسل ولا يصلى عليه ، وبه قال الجمهور وحكاه العبدري عن أكثر الفقهاء ، منهم nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=11956أبي ثور واختاره ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : يغسل ويصلى عليه . دليلنا أنه مسلم قتل في معترك المشركين بسبب قتالهم فأشبه البالغ والمرأة . واحتج بأنه لا ذنب له . قلنا : يغسل ويصلى عليه في غير المعترك ، وإن لم يكن من أهل الذنب .
( فرع ) إذا رفسته دابة في حرب المشركين أو عاد عليه سلاحه أو تردى من جبل أو في بئر حال مطاردته فقد ذكرنا أن مذهبنا أنه لا يغسل ولا يصلى عليه وكذا لو وجد ميتا ولا أثر عليه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد : يغسل ويصلى عليه دليلنا ما سبق في الفرع قبله . [ ص: 229 ] فرع ) في مذاهبهم في كفن الشهيد مذهبنا أنه يزال ما عليه من حديد وجلود وجبة محشوة وكل ما ليس في عام لباس الناس : ثم وليه بالخيار إن شاء كفنه بما بقي عليه ، مما هو من عام لباس الناس ، وإن شاء نزعه وكفنه بغيره وتركه أفضل كما سبق . وقال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد : لا ينزع عنه فرو ولا خف ولا محشو ولا يخير وليه في نزع شيء ، ولأصحاب nindex.php?page=showalam&ids=15858داود خلاف كالمذهبين ، وأجمع العلماء على أن الحديد والجلود ينزع عنه ، وسبق دليلنا والأحاديث الواردة في ذلك .
( فرع ) المقتول ظلما في البلد بحديد أو غيره ، يغسل ويصلى عليه عندنا ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وصاحباه : إذا قتل بحديدة صلي عليه ولم يغسل . دليلنا القياس على القتل بمثقل ، فقد أجمعنا أنه يغسل ويصلى عليه ، وقال ابن سريج nindex.php?page=showalam&ids=12535وابن أبي هريرة : يغسل ولا يصلى عليه ، وسبق دليل الجميع .
( فرع ) إذا انكشفت الحرب عن قتيل مسلم لم يغسل ولم يصل عليه عندنا سواء كان به أثر أم لا ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد : إن لم يكن به أثر غسل وصلي عليه .
( فرع ) مذهبنا الصلاة على المقتول من البغاة ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : لا يغسلون ولا يصلى عليهم . وقال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك : لا يصلي عليهم الإمام وأهل الفضل .
( فرع ) إذا قتلت البغاة رجلا من أهل العدل فالأصح عندنا أنه يجب غسله والصلاة عليه ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : لا يغسل ولا يصلى عليه ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد روايتان كالمذهبين .
( فرع ) القتيل بحق في حد زنا أو قصاص يغسل ويصلى عليه عندنا وذلك واجب ، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر بن عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي والأوزاعي وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور وأصحاب الرأي ، وقال [ ص: 230 ] الزهري : يصلى على المقتول قصاصا دون المرجوم ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك رحمه الله : لا يصلي الإمام على واحد منهما ، وتصلي عليه الرعية .
( فرع ) من قتل نفسه أو غل في الغنيمة يغسل ويصلى عليه عندنا ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : لا يصلي عليهما الإمام وتصلي بقية الناس .
( فرع ) مذهبنا وجوب غسل ولد الزنا والصلاة عليه ، وبه قال جمهور العلماء وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن أكثر العلماء ، قال : وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي والزهري nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : لا يصلى عليه .
( فرع في الإشارة إلى دلائل المسائل السابقة ) ثبت في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم رحمه الله من رواية nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين nindex.php?page=showalam&ids=134وبريدة أن { nindex.php?page=hadith&LINKID=15485النبي صلى الله عليه وسلم صلى على المرجومة في الزنا } وثبت في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من رواية nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رضي الله عنه { أنه صلى الله عليه وسلم صلى على ماعز بعد أن رجمه } وفي غير nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " أنه لم يصل عليه " وفي nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة { nindex.php?page=hadith&LINKID=5261أن رجلا قتل نفسه فلم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم } وروى nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي بإسنادهما الصحيح عن مكحول عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=20845صلوا خلف كل بر وفاجر وصلوا على كل بر وفاجر وجاهدوا مع كل بر وفاجر } قالا : هذا منقطع ، فلم يدرك مكحول nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة رضي الله عنه قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : قد روي في الصلاة على كل بر وفاجر ، وعلى من قال لا إله إلا الله أحاديث كلها ضعيفة غاية الضعف ، قال : وأصح ما فيه هذا المرسل والله أعلم .
( فرع ) في مسائل تتعلق بالباب ( إحداها ) : إذا قتلنا تارك الصلاة غسل وكفن وصلي عليه ودفن في مقابر المسلمين ورفع قبره كغيره كما يفعل بسائر أصحاب الكبائر . هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور ، وفيه وجه حكاه الخراسانيون عنأبي العباس بن القاص صاحب التلخيص أنه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ، ويطمس قبره [ ص: 231 ] تغليظا عليه ، وتحذيرا من حاله ، وهذا ضعيف والله أعلم .
وأما قاطع الطريق فيبنى أمره على صفة قتله وصلبه ، وفيه قولان : مشهوران في باب حد قاطع الطريق ، الصحيح أنه يقتل ، ثم يغسل ويصلى عليه ، ثم يصلب مكفنا ( والثاني ) : يصلب حيا ثم يقتل ، وهل ينزل بعد ثلاثة أيام أم يبقى حتى يتهرى ؟ فيه وجهان : ، إن قلنا بالأول ، أنزل فغسل وصلي عليه ، وإن قلنا بالثاني لم يغسل ولم يصل عليه . قال إمام الحرمين : وكان لا يمتنع أن يقتل مصلوبا ، وينزل ويغسل ويصلى عليه ثم يرد ولكن لم يذهب إليه أحد . وقال بعض أصحابنا : لا يغسل ولا يصلى عليه على كل قول .
( الثانية ) : قال صاحب البحر رحمه الله : لو صلي على الأموات الذين ماتوا في يومه وغسلوا في البلد الفلاني ولا يعرف عددهم جاز ( قلت : ) لا حاجة إلى التخصيص ببلد معين ، بل لو صلي على أموات المسلمين في أقطار الأرض الذين ماتوا في يومه ممن تجوز الصلاة عليهم جاز وكان حسنا مستحبا ; لأن الصلاة على الغائب صحيحة عندنا ، ومعرفة أعيان الموتى وأعدادهم ليست شرطا ، والله أعلم .
( الثالثة ) : تكره الصلاة على الجنازة في المقبرة بين القبور . هذا مذهبنا وبه قال جمهور العلماء وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور قال : وبه أقول ، ولم يكرها nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز . وعن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك ، روايتان كالمذهبين .